خبر بيبي يلعق أصابعه- هآرتس

الساعة 09:14 ص|18 فبراير 2013

 

بقلم: عوزي بنزيمان

قال مهرج البلاط للملك مرة إن الاعتذار قد يكون اسوأ من الذنب. وسأله الملك: كيف؟ فقال المهرج موضحا: لنفترض أنك تصعد الدرج وأنا أسير وراءك في هدوء وأضربك على مؤخرتك. وتلتفت إلي غاضبا فأقول في حرج شديد: المعذرة، ظننتك الملكة. تثور هذه الحكاية المعروفة في الذاكرة حينما نقرأ اعلان بنيامين نتنياهو الرسمي في نهاية الاسبوع الماضي بقراره الغاء مادة النفقة التي تفرض على خزانة الدولة ان تمول له شراء بوظة بمبلغ 10 آلاف شيكل كل سنة.

ويتبين ان ديوان رئيس الوزراء حصل في السنة الاخيرة على إذن خاص لتخصيص 10 آلاف شيكل من نفقة تدبير منزله كي تُشترى له رزم بوظة بمذاقين – فانيل – سوربا والفستق. ولم تُشمل هذه النفقة في الأصل في ميزانية التدبير التي تتصرف بها عائلة نتنياهو، لكن مساعديه نجحوا في الالتفاف على اجراءات البيروقراطية (بالنقل من مادة نفقة الى اخرى) وفي احراز إذن بشراء رزم البوظة التي يحبها من حانوت البوظة قرب بيته. وقد تمتع نتنياهو بالترتيب الخاص في الاشهر الاخيرة الى ان قطعت الصحافة فرحه: وحينما سُئل ديوانه عن تفسير ذلك وسُئل لماذا يجب على الجمهور ان ينفق على شهوات رئيس الوزراء الخاصة، نشر ديوانه اعلانا باسمه بقراره الغاء الاتفاق لأن "الحديث عن نفقة مفرطة لا يقبلها". وهذا غريب شيئا ما. لأنه كيف أصبحت النفقة مفرطة، أليس رئيس الوزراء نفسه (أو شخص آخر من قبله) هو الذي بادر الى الاتفاق مع حانوت البوظة التي يحبها، بل علل اتصاله الخاص به بأنه هو وحده "ينجح في اصابة ذوق رئيس الوزراء". وكيف خلص رئيس الوزراء في 14 شباط 2013 الى استنتاج ان هذه النفقة لا يقبلها في حين لم تكن مقبولة عليه فحسب بل مرغوبا فيها ويقتضيها الواقع في الاشهر التي سبقت ذلك؟.

وتوجد فقرة مثيرة اخرى في اعلان ديوانه ورد فيها ان الاتصال بحانوت البوظة المخصصة تلك هو "اتفاق اطار فقط للضيافة في المنزل الرسمي لرئيس وزراء اسرائيل ولا يقتضي الامر ان يُستعمل الاتفاق استعمالا بالفعل". ومعنى ذلك ان تلك البوظة المشتهاة لم تكن مخصصة لتلذ نتنياهو خاصة بل للترفيه عن ضيوفه. واذا سُئل كيف يعلم من سيكون ضيوفه في السنة القريبة ومن أين يأتي اليقين بأنهم يحبون البوظة بمذاق الفانيل – سوربا والفستق، فالجواب لماذا يوجد "شباك" وموساد؟.

إننا نعالج أمر رئيس وزراء ذي صور سلوك ثابتة. فهو أو المحيطون به ينشئون ظروفا يُثقلون فيها على الدولة بتكاليف نقل كبيرة لمعداته الخاصة، ويديرون حصرا مكتوبا دقيقا للهدايا الشخصية التي حصل عليها بفضل منصبه كي يستولي عليها مع انتهاء ولايته، ويُشاجرون مقدمي خدمات شخصيين لاسباب مالية، ويُبدون عدم اكتراث للمتظاهرين المعدمين قرب منزله، وحينما يوجه اليه نقد – تحاول زوجته ان توزع عليهم البيتزا، ويجادلون في مقدار النفقة التي تخصصها الدولة له للانفاق على دارته في قيصارية، ويستغلون رحلاته الى الخارج في اعماله العامة من اجل إرضاء شهواته مُلقين كلفة ذلك على الآخرين.

يرى نتنياهو ان الميدان العام حقل صيد يرمي الى تمكينه من التجول فيه واستخلاص أقسى فائدة شخصية منه وحينما تنكشف عورته كما في أمر البوظة، يوجد ذرائع ويورط نفسه في تناقضات ويرد في هستيريا (السيجار ذو الدخان الذي حاول اخفاءه في جيب معطفه).

هذا هو الرجل. تُقدر أملاكه الخاصة بنحو من 40 مليون شيكل لكنه ما زال يستغل خزانة الدولة لاشباع شهوته للبوظة. وقد تولى رئاسة الوزراء مدة أطول من أسلافه جميعا وهو مع ذلك يشعر بأنه مظلوم ومضطهد وهو متحمس ليختطف لنفسه وعائلته التكريمات (تسمية شوارع باسم أبيه وصهره). ويدل سلوكه على أن الانسان يولد بحسب وجهة نظره في فضاء معادٍ عليه فيه ان يكون مستعدا طول الوقت لئلا يتعرض له أحد ويسلبه ما يستحقه. هذا هو عالم مفاهيم نتنياهو الخاص والذي يطبقه ايضا على الميدان العام فهو يراه مجالا هدفه ان يُعوضه عن تضحيته ويُقدم اليه الكثير من الترف.

هذه هي صورة واقع انسان شكاك خائف ليس فيه مكان لاتساع المعرفة والسخاء والسكينة. وحينما تجري الحياة في البيت عن استعداد دائم للمضطهدين الذين يُدبرون للشر وجُهد لا ينقطع من اجل الحظوة بالاعتراف والتكريم يفضي ذلك بالضرورة الى توجه مُسِّف ضئيل ينتقل الى الفضاء العام ويبلغ الى الرأي العام. ليس نتنياهو هو موضوع افتخار مواطني اسرائيل.