خبر اردوغان يتورط مرة اخرى... هآرتس

الساعة 07:59 ص|04 مارس 2013

بقلم: إيال زيسر

(المضمون: اردوغان ورفاقه يرون مصالح تركيا السياسية والاقتصادية في العالمين العربي والاسلامي وهذا هو السبب الذي يدعو اردوغان الى التنديد باسرائيل والتشهير بها في خطابته – المصدر).

عاد رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان بعد فترة قصيرة بلغت بضعة اسابيع، واحتل العناوين الصحفية في اسرائيل، وكان ذلك هذه المرة على أثر تصريح كاذب مُغضب يقول ان الصهيونية، كمعاداة السامية والفاشية، هي بمثابة تعبير عن العنصرية يجب على العالم كله ان يحاربه.

يمكن بالطبع ألا نكترث لهذا التصريح الأخير الذي صدر عنه كالتصريحات التي سبقته ايضا، باعتباره كلاما لا تحكم فيه لغوغائي غير قادر على التحكم بفمه وهو مستعد لهدم علاقات بلاده باسرائيل وليس بها فقط من اجل غوغائية رخيصة بين أنصاره أو بسبب ما يفسره بأنه إهانة شخصية وجهتها اسرائيل اليه.

لكن يمكن جدا في نفس الوقت ان يكون منطق في الجنون، وان تكون النغمات المؤذية التي تبلغنا من أنقرة تعبر عن شيء ما أعمق يحدث في تركيا ويؤثر في علاقاتها باسرائيل ايضا.

يتذكر اردوغان هذه السنة مرور عقد على تولي حزبه الحكم. وينبغي ان نفترض انه ممتليء فخرا وهو ينظر الى ما حدث في تركيا في فترته. فقد زاد هو وموالوه في عمق سيطرتهم على مؤسسات الدولة والمجتمع في تركيا وأسقطوا بنجاح آخر جزر معارضتهم ولا سيما في الجيش والنخب القديمة. فاذا كان اردوغان يريد حقا ان يقضي على التراث العلماني لكمال أتاتورك مؤسس الجمهورية التركية فان هذه الغاية أصبحت في متناول يده.

لكنه تثقل على نجاحات اردوغان ايضا ظلال غير قليلة. فقد أعلن حينما تولى الحكم سياسة "صفر المشكلات"، أي نية وارادة مصالحة جارات تركيا وانشاء علاقات تحادث وسلام معها. لكنه يتبين بعد عقد من توليه الحكم ان تركيا بقيت مع صفر اصدقاء، أما المشكلات فآخذة في الازدياد.

يأتي الشر من الجنوب، من سوريا، وهكذا تحول بشار الاسد صديق اردوغان القريب السابق وحليفه الحميم، الى عدوه الرئيس. وينبغي ان نعترف في الحقيقة بأنه مع كامل الجدية التي يجب بها تناول تصريحات اردوغان المنددة باسرائيل فانها لا تبلغ الى الدرك الذي تتميز به خطابته المتعلقة برئيس سوريا الذي سماه في الاسابيع الاخيرة ملك الموت والشيطان وقاتل الجماهير وغير ذلك.

إن الحرب الأهلية في سوريا تعرض اردوغان لمشكلة غير بسيطة. ففي ظل هذه الحرب ينشيء الاكراد في سوريا منطقة حكم شبه ذاتي بتعاون مع اخوتهم في العراق، وقد يكون لهذا تأثير في الاكراد الذين يعيشون في تركيا ويبلغ عددهم نحوا من 30 في المائة من عدد سكانها. ويتبين ان اردوغان ليس قادرا على كل شيء كما اعتاد ان يعرض نفسه وربما كما يريد ان يؤمن.

بيد انه كلما زادت خيبة أمل اردوغان وعجزه زادت تصريحاته قسوة وتكون موجهة احيانا على الولايات المتحدة وفي الأكثر على سوريا وعلى اسرائيل ايضا من آن لآخر.

ليست تركيا هي اردوغان، فما زال يوجد في هذه الدولة كثيرون يدركون الحاجة الى الحفاظ على علاقات اقتصادية وسياسية قوية باسرائيل. وحتى في هذه الايام تستمر وتزداد عمقا العلاقات التجارية بين الدولتين، وتم الابلاغ مؤخرا فقط عن تجديد العلاقات بين الصناعات الامنية في اسرائيل وتركيا.

ان المطلوب اذا نظرة واعية للعلاقات بين اسرائيل وتركيا، ويحسن بين الفينة والاخرى تذكير اردوغان الشخص بأن الدولة العثمانية قد زالت. لكن ليس هذا لأن اسرائيل لها مصلحة في جعل تركيا عدوا. يمكن ويجب محاولة ترتيب العلاقات بين الدولتين برغم اردوغان، ومن المهم ان نذكر فقط ان ايام الحلف الحميم بين الدولتين قد زالت ولن تعود.

تريد تركيا الجديدة ان تؤدي دورا رائدا في العالم العربي والاسلامي، ففي هذه المنطقة توجد مصالحها السياسية والاقتصادية، ولذلك فان الحلف مع اسرائيل لا يخدم هذه المصالح التركية. بالعكس – ان اردوغان ورفاقه يؤمنون بأن الخطابة المعادية لاسرائيل تساعدهم على ان يقدموا مكانتهم في أنحاء الشرق الاوسط. فهذه اذا هي حدود اللعبة – الضربات الكلامية والاهانات الى جانب استمرار تحادث وتعاون ما في مجالات ذات أهمية مشتركة. وفي تركيا ما بعد اردوغان ستستمر هذه الموسيقى ايضا لكن ربما يكون ذلك بنغمات تختلف.