خبر تركيا كله شخصي.. يديعوت

الساعة 07:58 ص|04 مارس 2013

بقلم: سمدار بيري

(المضمون: ثمة شيء مثير للاعصاب، مغيظ حقا، في حقيقة أن اردوغان لا يفوت اي فرصة للتهجم علينا. في موضوع واحد محق اردوغان. كلما هاجمنا ارتفعت أسهمه في الشارع العربي- المصدر).

تأخر في نهاية الاسبوع وزير الخارجية الامريكي جون كيري – وهو حدث نادر في بروتوكول الادارة الامريكية – الى وليمة العشاء في منزل رئيس الوزراء التركي طيب اردوغان.ولم يجتهد الطرفان في خلق الانطباع بالكياسة والمجاملة. وعلل المترجم باسم الضيف بان التأخير الكبير جاء جراء حديث عميق اجراه كيري مع نظيره التركي، وزير الخارجية داوداوغلو. أما اردوغان، صاحب الفم الكبير فوجد من السليم ان يقول بتهكم انه اذا كان كذلك فلم يتبقَ شيء للحديث فيه، وكان واثقا بانه نجا من المزايدة على الجوهرة الاخيرة التي قالها ضدنا.

ثمة شيء مثير للاعصاب، مغيظ حقا، في حقيقة أن اردوغان لا يفوت اي فرصة للتهجم علينا. وفي الجولة الاخيرة، في مؤتمر صحفي في فيينا، وضع في مصاف واحد، الفاشية، اللاسامية والخوف من الاسلام ودعا الصهيونية بانها "جريمة ضد الانسانية". هذا مغيظ لان نبرته ضدنا آخذة فقط في التصاعد، وهذا مثير للاعصاب لان هذه القصة باتت تبدو وكأنها موضوعا شخصيا. نوع من الرائحة الكريهة لا تتماثل مع ما يفكرون به عنا في الشارع التركي.

ولكن عندما يحدد رئيس الوزراء دوما ذات الهدف، فانه ينقل رسالة – ورسالته واضحة وشفافة. منذ عشر سنوات حين تولى اردوغان رئاسة الوزراء، فان تركيا التي خطت على علمها سياسة "صفر مشاكل مع الجيران" تسير في مسار تقليص العلاقات. في موضوع واحد محق اردوغان. كلما هاجمنا ارتفعت أسهمه في الشارع العربي.

وها هي السخافة: خلافا للحكم الاسلامي في مصر، تكاد تكون كل الابواب مفتوحة في تركيا. وأحد لا يمنع الاسرائيليين من عقد الصفقات وريادة المطاعم في اسطنبول. فالعكس هو الصحيح، يقال ان حجم التجارة ارتفع بالذات، رغم اردوغان. الاكاديميون، الاطباء والصحفيون الاتراك لا يحتاجون الى التزود بتأشيرات خاصة، بل ولا يخفون زياراتهم عندنا. وأنت تسمع منهم تفسيرات محرجة واعتذارات – حتى وان لم يكن للاعتذارات وزن – عن الريح السلبية التي تهب من أنقرة وعن الحسابات الداخلية من مصنع الثنائي اردوغان وداوداوغلو.

من الصعب التقدير بانه بعد التهجم الاخير سيكون هناك احد عندنا يؤمن بانه سيكون ممكنا ترميم وتطوير العلاقات مع تركيا طالما كان اردوغان يجلس في مكتبه. وفي هذه الاثناء، في موضوع آخر يقلقه – الحرب الشعواء التي يديرها ضد استمرار حكم بشار الاسد في سوريا – ولديه شكاوى من الامريكيين أيضا.

نظرية المؤامرة لدى قيادة الاجهزة في تركيا تصر على أن الادارة في واشنطن تعمل على ابقاء بشار في الحكم. ويدعون هناك بان الامريكيين لا يدفعون بالسلاح نحو الثوار بسبب ضغط اسرائيلي، يعتقد بان من الافضل البقاء مع بشار ضعيف من ترك مخزونات السلاح الكيميائي في ايدي منظمات ارهاب وعصابات اسلامية متطرفة.

بعد يومين يصل عبدالله ملك الاردن الى تركيا. هدف الزيارة واضح. التشاور وتنسيق المواقف في الموضوع السوري. لا جدال في أن الاردن هو الضحية الفورية للصدام الدموي. فالكتلة الكبرى من اللاجئين الذين يجتازون الحدود ويتسللون اليها كبيرة على الاردن، خطيرة، ومستنزفة للامكانيات.

يمكن التقدير منذ الان بان هذه ستكون زيارة غير معقدة. الموضوع واضح، المصالح متماثلة، اردوغان وعصبته يعرفون الضائقة الاقتصادية للمملكة الصغيرة، ويوجد لتركيا ما تعرضه (ماء، تصدير واستيراد في ظروف محسنة). وستكون مواضيع يتحدثون فيها امام الكاميرات، اولا وقبل كل شيء القضية الفلسطينية، وستكون المواضيع السرية وتبادل المعلومات الاستخبارية التي ستنجز داخل الغرفة، حين سيحرص اردوغان على أن يوضح لجلالة الملك لماذا ليس مجديا وليس موصى به تسخين العلاقات معنا.

في نهاية المطاف، رغم التعابير اللاذعة، فان قضيتنا مع تركيا ليست ضائعة. المنطق يقول انه ستحين لحظة تمحى فيها فكرة أن "كل شيء شخصي" لدى اردوغان، ويبدأ دفعة واحدة، تقرب جديد.