خبر مؤامرات دولية.. يديعوت

الساعة 10:34 ص|22 فبراير 2013

بقلم: ناحوم برنياع

(المضمون: أظهرت قضية السجين إكس ان اجهزة الامن الاسرائيلية لا يوثق بها لأنها لا تقدم للجمهور إلا المعلومات الكاذبة. لماذا سيكون وزير الدفاع الامريكي الجديد تشاك هيغل ضعيفا عاجزا في رأي أليوت أبرامز الذي كان نائب رئيس مجلس الامن القومي في عهد بوش - المصدر).

نُفذت واحدة من العمليات اللامعة في تاريخ وكالة الاستخبارات المركزية الامريكية في ايران في 1979 في بداية حكم نظام آيات الله. فقد احتل الايرانيون السفارة الامريكية واحتجزوا الدبلوماسيين رهائن. ونجحت قلة قليلة من ناس السفارة في ان تجد ملجأ في بيوت دبلوماسيين كنديين. وانشأت وكالة الاستخبارات المركزية لتخليصهم شركة انتاج وهمية كان يفترض ان تصور فيلما في ايران. ويعتمد على هذه القصة الحقيقية فيلم "آرغو"، الفيلم الممتاز لـ "بن أبالك". إن الفيلم عن صعود وسقوط المواطن الاسرائيلي الاسترالي بن زغيير يعد بألا يكون أقل منه اثارة وتوتيرا. والمشكلة هي النهاية الجيدة غير الموجودة.  انها قصة بدأت بخطأ وانتهت بمأساة. وكان الخطأ قبول انسان لم توهب له المنعة النفسية الملائمة للعمل. وكانت المأساة انتحاره في السجن. ويجوز ان نُقدر ان زغيير قد سبب بموته من الضرر أكثر مما سبب في حياته.

إن قصص الاستخبارات هي سلعة ساخنة جدا في السوق. وقضية السجين إكس هي سلعة ملتهبة. ففيها مؤامرات دولية وامور غامضة وحياة وموت. وقد دخلت فيها أسماء جهتين تثير الحرب السرية بينهما فضولا ضخما في العالم وهما الموساد الاسرائيلي من جهة، وايران من جهة اخرى.

ان وسائل الاعلام ممثلة فعالة في هذه الدراما. واليكم حكاية صحفي استرالي اسمه جيسون كوتسوكيس تلقى مكالمة هاتفية من استراليا عرضت عليه ان يفحص عن طائفة من التفصيلات عن شركة اقتصادية دولية. وحاول ان يقاطع بين المعلومات ولم ينجح؛ وحكاية قناة تلفاز استرالية اسمها "إي.بي.سي" أنتجت فيلما وثائقيا عن زغيير. وكان هذا الفيلم قليل الحقائق، وبلغت الى صحفيين في اسرائيل اشاعات عن حياة السجين إكس وموته. وتمت بعض محاولات لتفحص الظروف اجتُثت وهي ما تزال في المهد. فقد طُبقت أوامر حظر نشر شاملة أجازتها رئيسة المحكمة العليا دوريت بينيش، وجاء التحول مساء بث الفيلم في التلفاز الاسترالي. وانهارت السدود حتى قبل ان يُفهم هنا مبلغ ضآلة الفيلم الذي بُث هناك. وانتبهت وسائل الاعلام الاجنبية على أثر وسائل الاعلام الاسرائيلية. وانتبه اعضاء برلمانات في كل دولة ذُكر اسمها على أثر وسائل الاعلام.

ان تمايز وسائل الاعلام في عصر الانترنت الى حد فقدان السيطرة عليها حقيقة معلومة. وكذلك الباعث التنافسي القوي في وسائل الاعلام الاسرائيلية حقيقة معلومة. وكانت محاولات من ناس في داخل الجهاز الحكومي لوقف الطوفان. ولقيت هذه المحاولات سورا عاليا من عدم الثقة وفاجأهم قدر عدم الثقة. لأنه يبدو أنهم لا يثقون بأحد لا بالساسة ولا برؤساء أذرع الامن ولا بقضاة المحكمة العليا.

ومن جملة ما لا يثقون به ان يكون شخص مثل زغيير قد انتحر حقا لأنه اذا مات فهي علامة على ان الموساد صفّاه. وحتى لو برهنوا لهم على أنه خنق نفسه بيديه فلن يقتنعوا حقا لأنه من المؤكد ان شخصا ما في الموساد قطّر له مخدرا جعله ينتحر أو حفز عنده افكارا انتحارية.

نال الجهاز الحكومي عدم الثقة به عن استحقاق. وناله بألف قضية وقضية قدم فيها للجمهور معلومات كاذبة. وناله بورطات جنائية. قد يكون رئيس هيئة الاركان هو الرجل الذي كلمته هي الكلمة الأقدس في المجتمع الاسرائيلي. وها هو ذا رئيس هيئة الاركان يتعلق فوقه الآن شبهة انه كان مشاركا في تزوير رسالة كانت مُعدة لاحباط تعيين وريثه. ومن الذي يتهم؟ وزير الدفاع. ومهما يكن الامر فانه لا يوجد هنا واقع يبني الثقة.

فقدت ثقتي بالجهاز حينما دُعيت الى الشهادة في محاكمة جنائية في محكمة في القدس. وكان المتهم قد صور وهو يضرب صحفيا ضربا شديدا. وكانت القاضية تميل الى العطف على المتهم فطلبت إلي أن أغير الحقائق بشهادتي كي أخفف حكمه ولم أصدق ما سمعته أذناي.

بعد ذلك تاب إلي صوابي. فالشك أمر سليم. وعدم الثقة أمر خطير لأنه يستدعي اسوأ شعور بالاضطهاد. فالذي لا يثق بأحد يفقد الوسيلة التي تُمكنه من الحكم على الواقع. وفي دولة كلها كذابون لا يتحمل أحد المسؤولية ولا يعاقب أحد. واقتنعت بصورة نهائية حينما طلب واحد من زملائي وهو صحفي موهوب ان تحقق النيابة العامة لماذا استقر رأي القضاة الكبار الثلاثة في محكمة لوائية على تبرئة متهم أراد تأثيمه. ألم يحصلوا على رشوة؟.

لم يعش زغيير في عزلة تامة فقد سجلت أكثر من خمسين زيارة له في ثلاثة اشهر. كان إكسا عند الجمهور العريض لا عند أبناء عائلته ولا عند محاميه ولا عند آخرين. وبرغم ذلك لا يضر ان نفحص عن امكانية تغيير الترتيبات المتعلقة بسجناء في عزلة؛ ويجب ان يُطبق القانون على السجانين الذين فشلوا؛ ويجب ان نفحص من جديد عن ترتيبات القبول والمتابعة في المنظمات الاستخبارية. ان العدو هو ايران مع كل ذلك برغم جميع الاسئلة وجميع الشكوك وبرغم عدم الثقة. واذا لم نعرف كيف نحاربها سرا فسنضطر الى محاربتها علنا وسيكون ثمن ذلك أبهظ كثيرا. وقد نسيت هذه الحقيقة على نحو ما من القلوب في الايام الاخيرة.

لا يكرهه

سيُعين في هذا الاسبوع السناتور السابق تشاك هيغل وزيرا للدفاع في ادارة اوباما الثانية. وقد تكلم هيغل في الماضي معترضا على جماعة الضغط الموالية لاسرائيل ومعترضا على عملية عسكرية امريكية في ايران. وقد تراجع عن هذه التصريحات في اثناء مساءلته في مجلس النواب الامريكي. إن ما هو أشد اقلاقا للاسرائيليين هو القطيعة الكاملة بينه وبينهم. فلا توجد ذكريات مشتركة ولا تعارف شخصي. وقد جاء اهود باراك في نهاية الاسبوع الماضي الى واشنطن كي يُثبت تفاهمات شفهية كانت له مع وزير الدفاع الماضي ليون بانيتا. ويحسن ان تعتمد اسرائيل على النظرية المكتوبة الى ان تصبح لها نظرية شفهية مع هيغل.

إن هيغل مقرب جدا من نائب الرئيس بايدن ومن وزير الخارجية كيري. وسيوكل الى هؤلاء الثلاثة تنفيذ سياسة اوباما الخارجية في الولاية الثانية سواء أكان ذلك حسنا أو سيئا. ويفضل هؤلاء الثلاثة الدبلوماسية على استعمال القوة والاعتراف بحدود الولايات المتحدة على التلويح بقوتها. وهذا هو التصور العام لاوباما ايضا.

كان أليوت أبرامز ابن الخامسة والستين أشد المعارضين لتعيين هيغل، وقد اتهم هيغل بمعاداة السامية وهي تهمة كبيرة جدا حينما تُقال في جدل عام في امريكا.

كان أبرامز نائب رئيس مجلس الامن القومي في عهد بوش. وكان مقربا جدا من حكومات اسرائيل وكان صديقا وشريكا. ونشر في المدة الاخيرة كتابا يلخص عمله في الادارة هو ("امتُحن في صهيون: ادارة بوش والصراع الاسرائيلي الفلسطيني"). وقد التقينا في نهاية الاسبوع الماضي في مقهى اسمه "بيس" على تل الكابيتول في واشنطن. وطلبت ان أعلم لماذا يكره هيغل فقال: "لست أكرهه، فأنا لا أعرفه شخصيا. لي اصدقاء يهود قالوا انهم يعرفونه منذ سنين ولم يسمعوه قط ينبس بملاحظة معادية للسامية. أعتقد ان كل من يرفض تنظيمات اليهود للتأثير في السياسة الامريكية مصاب بمعاداة السامية. هذا هو تعريفي.

"قال هيغل ذات مرة: لست سناتورا اسرائيليا أنا سناتور امريكي. والتزامي هو للولايات المتحدة. ولم تكن تلك زلة لسان".

قلت: في اسرائيل ايضا من يعتقدون ان جماعة الضغط اليهودية عدوانية جدا ولها أعداء ايضا في المجموع اليهودي في امريكا.

قال أبرامز: "ليس هذا هو الشيء نفسه".

"قال هيغل ايضا انه ليس من المقبول في العقل الهجوم على ايران. وهذه مقولة فظيعة لأن الاحتمال الوحيد لتراجع آيات الله عن المشروع الذري هو ان يخشوا هجوما امريكيا".

قلت: لكنك تعلم انه سيوافق عليه آخر الامر، فمجلس الشيوخ لا يتدخل في العادة في تعيينات الرئيس.

قال أبرامز: "اجل. أفترض انه سيوافق عليه آخر الامر. لكنه سيكون شديد الضعف باعتباره وزير دفاع. ان الصراع مع هيغل يعرض الحزب الجمهوري على انه حزب موال لاسرائيل جدا وهذا جيد. ويتبين للجميع ثانيا انه توجد هنا جماعة ضغط موالية لاسرائيل قوية تعتمد في أكثرها على المسيحيين. وليست هذه جماعة ضغط يهودية".

قلت: اختار اوباما هيغل لتقليص ميزانية الدفاع. فهل هو المرشح المناسب لهذه المهمة؟.

قال أبرامز: "لا. يُحتاج لتقليص ميزانية الدفاع الى وزير دفاع من الطراز الاول، الى واحد يُجله مجلس النواب. وقد كان هيغل بائسا في عرضه في المساءلة. ويعلم الآن كل عضو في مجلس النواب ان التعيين فاشل".