خبر حُماة الشاشة... معاريف

الساعة 09:46 ص|05 مارس 2013

بقلم: عاموس غلبوع

(المضمون: من يظن أن في ظهوره في فيلم "حُماة الحمى" يخدم الدولة فقد اخطأ. بدلا من ذلك شكل أداة لعرض فكرة المخرج اليسارية  - المصدر).

        في عالم التجسس هناك اصطلاح يسمى "عميل موهوم". ومعناه أن العمل يظن أنه يعمل من أجل طرف ما ولكن في حقيقة الامر فانه يعمل من أجل طرف آخر ويخدم أهدافه. شاهدنا هذه الايام فيلم "حُماة الحمى"، ولشدة المفارقة فان ستة من رؤساء جهاز الامن الاسرائيلي سابقا كانوا في هذا الفيلم "عملاء موهومين" للمخرج. برأيي، كان من ظن أن بظهوره في الفيم يخدم الدولة ويثبت كم هي حرة وديمقراطية، ولكن الفيلم، بادارة المخرج يستهدف برأيي حصريا التعبير من طرف واحد عن وجهة النظر اليسارية الصرفة للمخرج درور موريه. فهو الذي قرر ماذا تكون الاقوال التي تسمع على لسان رؤساء الاجهزة وماذا لا؛ هو الذي قرر اي صور خلفية تظهر في الفيلم وراء الاقوال؛ هو الذي قرر اي مقاطع ربط تقال في الفيلم لتترك انطباعها على المشاهد؛ هو الذي قرر ماذا يقال عن السلطة الفلسطينية وعن عرفات. عبثا يبحث المشاهد عن جملة انتقادية واحدة على عرفات وعلى دوره في تفجيرات الباصات الرهيبة بعد اتفاقات اوسلو وفي الانتفاضة. يصعب عليّ أن افهم كيف سمح قادة الاجهزة بمثل هذا الايهام لهم. خسارة!

        بودي في مقالي هذا أن اركز على أمرين قالهما قائدان للمخابرات. الاول يعنى بالمقارنات المدحوضة التي تنعش كل كارهي اسرائيل ومحبي خرابها. أبراهام شالوم قال ان سلوك الجيش الاسرائيلي في المناطق هو مثل سلوك الجيش الالماني. وبعد أن قرر ذلك، بدا مترددا واضاف بانه يقصد سلوك الجيش الالماني في بلجيكيا، في فرنسا وفي تشيكيا. تشيكيا أتذكرها جيدا إذ أنه شدد على الاسم بصوته المنخفض. ماذا يمكن القول في ضوء هذه المقارنة؟ أنا أسأل ابراهام: "هل اسم اقرية لديستا التي في تشيكيا يقول لك شيئا ما؟ هل اسم القرية لاجاكي في تشيكيا في ذاكرتك؟".

        فليعلم القراء بان هاتين القريتين شطبتا من على وجه البسيطة من قبل الجيش الالماني، كل الرجال قتلوا وكل النساء ارسلن الى معسكرات الابادة، على سبيل الثأر الالماني. كما أن مصير قرى فرنسية كان مشابها. يا ابراهام، ألا تخجل من مقارناتك؟ تفضل بطلب المغفرة من الجيش الاسرائيلي!

        الامر الثاني يعنى بمسألة مبدئية، جوهرية سترافقنا كثيرا. عامي ايالون يروي انه في أحد "لقاءات السلام" في خارج البلاد مع الفلسطينيين في 2002 (في ذروة الانتفاضة الثانية) قال له احد محادثيه الفلسطينيين "انهم انتصروا علينا (على اسرائيل)". وفوجيء ايالون فشرح له الفلسطيني بانهم نجحوا في الحاق المعاناة بنا، وهذا من ناحيتهم انتصار. وعندها، يروي ايالون، حلت عليه اضاءة من السماء ففهم فجأة ظاهرة الانتحاريين (التي كانت في حينه في ذروتها)، والتي كل همها هو الحاق المعاناة بنا. وأنا أدعي أن رؤية ايالون هذه ضيقة وتبسيطية للغاية. برأيي، ذات الفلسطيني عبر بشكل صائب ومختصر عن جوهر الفهم الفلسطيني ورؤياه. هذا فهم سلبي في جوهره، غير بناء، وغير ايجابي.

        تطلعهم الاسمى هو بقدر أقل بناء دولة مزدهرة خاصة بهم، وبقدر أكبر احلال الخراب بدولة اسرائيل وقتل أهلها. هذا هو الفهم الذي منذ عشرات السنين يمنعهم من الوصول الى حل وسط حقيقي مع دولة اسرائيل؛ هذا هو الفهم الذي بسببه لا يهمهم ان يدمروا اقتصاديا، ان يفقدوا حياة الانسان، اذا كانوا بذلك سيلحقون باسرائيل ضررا سياسيا. هذا الفهم، الذي لا نستطيع أن ندركه، وبموجبه كلما كان لهم قتلى اكثر، هكذا تفيد حربهم ضد اسرائيل. لا يهمهم ان يظهروا كل الوقت كمساكين، شريطة أن يلحق هذا ضررا باسرائيل. هم مستعدون لان يفقدوا ساقا – المهم أن تفقد اسرائيل اصبعا.