خبر والمسيرة السلمية – ماذا سيكون عنها؟ .. اسرائيل اليوم

الساعة 10:32 ص|06 مارس 2013

بقلم: درور إدار

(المضمون: الانتقاد الموجه للحكومة الحالية لعدم تحريكها المسيرة السلمية مدحوض وناكر للجميل لأن سفينة اسرائيل على مدى اربع سنوات شقت طريقها في البحر العاصف دون ان تُصاب بأذى - المصدر).

"في السنوات الاربعة الاخيرة لم يتم شيء". هذا هو السطر الاخير الذي يتفق عليه تماما المحللون بالنسبة للولاية الاخيرة للحكومة المنصرفة. "الجميع" موضع الحديث يقصدون ما يسمى "المسيرة السياسية".

نرى سفينة صغيرة تشق طريقها في مياه عاصفة وأمواج هوجاء. في كل لحظة تهدد الأمواج الهائلة بتفكيكها. ولكن السفينة تواصل السير وفي داخلها، وهذا هو العجب – حياة كاملة تعج، ابداع وثقافة وعلم وتوراة، بل وحتى زمن للجدالات والمظاهرات. ليس يوما وليس شهرين – بل أكثر من اربع سنوات تشق السفينة طريقها بثقة في المياه العاصفة. اذا دخلنا احدى الحجرات اليسارية سنسمع شكاوى حادة ضد القبطان، الذي لاربع سنوات "لم يفعل شيئا". فضلا عن العمى والتبطل، يوجد هنا قدر كبير من نكران الجميل، أليس كذلك؟.

هذا العمى يسعى الى جرفنا في اتجاه مكرر على نحو خاص من شأنه لا سمح الله ان يحطم السفينة الصهيونية على صخور الواقع إذ نحن ملزمون "بالتقدم"، فكم ممكنا الاهتزاز في البحر؟ هذا وضع يأس – اليأس من الحلم الصهيوني الذي يدفعنا نحو عناق كل يابسة تلوح في الأفق حتى لو كانت تنطوي على خطر وجودي. وضع اليأس يؤدي الى كراهية الطلائع الذين يقفون في مقدمة السفينة إذ لولاهم، لكنا منذ زمن بعيد نزلنا على يابسة ما.

***

اليسار الاسرائيلي، الذي هاجم يئير لبيد قبل الانتخابات، يهاجمه الآن على ارتباطه بنفتالي بينيت. أنتم تعرفون، المستوطنين. يمكن أن نرى في ذلك اسقاطا للكراهية الذاتية على الآخر المطلق. فالمستوطنون هم صورة مرآة اليسار الاسرائيلي ولهذا فانهم يهددونه. "المستوطنون كرّهوا أنفسهم على الكثير من الشباب" احتج الاسبوع الماضي آري شبيط، "فقد دفعوهم للشعور بأن المستوطنين هم أخوة". شيء فاسد حصل لشبيط في السنة الاخيرة – لقد فقد بوصلته تماما.

اذا كان ثمة أمل في آخرتنا حيال التهديد العربي والاسلامي علينا في قطعة الارض الصغيرة هذه، فهو يكمن في هؤلاء الأخوة، طلائع عصرنا. فالمستوطنون يواصلون مشروع الاستيطان الصهيوني، من تأسيس بيتح تكفا، عبر مئات النقاط الاستيطانية المنعزلة التي أُقيمت قبل اقامة الدولة وحتى عصرنا. هذا هو الحائط الحديدي الجابوتنسكي – فأمنية العرب في اقتلاعنا من بلادنا ستخيب فقط حين يفهموا بأننا عدنا الى الديار ونحن نتمسك بأرض هذه البلاد، بالضبط مثلهم بل وأكثر. المستوطنون يعلمون جيراننا بأننا نحن ايضا نعرف ما هو "الصمود".

وتباكى شبيط ايضا على ان المستوطنين نجحوا – ويا للويل – في اقناع المجتمع الاسرائيلي بأن "المشروع الاستيطاني ما بعد الصهيوني هو جزء لا يتجزأ من الصهيونية". بالفعل، من أصبح ما بعد صهيوني هو أنت ورفاقك، يا سيد شبيط. نسيتم حقائق أساسية للصهيونية.

فلندع الصهيونية، ولكن ماذا عن التفكير العقلاني الذي ضاع في صالح تزمت يساري يضع مباديء الاعتقاد بدلا من الحقائق؟ كيف نسمي الانسياق المتكرر لليسار خلف حلول أثبتت نفسها عابثة خطيرة – إن لم تكن مرضا عضال؟.

***

وها هي الحقائق: كل "الاختراقات السياسية" في العشرين سنة الاخيرة أدت الى مصيبة – ارهاب في الشوارع، نزع شرعية في العالم وهجمات صاروخية على اسرائيل. في كل مرة اعتقدنا بأن ها هم سيدعوننا لحالنا، تفجر الواقع في وجهنا. مائة سنة ونحن نسعى الى صنع السلام مع عرب البلاد، مائة سنة نوافق على الاقتسام معهم قطعة إرثنا – وهم يرفضون؛ لأنهم غير معنيين بالحل الوسط وبالتأكيد لن يكتفوا بقسم صغير مما يعتبرونه كأرض "وقف" اسلامي. ولكن اليسار الاسرائيلي ايضا يرفض الاعتراف بالواقع، فالمرة تلو الاخرى يكررون الشعار القائل: "اذا لم يكن اختراق سياسي" – شر ومر سيكون مصيرنا. فأي طريق نخترق؟ أي طريق لم نخترق؟.

هيا نرى ما هو الأفضل: امكانية مؤكدة لاستهداف يومي لغوش دان والمطار الدولي الاسرائيلي من خلال "الأغراض المتطايرة" بما في ذلك تهريب أنواع من السلاح أثقل واقامة استحكام ايراني على ظهر الجبل تماما أمامنا – أم انتفاضة مظاهرات ونزع شرعية في العالم؟.

كم من الوقت سيستمر التصفيق على شرف "اختراق الطريق" الى ان نعود الى الانتقاد الشديد بسبب مطالب اخرى يرفعها الفلسطينيون لنا على عادتهم. إذ ان هذه هي القاعدة التي يتبعونها – لا تتحمل المسؤولية عن أي شيء أبدا؛ أوقع ذلك دوما على اليهود. ويمكن الاعتماد على اليسار في ان يقبل بطواعية الجانب الآخر من هذا الشعور بالذنب لديه.