خبر سَوّاق فرشة!!..نور رياض عيد

الساعة 02:31 م|25 فبراير 2013

كعادته يضع أبو حسني كرسيه على باب بيته كل يوم في تمام التاسعة صباحًا ليتشمس بشمس الضحوية، وتبدأ الشلة تتجمع واحدًا تلو الآخر، وتبقى مسيرة "تنقيل" الكراسي مستمرة مع اشتداد حرارة الشمس حتى يقترب الظهر فيدخل أبو حسني بيته ويتناول غداءه وينام.

فإذا جاء العصر اجتمعت الشلة من جديد ليستمتع الجميع بشمس العصرية التي تفيد الجسم حسب الوصفات الطبية التي يتحف بها أبو حسني جلساءه.. وتستمر "القعدة" حتى المغرب في أيام مجيء الكهرباء، وفي أيام انقطاعها تتحول القعدة إلى سهرة.

من يرى كسل أبي حسني وقلة حركته يظنه عجوزًا في السبعين من عمره، علمًا أن صاحبنا من مواليد سنة الـ 1973م... أما عن نوعية الحديث التي يتناولها أبو حسني في حلقاته اليومية فهو خبير في كل شيء في الدين والتعليم والاقتصاد والاجتماع و... وأما السياسة فهو المحنك السياسي الذي يجيد شتم الجميع ونقد كل الأوضاع، بل هو الماهر في رؤية الشوك داخل أجمل وردة، وأما المصالحة فأبو حسني قد حلف على زوجته طلاقًا بالثلاثة إذا حصلت، حتى المؤسسات التي يحصل منها أبو حسني على مساعدات لا تسلم من لسانه الطويل، فهم يسرقون أكثر مما يوزعون من وجهة نظره.

وطبعًا قعدة أبو حسني دومًا عامرة فما أن يضع كرسيه حتى تكثر حوله الكراسي، ما بين رجال من أمثاله أو فتيان يرون في جلسته "نكشة رأس".

تحديث السجل الانتخابي كان مادة حديث دسمة، فلا يكاد يمر شخص يريد الذهاب ليسجل في السجل الانتخابي إلا ويغرق أبو حسني رفاقه بالتعليقات عليه.

وأبو حسني لم ينتخب أحدًا في عام 2005م، وكان يصرح بذلك دومًا مفتخرًا، والسبب أنه سمع فتوى تفيد أن الانتخابات حرام شرعًا، وصاحب هذه الفتوى هو شيخ لا يعرف أبو حسني اسمه لأنه سمعه يتكلم على الراديو أثناء ركوبه في سيارة، علمًا أن أبا حسني لا يصلي!!

وأما عن عدم تسجيله في السجل الانتخابي هذه المرة فيقول: إن جميع الحركات لا تستحق أن أعطيها صوتي، وكلهم يريد مصلحته الخاصة.. واسمع حتى تشبع من قصص صاحبنا عن سوء الفصائل الفلسطينية.

أبو حسني ليس مختارًا لكن كثرة أوقات فراغه، وجلوسه الدائم في الحارة جعله لا يترك شاردة ولا واردة إلا ويدس أنفه فيها، بدعوى أنه المصلح الاجتماعي الذي تنتهي غالب القضايا التي يتدخل فيها بالمصائب.

بالمناسبة أبو حسني على هذه الحال منذ عشر سنوات، وقبل ذلك لم يكن أبو حسني يجلس كثيرًا في حارته، لأنه كان مشغولًا بالجري وراء الكوبونات والمساعدات، ولم يترك مؤسسة إلا ويسجل اسمه فيها لأجل الصدقات والتبرعات، فصور هويته موجودة في كل مؤسسات القطاع، وبعد أن أصبح أبو حسني وجهًا معروفًا ومحفوظًا لجميع المؤسسات الخيرية، وأدرك الجميع حجم الكسل الذي يسيطر عليه وأنه يمتهن الشحدة ولا يريد العمل، لهذا السبب وإضافة لكونه جعل من نفسه مختارًا توقف أبو حسني عن اللفلفة على المؤسسات، وأعطى العهدة لزوجته، ودلها على عناوين جميع المؤسسات التي تقوم بتوزيع المساعدات.

لم تكن أم حسني بحاجة لتقديم أي أوراق ثبوتية لأن الأوراق كانت موجودة بزيادة، فزوجها لم يقصر، والجميع كان يعرفهم.

دخلت على الخط مؤسسة جديدة، فذهبت إليها أم حسني لتسجل للحصول على مساعدة، سألتها الباحثة قائلة: ماذا يعمل زوجك؟ وماذا كان يعمل؟ لأول مرة تحتار أم حسني لأنها لم تتوقع سؤالًا كهذا، لكنها في النهاية أجابت: سواق فرشة!!