خبر تاريخ من الصناديق والاصوات ... اسرائيل اليوم

الساعة 10:32 ص|06 مارس 2013

بقلم: يوسي بيلين

(المضمون: رغم ما في الانتخابات التمهيدية من مفاسد إلا أنني لا أعرف طريقة أفضل وأكثر ديمقراطية منها - المصدر).

في البداية عينوا في العمل اعضاء الكنيست من خلال لجنة تنظيمية صغيرة، قررت قبل كل شيء التشكيلة وبعد ذلك وزعت الآخرين حسب الأقدمية والطائفة، العمر والجنس، منطقة السكن وشكل المعيشة (مدينة، قرية زراعية، كيبوتس وما شابه). بعد ذلك انتقلت القوة الى مركز الحزب، وهناك انتخب الاعضاء (العشرية تلو العشرية) المرشحين للكنيست. في الطريقة الاولى نشأ تعلق مطلق لاعضاء الكنيست بقيادة الحزب، وكاد لا يكون مجال لاصوات شاذة، أما في الطريقة الثانية فقد جاء اعضاء المركز بمطالبهم في التعيينات والترفيعات يرفعوها الى النواب الذين اختاروهم. كان يكفي القول للسكرتيرة "يتحدث عضو مركز"، كي يُسمح له بالوصول الى المنتخب وان يعرض عليه مطالبه. اعتقدنا ان اسوأ من هذا لا يمكن للحال ان يكون.

في مؤتمر العمل في 1991، الذي انعقد في أجواء "أيها الفاسدون مللناكم" في تلك الايام، نجحنا في ان نحقق اغلبية لتغيير الطريقة في صالح انتخابات تمهيدية تشمل كل اعضاء الحزب، وكنا على قناعة بأننا سرنا الى الأمام نحو ديمقراطية حقيقية، مثلما كان متبعا في حينه في الليكود. وكان نجاح الطريقة جزئيا. تحررنا من التعلق الكبير جدا بالقيادة، وكذا من مطالبات اعضاء المركز. ولكننا وقفنا، فجأة، أمام ظاهرة غير معروفة هي "مقاولي الاصوات" – الاشخاص الذين يدعون بأن عشرات أو مئات من اعضاء الحزب سيفعلون ما يأمرونهم هم به.

لقد خلقت الانتخابات التمهيدية أنواعا جديدة من الجرائم. معظم اعضاء الاحزاب المختلفة هم أناس الموضوع السياسي هام لهم، وهم مستعدون لأن يدفعوا رسوم العضوية المتواضعة ويكبدون أنفسهم عناء الوصول في يوم الانتخابات الداخلية الى الفرع كي يصوتوا لمرشحيهم. ولكن في كل حزب توجد مجموعة من الاشخاص لا تحسب حسابا للموضوع السياسي أو الايديولوجي ومستعدة لأن تمنح صوتها لمن يعد بترفيع هذا الرجل المحلي الذي يترأسها، وفي حالات متطرفة أكثر – الحصول من شخص آخر على ثمن لقاء العضوية في الحزب والتصويت للمرشحين الذين يفضلهم دافع الثمن. وحتى لو كان الحديث يدور عن مخالفة للقانون، فانهم لا يعتبرون ذلك مخالفة جنائية بل موضوعا داخليا في الحزب لا ينبغي ان يثير اهتمام محافل فرض القانون، أمرا ما يمكن غض النظر عنه.

هؤلاء الاشخاص الذين لا يعتبرون الانتخابات الداخلية (واحيانا الخارجية ايضا) هامة لهم حقا، هم الذين يقفون خلف "مُنسِّبي الصناديق" الذين نتذكرهم ايضا في كديما، خلف التزييفات وباقي المفاسد التي تنطوي عليها الانتخابات التمهيدية. معظم هؤلاء الاشخاص هم أناس ليسوا أثرياء جدا، ومصالحهم الوجودية تحتل مكانا مركزيا أكثر بكثير من مواضيع مثل السلام مع جيراننا أو "المساواة في العبء". هؤلاء الاشخاص هم الذين يستغلهم "مقاولو الاصوات"، الذين يأخذون على عاتقهم المخاطرة الجنائية، فيصلون الى قسم من المرشحين ويعرضون عليهم بضاعتهم للبيع.

ما يحصل هذه الايام حسب الاشتباه في الاحزاب المختلفة – من البيت اليهودي وحتى العمل – يثير من جديد السؤال اذا كان صحيحا الغاء طريقة الانتخابات التمهيدية للامتناع عن المخالفات الجنائية التي تنطوي عليها. رغم كل شيء، شخصيا لا أوصي بذلك. فأنا لا أعرف طريقة أفضل من هذه وديمقراطية أكثر من هذه. أما المعالجة المتشددة من قبل السلطات ومعاقبة من يتبينوا مذنبين فهي الطريقة الأسلم للقضاء على هذه الظواهر، التي من الواجب وضع حد لها.