خبر اعتقال إداري لـ 28 سنة- هآرتس

الساعة 10:00 ص|20 فبراير 2013

بقلم: عميره هاس

ستبحث المحكمة العليا اليوم في ظاهر الامر الاستئناف بشأن أيمن الشراونة، أحد المفرج عنهم في صفقة جلعاد شليط، والذي كان ايضا أول من اعتقل من جديد في كانون الثاني 2012. ويُراد من المحكمة العليا في واقع الامر اليوم ان تعوق إضعافا وتخريبا آخرين من التشريع العسكري لمباديء المحاكمة العادلة.

ويبدأ إضعاف مباديء المحاكمة العادلة كالعادة بالحلقة الضعيفة. وهي هذه المرة – سجين أمني يسهل إبغاضه وتجاهل حقوقه من حماس أُدين بالمشاركة في عملية تفجيرية في بئر السبع. وحُكم عليه بالسجن لـ 38 سنة أمضى 10 منها الى ان تم الافراج عنه في اطار اتفاق سياسي للافراج عن جلعاد شليط.

مرت على الافراج عن الاثنين ثلاثة اشهر واعتقل الفلسطيني مرة ثانية. ويزعم الجيش الاسرائيلي و"الشباك" انه عاد "الى تنفيذ نشاط أمني محظور"، اعتمادا على أدلة سرية. ولا تُعرض لا الشبهات ولا الأدلة عليها على المحاميين أحلام حداد ونيري رامتي، كاتبي الاستئناف. ويفترض ان يُتم الشراونة ما بقي من مدة سجنه بفعل خلط قضائي تم تدبيره: فسيمكث 28 سنة اخرى في السجن باجراء يشبه اعتقالا اداريا.

استمد المُشرعون العسكريون من التشريع المدني المواد المضرة في شأن الافراج عن سجناء بشرط، مع التخلي عن التوازنات التي توجد فيه، ونسخوا من تراث الاعتقال الاداري (الاعتقال بلا محاكمة)، واستمدوا الالهام في الأساس من غضب الجهازين الامني والسياسي على حماس لأنها لوت أيديهما. وهكذا نشأ في 2009 تعديلان للامر المتعلق بتعليمات الأمن وهما المادتان 184 و186 والامر رقم 1651 المتعلق بتخفيف العقوبة.

توجد هنا لجنة تسريحات عسكرية خالصة مؤلفة فقط من ناس جاءوا من ذلك الجهاز الذي أدان (لا من عاملين اجتماعيين وعاملين في التربية ومن أشبههم كما هي الحال في اللجنة المدنية الموازية). ويوجد هنا تأليف بين اعتقال انسان الى ان يستقر رأي لجنة تسريحات عسكرية على انه هل تمت مخالفة (وهذه سلطة اعتقال ليست للجنة المدنية)، وبين عقاب آلي دون حاجة الى إدانة.

ويوجد هنا منح "الشباك" والجيش ملجأ على هيئة "أدلة سرية" كما هي الحال في الاعتقال الاداري، لكن من غير الرقابة القضائية في كل بضعة أشهر، ويوجد هنا ايضا عدم تقدير اللجنة للامور: فهي بحسب الأمر المعدل وبعكس اللجنة المدنية الموازية، تلتزم بأن تعيد المفرج عنه الى السجن المدة كلها. وحتى لو قُدمت فيه لائحة اتهام جديدة اعتمادا على أدلة مكشوفة، وحتى لو كانت المخالفة طفيفة حتى في نظر القضاء العسكري الاحتلالي الذي من طبيعته انه يرى كل فلسطيني مذنبا ما لم يثبت عكس ذلك ومن طبيعته أنه خلق مخالفات للقانون حتى من اعمال عادية كالعوم العارض في حاوية أو كمظاهرة – اذا أُدين المُسرح فانه يُعاد الى السجن حتى لعشرات السنين.

سيكون من السذاجة ان نؤمن بأن التعسف السافر هنا المخالف لمباديء المحاكمة العادلة، لا يتغلغل ايضا الى جهاز القضاء المدني ويلوثه. وتدل حقيقة ان هذا الطبيخ قد ابتُدع بصورة توازي التفاوض في الافراج عن شليط، على ان الجيش الاسرائيلي و"الشباك" بحثا مسبقا عن نوافذ خلفية لاعادة المفرج عنهم الى السجن ولا سيما اولئك الذين حُكم عليهم بفترات سجن طويلة ولم يُطردوا الى خارج البلاد أو الى غزة.

إن القضية التي ستُبحث اليوم في الظاهر قضائية فقط. وسيُجرى بين السطور في الواقع تباحث في ثقافة اسرائيلية مؤمنة بالقوة تبغي الانتقام وفي تأثيرها المدمر في العلاقات بين الشعبين اللذين يعيشان على هذه الارض. ويسمع الفلسطينيون هنا رسالة سياسية الى أمد بعيد: من الافراج عن الأسرى الى احترام حقوقهم القومية – ستجد اسرائيل دائما طريقة لنقض الاتفاقات. ولهذا يقوى موقف انه لا داعي الى تضييع وقت على تفاوض سلمي مع الاسرائيليين وعلى السعي الى مصالحة تاريخية معهم.