تحقيق مرضى يموتون على أبواب دائرة العلاج في الخارج بغزة

الساعة 10:31 ص|04 مارس 2013

غزة - خاص

كثيرون هم المرضى الذين يموتون على أبواب دائرة العلاج في الخارج بقطاع غزة المحاصر بانتظار حصولهم على تحويلة طبية للعلاج وخاصة مرضى السرطان ليس لسبب إلا أنهم يفتقدون للواسطة والمحسوبية، فيما يحصل البعض الآخر على تحويلات طبية لمستشفيات عريقة في الأردن و"إسرائيل" في وقتٍ وجيز بسبب الواسطة والعلاقات التي يتمتعون بها مع بعض النواب في غزة والوزراء ومكتب الرئيس ومكتب رئاسة الوزراء في رام الله.

ومن المرضى من يحصل على تحويلة طبية لمستشفى المطلع أو مستشفى معهد ناصر وينتظر طويلاً حتى يتوفر العلاج في هاذين المشفيين، وأحياناً أخرى يذهب المريض للمستشفى ويتفاجأ بعدم توفر العلاج. وكل ذلك ينعكس سلباً على حياة المريض الذي يصارع الموت.

وكشفت مصادر خاصة أن مستشفى المطلع يرفض استقبال الحالات المرضية المحولة إليه بسبب تراكم الديون على وزارة الصحة الفلسطينية، لكن يتم التحجج للمرضى بعدم توفر العلاج.

مصدر مطلع في دائرة العلاج في الخارج بغزة طلب عدم ذكر اسمه، تحدث لـ "فلسطين اليوم" عن الكوارث التي تسببها وزارة الصحة في رام الله للدائرة في غزة والتي يدفع ثمنها المريض وخاصة مرضى السرطان.

وقال المصدر ذاته:" إن أهم المشاكل التي تعاني منها دائرة العلاج بالخارج في غزة هو التهميش من قبل وزارة الصحة برام الله، والتعامل بعنصرية مقيتة مع مرضى غزة، وتحجج الوزارة بتوفير النفقات غير آبهة بحياة المرضى، وهي في حقيقة الأمر واهمة ولا توفر بل تزيد الأعباء المالية عليها، نظراً لعدم وجود مندوبين للوزارة في المشافي التي يتم تحويل المرضى عليهم في "إسرائيل" والأردن، ومصر. وأضاف أن وزارة الصحة برام الله تتحجج دائما بعدم وجود أموال لتوفير علاج مرض السرطان لمشافي غزة، وفي الوقت نفسه نضطر لتحويل مرضى يكون تكلفة العلاج 100 أو 200 شيكل.

وتابع، إن وزارة الصحة برام الله تتحمل مسؤولية معاناة المرضى، موضحاً أن مئات المرضى ينتظرون الحصول على تحويلات للخارج، ونتفاجأ بحصولهم على تحويلات للعلاج في الأردن رغم أن الوزارة في رام الله تمنع الدائرة من التحويل إليها بحجة أن عليها ديون مالية كبيرة، وتحويلات لمشافي "إسرائيل" والسبب هو الواسطة والمحسوبية، والعلاقات التي تربط هؤلاء المرضى بالمسؤولين في وزارة الصحة ومكتب الرئيس ومكتب رئاسة الوزراء وبعض النواب في قطاع غزة. بينما من ليس له علاقة يموت أو يزداد وضعه الصحي تدهوراً وهو ينتظر على أبواب دائر العلاج في الخارج بغزة.

وأكد المصدر المسؤول في دائرة العلاج في الخارج بغزة، أن الدائرة بحاجة ماسة إلى إعادة هيكلية كي تقوم بمهامها على أكمل وجه، وتشكيل لجنة توافقية من غزة والضفة تحدد الأولويات والاحتياجات للمرضى.

ووصف المسؤول، أن دائرة العلاج في الخارج هي كذبة كبيرة لأنها بلا صلاحيات كاملة.

وألقى المصدر اللوم على سوء وضع الدائرة إلى الشخصيات العامة والنواب ومنظمات المجتمع المدني، فالشخصيات العامة والنواب همهم أن يحصلوا على تحويلات لمن يخصهم ولا يعملون على حل المشكلة من جذورها، فيما منظمات المجتمع المدني عملها استعراضي وليس عملي.

وكشف أن وزارة الصحة في رام الله تتدعي أن تكلفة العلاج لأهل غزة أعلى من الضفة الغربية، واصفاً هذه الادعاءات بالكاذبة والتي لا أساس لها من الصحة. كما كشف أن التحويلات الطبية للأردن مسموحة لمرضى الضفة الغربية، وممنوعة لمرضى قطاع غزة.. إلا لمن يتمتع بواسطة قوية يحصل على تحويلة للأردن من مرضى القطاع.

وحمل المصدر المسؤول ذاته، قطاع غزة مسؤولية عن مستشفياتها وطالب بضرورة إشراكها في ملف دائرة العلاج في الخارج.

الإضراب وانعكاسه على حياة المرضى

وأوضح المصدر ذاته أن إضراب الأطباء في الضفة الغربية انعكس سلباً على المرضى الذين يحصلون على تحويلات لمشافي الضفة بطلب من وزارة الصحة، وعدم توفير البدائل لهم في ظل أيام الإضراب، وكذلك عندما ينفذ العلاج من مشافي الضفة الغربية لا يتم توفير البدائل، وبالتالي يدفع المريض فاتورة القصور في وزارة الصحة.

آلية الحل

وعن إمكانية الخروج من المشكلة وحلها، أوضح المصدر المسؤول أن أول ما ينبغي معالجته هو إصلاح دائرة العلاج في الخارج نفسها، وتسهيل التعامل مع المرضى وتوفير خدمات طبية لهم لا يمكن أن يتم إلا إذا تم وضع معايير واضحة للدائرة، وتحويل المرضى الذين هم بحاجة إلى علاج في الخارج عن طريق الدائرة بغزة وليس بالواسطة، وأن توفر وزارة الصحة برام الله علاجات مرضى السرطان بغزة، والسماح باستقدام فنيين وأخصائيين لقطاع غزة لتوفير النفقات والتحويلات، وأن تعطى غزة أولوية لدى وزارة صحة رام الله، بالإضافة إلى تشكيل لجنة توافقية من غزة والضفة كي تضع ضوابط للتحويلات. وأن يتم فتح المجال للتحويلات لإسرائيل والأردن للجميع. وأن يتم السماح للمريض باستكمال كافة علاجه في المستشفى التي بدأ العلاج فيها، بمعنى عدم تحويله لمستشفى جديدة بعد نص قطعه نصف الطرق في العلاج في المستشفى الأولى.

الواسطة والمحسوبية جزءًا أصيلا

من جهته أكد الدكتور عائد ياغي مدير الإغاثة الطبية في غزة، أن المحسوبية والواسطات لها دور كبير في اختيار المريض نوعية المستشفى التي يريد تلقي العلاج فيها، فيما المرضى العاديين يتم تحويلهم إلى المشافي الأقل تقديم خدمة.

وأوضح ياغي أن قضية دائرة العلاج في الخارج والملاحظات على عملها هي مشكلة قديمة منذ تأسيس السلطة ومن خلال الدراسات تبين لنا ارتفاع نسبة المحولين للمشافي خارج الوطن من قطاع غزة عنه في الضفة الغربية عندما كان وزير الصحة من قطاع غزة، والعكس حدث عندما تول منصب وزير الصحة من الضفة الغربية. وهذا شيء ملحوظ قبل الانقسام ولم يتم معالجته. مطالباً بتكثيف الجهود من قبل الجميع لتطوير القطاع الصحي وليس وزارة الصحة فقط.

وأوضح أن معاناة المرضى ازدادت بعد الانقسام، وأصبح حصول المريض على تحويلة للعلاج في الخارج شيء كبير وكأنه حصل على جائزة عالمية مع العلم أن التحويلة هي حق طبيعي للمريض.

وقال :أن تلقي الخدمة الصحية هي حق طبيعي لكل فلسطيني كفله القانون الأساسي الفلسطيني، وبالتالي لا أحد يمن على المواطن بهذه الخدمة، لكن ما يجري على أرض الواقع مخالف للقانون، حيث المحسوبية والواسطة، والانتماء السياسي لها دور كبير في الحصول على التحويلات للعلاج في الخارج.

وأشار إلى أن بعض المواطنين يحصلون على تحويلات بعيداً عن دائرة العلاج في الخارج بغزة عن طريق النواب والمسؤولين في مكتب الرئيس ومكتب رئيس الوزراء، وليس كل الناس يستطيعوا التواصل مع المسؤولين والنواب.

وطالب الدكتور ياغي بوضع نظام واضح وشفاف معروف للجميع.. بحيث لا يتم تحويل شخص ما لأنه ينتمي إلى العائلة (X) أو لتنظيم ما، أو لمنطقة جغرافية ما.

وأوضح أن هناك قرار صادر من وزير الصحة السابق فتحي أبو مغلي بعدم تحويل المرضى للأردن، ولكن الذي يجري هو تطبيق القرار على أهل قطاع غزة فقط دون الضفة الغربية، حيث يتم تحويل مرضى الضفة إلى إسرائيل والأردن فيما غزة محرومة من ذلك فيما مستشفيات "إسرائيل" للحالات الطارئة والمستعصية من السرطان ومن لهم واسطات ومعارف.

وأشار إلى أن هذا الموضوع طُرح من قبل المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان أكثر من مرة ولكن للأسف الأعذار موجودة والكل يتحجج بالانقسام.

أبو وردة: مشكلة مستشفى المطلع تم حلها

بدوره أوضح مدير دائرة العلاج في الخارج في قطاع غزة الدكتور فتحي أبو وردة، أنه كان بالفعل هناك مشكلة في مستشفى المطلع متعلقة بالأدوية الخارجة عن قائمة وزارة الصحة الفلسطينية، مشيراً إلى أن وزارة الصحة توفر أدوية معينة وأدوية يتم شراؤها للمريض، وان المشكلة كانت في الأدوية خارج القائمة وتم التوصل إلى حل المشكلة يوم الخميس الماضي بالاتفاق بين وزارة الصحة ومستشفى المطلع، وان اليوم الأحد أرسلوا أو قائمة بالمواعيد للمرضى المحولين للمستشفى.

وعن الوساطات في الحصول على تحويلات لمرضى قطاع غزة، قال أبو وردة أن هذا الكلام بعيد عن الصحة لأنه لا يمكن لمريض ان يسافر إلى أن يوقع في دائرة العلاج في الخارج بغزة.

وأضاف، أنه منذ تسلمه لمهامه في دائرة العلاج في الخارج لم تصله أي تحويلة من مريض حصل عليها مباشرة من الضفة الغربية.

وعن تحويل المرضى للأردن، أوضح أن الأردن نفسها هي من أوقفت التحويلات من الضفة الغربية وقطاع غزة، باستثناء مستشفى الحياة في الأردن، وأنه يتم تحويل مرضى من قطاع غزة إليها إذا احتاجت.

مرضى يروون معاناتهم

هذا وروى العديد من مرضى السرطان في قطاع غزة لمركز الميزان لحقوق الانسان خلال دراسة عن معاناة مرضى السرطان في غزة، أوضحوا خلالها حجم معاناتهم في ظل الوضع الصحي المتردي الذي يعيشه قطاع غزة.

محمد أحمد إبراهيم العمري، العمر: (64) عاماً. من مخيم الشاطئ بغزة مصاب سرطان مريء، يقول "عانيت في بدايات 2010 من ألم شديد لم يتم تشخيصه في مستشفيات القطاع، حيث حُولت للعلاج في مصر، وكان التشخيص نقص في تغذية المخيخ. واستمرت معاناتي مع المرض وصعوبة في البلع حتى أصبحت أقذف دماً من فمي. ويتابع مكث في قسم الباطنة في مستشفى الشفاء حوالي شهر دون تشخيص المرض، حتى أُجريت لي صورة مقطعية CT وتبين وجود ورم أسفل المريء. وقد طلب من الطبيب المعالج أحذ عينة من الورم، وأجريت ذلك على حسابي الخاص بتكلفة (250) شيكل، لأنه في حال رغبت إجرائها في المستشفى ذاته فسيحتاج ذلك انتظار لمدة شهرين ونصف على الأقل حتى يحين دوري".

أما محمد حسن موسى أبو عمرة، خمسون عاماً من منطقة الزوايدة - محافظة الوسطى. ومصاب بسرطان بنكرياس، يقول:" منذ تشخيص المرض وأنا أتناول جرعات العلاج الكيماوي، حيث تم السفر إلى مصر ثلاث مرات لذلك، الأمر الذي أرهقني جسدياً ومادياً، حيث تكلفة السفر والإقامة في مصر مرتفعة". أمام المريضة " س ز"، 49 عاماً من مدينة غزة ومصابة بسرطان القولون تقول :"تم استئصال الورم منذ اكتشافه، وقد تم استئصال ورم آخر بعد انتشاره وذلك في مارس 2012. يوجد نقص في الأدوية ما يستدعي الأطباء إلى تغيير نظام "بروتوكول" العلاج بالكامل، الأمر الذي ينعكس سلباً على وظيفتها العلاجية وهذا ما حصل معي مراراً". فيما المريضة " م ن"، العمر (48) عاماً من مدينة غز مصابة بسرطان ثدي. تقول أنها تجد تقصير من جانب الممرضين الذين يتأخروا كثيراً في مواعيد إعطائها الأدوية، وأوضحت أن يدها تورمت بسبب التأخير في تغيير الكانيولا. هذا علاوة على الأعباء المادية نتيجة شراء بعض الأدوية سيما من المسكنات".

وأمام هذه المشكلة في تقديم الخدمة الطبية للمواطن وتحديداً في قطاع غزة، فلا بد أن يتكاثف الكل الفلسطيني للعمل على حل المشكلة وتطوير قطاع الصحة في الأراضي الفلسطينية وإيجاد بدائل في المشافي الفلسطينية في ظل تعذر التحويل لمشافي "إسرائيل" والأردن ومعاناة المحولين إلى مصر.


دائرة العلاج في الخارج بغزة


دائرة العلاج في الخارج بغزة


دائرة العلاج في الخارج بغزة


دائرة العلاج في الخارج بغزة


دائرة العلاج في الخارج بغزة


دائرة العلاج في الخارج بغزة


دائرة العلاج في الخارج بغزة