خبر موت العميل أفضل- هآرتس

الساعة 09:11 ص|18 فبراير 2013

 

بقلم: اسحق ليئور

حُكم على سامر العيساوي في محكمة عسكرية بثلاثين سنة سجن، وأُفرج عنه في صفقة شليط واعتقل في تموز، وأُعيد ليُسجن عشرين سنة اخرى لأنه خرج من القدس، التي هي منطقة سكنه، الى الرام وراء الشارع. ويتم الابقاء على العيساوي حيا بالماء والملح منذ آب. وأبلغت عميره هاس عن وجود 13 ممن أُفرج عنهم بصفقة شليط أُعيدوا الى السجن بحسب اجراءات اتُخذت سرا، وأخفوا على أكثرهم "الأدلة التي فحصت اللجنة عنها". ووسائل اعلامنا غير مكترثة. فالسجناء الفلسطينيون مجهولون دائما وفيهم ايضا المضربون عن الطعام.

لم تُصر وسائل الاعلام على بث التقارير عن موت بن زغيير ايضا. فقد اعترف رونين بيرغمان من صحيفة "يديعوت احرونوت" في التلفاز بأن صحيفته التي استأنفت بشأن موت زغيير، لم تُجهد نفسها حقا. وبعد اسبوع ما زال زغيير يشغل الجمهور بواسطة التقويات. إن روني دانيال وأمنون ابراموفيتش (من اليمين واليسار) يُهدئان جأش الشعب المتأثر: "كان عندنا محامون ذوو شأن"، و"هو لم يكن ذا شأن".

ويسود كل ذلك كليشيه أن "الرقابة غير ممكنة في عصر الشبكات الاجتماعية". أهي غير ممكنة؟ لم تُفد أية شبكة اجتماعية عن اعتقال زغيير في منتصف 2010 ولم تُبلغ أية شبكة اجتماعية عن موته ايضا في نهاية 2010 ما عدا "واي نت" وأُخضع ذلك للرقابة فورا. وفي يوم الثلاثاء الماضي فقط بعد ان نشر التلفاز الاسترالي التحقيق انفجرت القصة هنا.

اليكم اسئلة عن سجناء مجهولون باعتبارهم مثلا لاستهلاك المعلومات الذي يملي على وسائل الاعلام برنامج عملها. ما الذي يحب الاسرائيليون معرفته؟ هل هو إضراب السجناء الفلسطينيين عن الطعام؟ أم فضائح في الجماعة الاستخبارية؟ أم اجراءات قضائية سرية؟ أم منتحر "منا" في السجن؟ ورتبوا أنتم مستوى الأدرينالين عند مستهلك المعلومات لأنه في نهاية الامر ما الذي يوجد في اعترافات مصورة لرؤساء "الشباك" في الطريق الى هوليوود في شأنٍ ما يفترض ان يعرفه كل انسان نزيه بعد 46 سنة احتلال في لقاءين أو ثلاثة مع سجناء مُفرج عنهم على مبعدة خمس دقائق من كفار سابا أو الطالبية؟ إن كل من رأى كيف تتم محاكمة عسكرية في المناطق يدرك كيف حُشر في السجون عشرات آلاف الفلسطينيين مدة 46 سنة من غير أدلة وبمساعدة التعذيب في مرات كثيرة.

إن سور عدم الاكتراث عندنا أثخن من جدران السجون. هنا نشأت قسوة القلب الاسرائيلية، وفي اليسار ايضا فيما يتعلق بالحق في البراءة. وعلى مر السنين تحول الاسرائيلي الى قاض عسكري صغير أو سجان أو رجل "شباك" الدليل الذي يكفيه هو "يقولون انه...".

هل تأثرتم بزغيير حقا؟ ستهدأ نفوسكم فورا اذا لم تهدأ بعد. فوسائل الاعلام تبيع معلومات. وهي مؤثرة اذا تم الكشف عنها "فجأة"، وبشرط ألا نسمع شيئا بعد ذلك وقبله. ومن هنا تأتي حملات مبيعات الكشوفات الصحفية الغريبة: فيوفال ديسكن يُحدث رفيف دروكر عن ان الجيش خدع الشعب بعد خريف 2000 فيما يتعلق بمؤامرات ياسر عرفات الذي اتهمته وسائل اعلامنا في تشرين الاول بتأجيج الانتفاضة الثانية. ما الذي تقوله؟ وكأننا لم نكن هنا وكأننا لم نرَ كيف نشأت الخدعة بالتدريج على ألسن صحفيين يشربون في عطش دعاية الجنرالات ويسقون مستهلكي وسائل الاعلام ما بقي عنهم؟.

في نهاية ايلول 2000 تفاخر رئيس هيئة الاركان شاؤول موفاز بأن الجيش الاسرائيلي قدّر مسبقا بل استعد لعصيان (وحول العصيان الى حرب). وتلقت الصحافة العصيان في خريف 2000 على أنه "مفاجأة"، حتى إن ملحق صحيفة "هآرتس" نشر سريعا تقريرا عن "اليسار الخائب الأمل". والآن "يكشفون" فجأة عن الحقيقة وهي "خدعوكم". إن هذا هو المكان الذي تتحول فيه المعلومات الى سلعة جيدة.

إن مستهلك الأخبار لا يحب الحقيقة حقا بل يحب الكشف المفاجيء المتأخر بالطبع بحيث لا يمكنه ان يفعل شيئا في الأمر، مثل التقارير عن زغيير  الى ان تقع الحادثة المؤثرة التالية بواسطة الاخفاء والكشف والاخفاء والكشف. ان هذه جمالية حوانيت ملابس داخلية للنساء.