تقرير غزة.. « الجزء المعتبر » من الراتب يثير استياء الموظف و المواطن العادي

الساعة 04:20 م|24 فبراير 2013

غزة -

عبر عدد من الموظفين الحكوميين و المواطنين العاديين عن استيائهم الشديد بعد تلقي انصاف رواتبهم كما كانت عليه الحال خلال الاشهر الماضية و دون أي تغيير، و ذلك بعد تصريحات لوزير المالية بحكومة رام الله نبيل قسيس بأنه سيتم دفع "جزء معتبر" من الرواتب قبل نحو اسبوع.

و أبدى المواطنون في احاديث منفصلة لـــ وكالة فلسطين اليوم الاخبارية تخوفهم من أن تكون سياسة نصف الراتب نهجا متبعا وخيارا وحيدا في المرحلة المقبلة، معتبرين بأن صرف انصاف الرواتب يزيد من حالة التقشف التي يعيشونها في الظروف الطبيعية.

من جهته أكد أبو فادي، أحد الموظفين العسكريين انه اصيب بصدمة بعد ان استلم نصف راتبه، مشيراً الى انه توقع ان تزيد قيمة الراتب عن النصف بعد تصريحات الوزير قسيس، متسائلاً عن الخيارات المطروحة من قبل الموظفين والنتيجة المتوقعة بعد ان اصبحت سياسة نصف الراتب نهجا متبعا وخيارا أمام السلطة والحكومة، و اصبح الموظف يعيش بأنصاف الحلول لكي يسير امور حياته؟؟.

و أضاف: "في هذه الظروف الاستثنائية لا يوجد امامنا كموظفين الا ان نشمّر عن سواعدنا و نتوجه للبحث عن عمل نسد به حاجاتنا و حاجات أسرنا".

بدوره اعتبر عبد الرحمن، ان الحجج التي يتم اتخاذها بان " اسرائيل" لم تحول اموال الضرائب ، او ان الدول المانحة لم تلتزم بتحويل الاموال  او ان الدول العربية لم تلتزم باموال شبكة الامان العربية وغير ذلك من الادعاءات لم تعد تنطلي على احد.

و قال: "لا أصدق أن الحكومة لا تستطيع صرف كامل الراتب للموظف، و خصوصاً نحن نسمع بين الحين و الاخر عن معونات تصلها من هنا و هناك"، معتقداً ان ما يجري الحديث عنه من مساعدات تصل خزينة السلطة يكفي لتغطية فاتورة رواتب الموظفين.

حال التجار و السائقين و المواطنين العاديين لا يختلف كثيرا عن حال الموظفين، و خصوصاً أن الحركة التجارية تعتمد و بشكل اساسي على رواتب الموظفين، و توقفت مع استمرار الازمة المالية لحكومة رام الله، و عدم استلام رواتب الموظفين كاملة.

فمن جهته قال أبو الأمير، صاحب احد محلات السوبرماركت: "إن انصاف الرواتب اثرت بشكل كبير على الحركة الشرائية في السوبرماركت، مشيراً الى أن غالبية زبائنه من الموظفين الذين يقترضون ما يحتاجونه منه، بحيث تراكمت مبالغ كبيرة في حساباتهم و يعجزون عن التسديد، بسبب عدم انتظام الرواتب و استلامها على اقساط".

و أشار الى أن معظم اصحاب المحال التجارية اصبحوا يفكرون في اغلاق محلاتهم، بسبب خسارتهم فيها لعدم وجود حركة شرائية في حين ترتفع فيه تكلفة ايجار المحلات، مؤكداً على أن الازمة اثرت على كل مناحي الحياة في قطاع غزة، و اصبح الدين الحل الوحيد امام الموظفين ليواجهوا متطلبات الحياة الكريمة.

بدورها أوضحت أم احمد، ان زوجها موظف و حين يذهب لاستلام راتبه لا يجد في حساب شيئ لان نصف الراتب يذهب لتسديد قرض اخذه من البنك مسبقاً، لافتة الى أن بعض المحال التجارية و سيارات تعبئة الغاز ترفض في كثير من الاحيان اقراضها، لعدم قدرتها على تسديد الديون.

وبدوره شكك المحلل الاقتصادي، د. محسن ابو رمضان في أن تكون أزمة السلطة المالية و العجز في دفع رواتب الموظفين سياسة مفتعلة، مؤكداً ان استمرار هذه الازمة هو نتيجة حقيقية لازمة العلاقة بين السلطة و "اسرائيل".

و أوضح أبو رمضان في حديث لــــ وكالة فلسطين اليوم الاخبارية بأن "اسرائيل" تجري تقييماً لأداء السلطة، فاذا كان ادائها مرضي تقوم بتحويل اجزاء من الضرائب، و ان كانت هناك ملاحظات لا ترتاح لها تقوم بمعاقبة السلطة مالياً بوقف تحويل مستحقات السلطة من عائدات الضرائب التي تقوم بجبايتها.

و نوه الى أن رواتب الموظفين تعتمد على ثلاثة مصادر اساسية هي: "المقاصة و اموال المانحين و الضرائب التي يتم جبايتها من المواطنين، ففي حين يتعطل احد هذه المصادر يصبح هناك عجز شهري في تغطية رواتب الموظفين، فكيف هو الحال اذا تعطل عنصرين "المقاصة و اموال المانحين"؟

و في رده على سؤال حول الخيارات المطروحة أمام السلطة قال د. ابو رمضان انه على السلطة ان تفكر في ان التصادم مع "اسرائيل" يتطلب استحقاقات، و لذلك فان عليها التوجه للدول العربية و الامم المتحدة و المانحين لتحمل "اسرائيل" المسؤولية عن انهيار السلطة اذا استمرت في قرصنة اموال عائدات الضرائب، و التحرر من اتفاقية باريس.

و اعتبر ان استمرار الازمة المالية للسلطة هي نتيجة لتواطؤ دولي مع "اسرائيل"، لانه يستجيب لضغوطاتها في حين لا يقوم العرب بواجبهم في تقديم الدعم اللازم للسلطة.

و توقع أن تستمر هذه الازمة في المرحلة المقبلة، ما لم يكن هناك تحالفاً بين السلطة و الفصائل الفلسطينية يتم من خلاله بلورة موقفاً يحمل "اسرائيل" المسؤولية الكاملة عن هذا العجز المادي للسلطة، و القيام باجراءات من شأنها تفعيل المقاومة الشعبية لالزامها بتحويل عائدات الضرائب للسلطة بشكل منتظم.

و لم يستبعد المحلل ان تزداد حالة الاحتقان التي من ابرز اشكالها حالات الاضراب التي تشهدها مؤسسات السلطة في الضفة الغربية، معتبراً ان الاضراب هو حق للموظفين لان السلطة مسائلة امامهم عن توفير مستحقاتهم من الرواتب.