خبر سكان مخيمات اللاجئين بين الدبلوماسية والكفاح العنيف.. هآرتس

الساعة 05:24 م|01 مارس 2013

بقلم: حاييم لفنسون

(المضمون: في مخيمات اللاجئين في الضفة تبدأ الارض بالغليان، ولكن الاحاديث عن انتفاضة ثالثة لا تزال سابقة لاوانها، ويوجد في السلطة من يعمل على تهدئة الخواطر – المصدر).

في سفوح الجبل الذي يقع فيه مخيم اللاجئين الدهيشة في محافظة بيت لحم، توجد مقبرة صغيرة، لعشرات الشهداء الذين خرجوا من المخيم. باقي الموتى يدفنون عميقا في المدينة ولكن "أبطال المخيم" يبقونهم قريبا من البيت. "الشهيد" بالنسبة لهم هو من قبل في مواجهة مع اسرائيل: فتيان رشقوا الحجارة على السيارات العسكرية، مسلحون قتلوا في اشتباكات ومخربون انتحاريون. بعض القبور "محفوظة" لبقايا جثامين الانتحاريين، التي لا تزال توجد لدى اسرائيل.

والى جانب المقبرة، في أعلى السفح، بدأوا يعدون مؤخرا قطعة جديدة على شرف قتلى الانتفاضة الثالثة. رئيس فتح في المخيم، محمد الجعفري، يتجول بين الطوب ويعرب عن تفاؤله الحذر. "نحن لا نريد انتفاضة اخرى. هذا هو الجيل الاخير الذي يمكن صنع السلام معه. لا تزال توجد نافذة فرص من خمس سنوات"، كما يشرح. ولكن حاليا، الجانب الواقعي يتغلب. صفوف من القبور بنيت منذ الان، تنتظر.

الاسبوع الاخير كان عاصفا في قسم من الضفة جنوبي القدس. فموت المعتقل الفلسطيني عرفات جرادات أشعل سلسلة من الاضطرابات طرحت السؤال اذا كنا نقف امام انتفاضة ثالثة. زرنا هذا الاسبوع مخيمات اللاجئين في المنطقة، الدهيشة، عايده والعروب، كي نتحسس المزاج. في المعارك السابقة كانت مخيمات اللاجئين رأس حربة الكفاح ضد اسرائيل. في الاولى خرج الالاف الى المحاور ورجموا بالحجارة الجنود وسيارات المستوطنين. في الدهيشة يتباهون بان عندهم بدأت الانتفاضة في العام 1980. كل يوم كانوا يخرجون من المخيم لرشق المستوطنين المسافرين – قبل عصر الطرق الالتفاقية – من القدس الى كريات أربع بالحجارة. واحتجاجا على ذلك كان موشيه ليفنغر يعتصم كل يوم خارج المخيم، محوطا بالجنود. وفي النهاية انكسر الجيش وبنى سياجا هائلا فصل بين المخيم والطريق الرئيس. في الانتفاضة الثانية خرج من المخيمات الكثير من المخربين الانتحاريين الذين هزوا القدس.

في هذه الاثناء يبدو ان الاحاديث عن انتفاضة ثالثة لا تزال سابقة لاوانها، رغم أن كل تجربة حياة سكان المخيمات ترتبط بالنزاع مع اسرائيل. في مدخل مخيم عايده، مثلا، ينصب مفتاح ضخم، رمز مفاتيح البيوت القديمة التي هجرت في 1948. وعند المدخل احد ما رسم على الحائط صور ستة سجناء، من سكان المخيم محتجزين في اسرائيل. وفي الزقاق المجاور توجد صورة حائط كبيرة لخريطة اسرائيل بالوان فلسطين، وعليها تسجل كل القرى في منطقة القدس والساحل حيث جاء اللاجئون. ولكن بين الجيل الكبير والجيل الشاب توجد خلافات في الرأي حول كيفية التصرف الان. كبار السن يعتقدون بان الافق الدبلوماسي الذي توجه اليه محمود عباس (ابو مازن) أهم من المواجهات العنيفة. "مظاهرة في باريس افضل لنا من مظاهرة هنا في بيت لحم"، يقول الجعفري، "في السنوات الاخيرة جاء الى هنا الكثير من الناس من اوروبا، يرون الاحتلال ويعودون الى بلادهم للقيام بنشاطات من أجل فلسطين". وفي السنة الاخيرة بعث الفلسطينيون بالمفتاح الضخم الى المانيا، للمشاركة في نشاطات تخص فلسطين. وحسب الجعفري كانت ردود الفعل ممتازة.

اما الشباب بالمقابل فيسارعون الى المعركة. في الاول من كانون الثاني من هذا العام جرت مسيرة في الدهيشة احياء لذكرى 48 سنة على محاولة أول عملية لفتح. وبعد سنوات من تخزين السلاح عميقا في المخازن امتشقت لجولة استعراض في الشوارع، ولكنها اعيدت الى المخابىء. في هذه الاثناء لم يتم استخدامها. في مخيم العروب، خرج الشباب هذا الاسبوع لرشق الحجارة على السيارات في طريق 60، ولكن الجيش صدهم. وبالمقابل، فان شباب عايده يستثمرون الاشهر الاربعة الاخيرة في رشق الاحجارة، الزجاجات الحارقة، القنابل اليدوية والعبوات نحو قبر راحيل، المحاذي للمخيم. قبل بضع سنوات احيط القبر بالاسوار من كل الجهات، والرياضة المحلية اصبحت رشق الحجارة نحو السور. في حملة "عمود السحاب" القيت 75 زجاجة حارقة في ساعة واحدة نحو القبر. في حالة اخرى عبوة القيت بواسطة مقلاع نحو السور، وانفجرت في استحكام حراسة الجنود، الذي كان فارغا في ذلك الوقت، ولهذا فلم يصب أحد بأذى. وهذا الاسبوع اشعلت النار في احد اكشاك الحراسة للجيش الاسرائيلي، بطول عشرة امتار.

وبين الحين والاخر يفتح الجنود وأفراد الشرطة بوابات نطاق قبر راحيل ويبدأون بملاحقة الشباب، لفرحة الفلسطينيين والنشطاء المحليين الذين يصورون كل شيء وينشرونه على اليو تيوب. وفي اعقاب الاحداث تم تعزيز قوات حرس الحدود في المكان بالقناصة من وحدة "دفدفان" وجنود من كتيبة نحشون.

يوم الاثنين الماضي شارك الجنود في حادثتين دمويتين: قناص "دفدفان" اطلق عيار "روجر" 22ملم نحو شاب فلسطيني واصابه في صدره. في حالة اخرى قوة من لواء كفير خرجت من نطاق المعسكر الى بيت لحم واطلقت عيارات مطاطية نحو الملثمين. احد العيارات أصاب رأس طفل يعالج في مستشفى هداسا عين كارم ولم يخرج من حالة الخطورة بعد.

          في أعقاب الاحداث، انتشرت الشرطة الفلسطينية في المنطقة. وأمس وأول أمس، سواء بفضل دفع الرواتب أم عقب ضغوط اسرائيل، أبدى أفراد الشرطة نجاعة فتوقفت المواجهات. في عايده يدعون بان الجنود يستفزونهم. "احيانا يطلقون الغاز عبثا"، قال صاحب بقالة محاذية للمخيم. "يريدون ان يثيروا اعقاب الاولاد فيرد هؤلاء عليهم بالحجارة كي يطلقوا النار عليهم. يريدون أن يدفعونا بالقوة نحو انتفاضة ثالثة". يحاول كبار السن اقناع الشباب بان لا معنى من المواجهات، ولكن حاليا دون نجاح حقيقي. "اذا قلت لهم لا ترشقوا الحجارة فيحسبونك عميلا"، يقول الجعفري، "إذن فاننا نحاول أن يشرح الشباب الاخرون لهم بانهم مخطئين. خسارة على الشباب الذين سيقتلون هنا".