خبر الانتفاضة ستخرج من القدس

الساعة 09:34 ص|28 فبراير 2013

بقلم: يونتان يفين

(المضمون: القدس مدينة تطغى فيها العنصرية الموجهة على العرب ولهذا ستكون اول شرارة للانتفاضة الثالثة آتية منها – المصدر).

قبل عشر سنوات تقريبا جئت الى المستشفى الفقير "بيكور حوليم" في مركز القدس كي استوضح كيف يواجه الفريق الطبي الانتفاضة التي وقعت على رأسه حقا. لأنه لا تكاد تفصله عن مطعم سبارو 100 متر وعن العمل التفجيري الميدان وعن لهب سوق محنيه يهودا. وقد جيء بجرحى كثيرين الى اقسامه البائسة حيث عولجوا في صعوبة كبيرة على أيدي يهود وعرب وحريديين وعلمانيين. وحينما خرجت لأتنفس قليلا من الهواء الضروري في المفترق القذر في شارع الأنبياء وشتراوس رأيت مشهدا جميلا فقد أرادت امرأة في نحو الاربعين من عمرها قطع الشارع، ووقف سائق السيارة الذي جاء من الانعطافة في آخر لحظة. وتحول خوفها المفهوم سريعا الى غضب حقيقي حينما رأت من الذي تعامله حينما انحنت على نافذته وصرخت: "ليتك تموت أيها العربي القذر!". وأضافت الى هذا الرجاء تفضلا لا تستطيعه إلا سيدة حقيقية وهو بصقة كبيرة على السيارة مباشرة على وجه الراكبة الى جانب السائق.

وتابع السابلة الذين وقفوا ليشاهدوا المشهد سيرهم في عدم اكتراث بل انهم كانوا يبتسون ووقفت ذاهلا أحمد الله لأنني انتقلت قبل سنتين فقط من "عاصمتنا الأبدية" هذه التي يسكنها في الأساس ناس يفرحهم ان يروا اسرائيل الصهيونية تنهار في الغد صباحا. وانتقلت الى تل ابيب وهي المدينة التي يظنونها خطأ "سليمة العقل".

بقيت القدس هي القدس، على نحو يفرح كل محبيها الفرحين المبتهجين. وهي مدينة تهاجم نساؤها امرأة غريبة في محطة قطار لأنها من الشعب غير الصحيح؛ وهي مدينة يضرب فيها فتى عربي حتى يوشك ان يموت تقريبا في ميدانها الرئيس ولا يفتح أحد فمه معترضا؛ وهي مدينة يطلب فريق من مشجعي فريق كرة القدم فيها ان يبقى "طاهرا" أي ألا يلعب فيه "عرب" حتى لو كانوا مسلمين من اوروبا.

صحيح انه كان في القدس وما زال يوجد فيها محاولات تفجير من العرب ومن المؤكد ان ليس كل اليهود سيئين. وصحيح ايضا انه وقع في يافا هذا الاسبوع هجوم على عربي لسبب قومي، وان العنف العنصري ليس موجودا في القدس وحدها. لكن القدس لسبب ما تعاود الظهور في العناوين الصحفية في سياقات أصبحت تُذكر بصورة حقيقية محسوسة بفترات كان يهاجم فيها الأبرياء على مواد في بطاقات الهوية.

يمكن اذا ان نستمر في البحث عن نذر الانتفاضة الثالثة في المناطق، وان نقف وأيدينا على ضابط الساعة ومع المنظار يلاصق العينين كي نُعلم في فخر فقط اللحظة التي "بدأوا فيها". ويمكن ان نحول الى السلطة الفلسطينية اموال ضرائب تهديء الآلام لا توجد أية صلة بينها وبين حل حقيقي لأن دفع المال يؤكد فقط وقفه حتى الآن والسلب في وضح النهار لكل شيء، والذي له بيقين مشاركة في هياج النفوس في الضفة.

ويمكن ان نوجه المنظار الينا ايضا، الى القدس عاصمتنا الأبدية، وان نفتح في الوقت نفسه العدسات والأعين لنعرف تدهورنا الاخلاقي، والفساد الجنائي الذي يحتفل دون ان يخشى القانون، والعنصرية الظاهرة برعاية حكومية والتي نشارك ونسكت عنها أكثرنا، ونتحمل جزءا صغيرا على الأقل من تهمة الحافلة القادمة التي ستتفجر. وقد أصبحوا متأهبين في "بيكور حوليم".