خبر ماذا يهدف الاحتلال من وراء سياسة نقل الأسرى بشكل مستمر؟

الساعة 07:12 ص|18 فبراير 2013

غزة

أكد مركز أسرى فلسطين للدارسات، أن سلطات الاحتلال صعدت في الآونة الأخيرة من سياسة التنقلات بين الأقسام والسجون المختلفة، وبأعداد كبيرة في بعض الأحيان بهدف التنغيص والتنكيد على الأسرى وإفشال خطواتهم النضالية القادمة، احتجاجاً على أوضاعهم السيئة وتضامنا مع الأسرى المضربين عن الطعام منذ شهور .

وأوضح مدير المركز الباحث رياض الأشقر أن الاحتلال يمارس سياسة النقل كأسلوب ممنهج وعمل مقر ومعتمد في أنظمة مديرية السجون ويحظى بدعم وتغطية المسئولين الإسرائيليين لأنه يشكل عقاب قاسى للأسرى ويضاعف من معاناتهم .

وتطرق الأشقر إلى أوجه المعاناة التي  يتعرض لها الأسرى خلال عمليات النقل والتي تتمثل في:

أولا: إبلاغ الأسير بالسفر: حيث تتعامل الإدارة  مع الأسير وكأنه جماد، يتم نقله من مكان لآخر دون إرادته ودون أي اعتبارات لذاته فيتم إبلاغه بالسفر من السجن الذي هو فيه باليوم والمكان الذي يريدون مساء حيث لا يتمكن من تجهيز نفسه وترتيب أغراضه وإذا كان ينتظر زيارة لأهله في اليوم التالي فلا مجال أمامه لإبلاغهم بعدم الحضور للزيارة مما يتسيب بعذاب الأهل وعدم تمكنهم من رؤية ابنهم .

ثانيا: النظارة ( همتنه):

يحرص السجانون علي إخراج الأسير من القسم في ساعات الصباح الأولى، ، ويقيد حتى الوصول إلي ما يعرف بـ( الهمتنة) ثم يوضع مع عدد قد يصل إلى العشرين أو أكثر في غرفة لا تزيد مساحتها عن  عدة أمتار، ويبقى هذا العدد من الأسرى داخل هذه الغرفة القذرة ينتظرون قدوم سيارة البوسطة حتى ساعات الظهر،  وخلال هذه الفترة من الانتظار يبقى الأسير بدون أكل أو شرب أو تدفئة في فصل الشتاء أو تهوية في فصل الصيف، ويكون الوضع أكثر صعوبة وأشد علي الأسرى المرضى الذين تتفاقم أوضاعهم الصحية في هذه الظروف .

ثالثا: التفتيش

وهو إجراء عقابى متعمد؛ فالأسير يخرج من غرفته لا يحمل سوى أغراضه التي يعرفها كل سجان في السجن والتي يمر عليها عدة تفتيشات أثناء وجوده في القسم، ومع ذلك يتم فتح كل ما لدى الأسير من أغراض بعد فحصها بجاز الكشف الإلكتروني (زنانة) وكذلك يتم تفتيش الأسير نفسه عدة مرات بشكل شخصي منها  ما هو بالماكنة ومن ثم باليد والأهم من ذلك كله التفتيش العاري بشكل مذل لا يمت لعملية التفتيش بصلة، كل هذا الدور تقوم به شرطة السجن الذي سيغادره، وبعد أن ينهوا عملهم يتم تسليم الأسير لمسئول البوسطة ،ومن معه من فرقة ناحشون الذين يبدءون إجراءات التفتيش من جديد بعد أن يتم وضع القيود في رجلي الأسير إضافة لما في يديه.

رابعا: سيارة البوسطة:

حيث يجبر الأسير على نقل أمتعته من غرفة النظارة ( همتنه) إلي السيارة وهو مقيد اليدين والرجلين مما يتسبب في كثير من الحالات في سقوط الأسير على الأرض أو التسبب له في جروح ، ثم يصعد عدة درجات لركوب السيارة التي يجلس بداخلها على كرسي حديد ليس عليه شيء من الجلد القماش يقي الجسم خلال السفر ويمنع حتى من اصطحاب مخدة أو شيء من أغراضه للجلوس عليه ،وسيارة البوسطة  تم تصميمها لأمر ليس له علاقة بالبشر وقد حرص المصممون عليه جعلها مدرعة لا يمكن الشعور فيها بأنها سيارة للبشر وقد قسمت من الداخل إلي عدة أقسام ضيقة وهو ما يشكل خطورة كبيرة علي راكبيها لو حصل أي خلل أو حادث ولم يراعَ فيها أيٌّ من إجراءات السلامة للركاب وبالتأكيد لو حصل أي طارئ لهذه المركبة فإن حياة الراكبين تكون في خطر ولا يستطيع أحد إنقاذ أحد منها خاصة وهم مقيدو الأيدي والأرجل، كما لأن الاعتماد على التهوية فيها هو علي المكيف وفي كثير من الأحيان يعمد السجانون على إطفاء المكيف وترك الأسرى يغرقون في عرقهم ويشعرون بالاختناق لقلة الأوكسجين وازدحام المكان ويرافق شرطة البوسطة أثناء التفتيش والسفر كلاب مدربة وقد هاجمت في أكثر من مرة الأسرى وتسببت بإيذائهم كما أن استخدامها في تفتيش أغراض الأسير لا يراعى فيه طهارة هذه الملابس ووجود كتب ومصاحف قرآن، فيتم انتهاك كل هذه الخصوصية دون أي اكتراث.

 

خامسا: الحرمان من كل متطلبات الحياة:

ويقضى الأسير فى البوسطة فى بعض الأحيان نصف اليوم ، اى ما يزيد عن 10 ساعات متواصلة ، وخلال هذا الوقت يحرم من الاحتياجات السياسية للإنسان ، منها الطعام والشراب حيث من المفترض أن يحصل الأسير يوميًّا على ثلاث وجبات ولكن خلال سفره لا يحصل في غالب الأوقات علي ذلك وربما لا يتناول طعام الإفطار إلا مساء ذلك اليوم.

وكذلك  لا يسمح للأسير خلال السفر النزول من السيارة لقضاء حاجته ولا يوفر له ذلك في السيارة وعليه الانتظار حتى وصوله المكان المنوي إنزاله فيه وقد أدى ذلك ولكثير من الأسرى إلى الامتناع عن تناول الأكل والشراب قبل عملية النقل بوقت طويل لكي لا يحتاج لدخول ورة المياه أثناء النقل وإن يسمح للبعض النزول للمرحاض فبعد عشرات المطالبات وبعد التعرض للمشاكل في ظروف غير مناسبة، إضافة إلى عدم تمكين الأسير من أداء فريضة الصلاة .

سادسا: تعمد إيذاء الأسرى في البوسطة:

حيث تمر البوسطة أثناء السفرية بعدة سجون يتم خلالها إنزال وأخذ أسرى من هذه المواقع وكذلك يأخذ شرطة البوسطة راحتهم ويتناولون وجباتهم تاركين الأسرى بداخل صندوق البوسطة دون أي اهتمام أو مراعاة وقد يستغرق تنقلهم وتوقفهم في الموقع الواحد ساعتين أو ثلاث ساعات، ويتعمد السائقون إيذاء الأسرى ، وذلك بالتوقف المفاجئ مما يدفع بالأسرى إلى الارتطام بالمقاعد والجدران الحديدية وإصابتهم بجروح ، وهذا حدث مع  خمسة نواب فى احد عمليات النقل .

سابعا: المرضى وكبار السن:

 من أشد الناس معاناة في السفر هم المرضى وكبار السن حيث إن الأصل في هاتين الحالتين الراحة لهم أثناء السفر، ولكن المريض يزداد مرضا ويتمنى الموت في غرفته على هذه المصيبة، والمسن يمضي وقت النقل بين التوجع والتألم والعذاب دون أي إحساس منهم بهذا الإنسان.

وغالبا ما يكون شرطة البوسطة شبابًا حادين جدًّا ولا يراعون سنًّا ولا يحترمون كبيرًا، قد انتزعت منهم كل معاني الرفق يصرخون ويعربدون ويتلفظون بسوء الكلمات والشتائم ولا يتورعون حتى في ضرب البعض كما حصل في العديد من المرات.

ثامنا: المعبار

وهو مكان ينتظر فيه الأسرى أثناء سفرهم من سجن لآخر أو من السجن الذي يعيش فيه للمستشفى ليكمل سفره اليوم التالي فيلبث فيه أحيانًا ليلة وأحيانًا أكثر من ذلك وفي هذا المكان ملئ بالمعاناة فبعد أن أمضى قرابة يوم كامل في البوسطة ينزل في المعبار الذي ليس فيه أي شيء من متطلبات الحياة اليومية للأسير لا يوجد حمام للاستحمام ولا يوجد طعام يكفي العدد الموجود في كل غرفة لا يوفر الماء البارد في جو حار ولا الدافئ في جو بارد، إضافة لقذارة الغرف وامتلائها بالصراصير وإذا اضطر الأسير لطلب شيء من الشرطي يتعرض للصراخ والسب ، كل  ذلك يأتي بعد رحلة طويلة للأسير فى البوسطة .

تاسعا : الحرمان من الأغراض وضياعها :

 من المشاكل التي يعاني منها الأسير خلال سفرة منعه من اصطحاب أغراض تلزمه خلال رحلة العذاب هذه فبالرغم من أن الطعام طيلة هذه الرحلة سيئ وغير كافٍ يمنع الأسير من أخذ كانتينا تكفيه خاصة أن بعض الأسرى يمكث أسبوعًا كاملا في سفريته ، وفي حالات عديدة لا يعطى الأسير الفرصة لأخذ كامل أغراضه من المكان الذين ينوي مغادرته فيبقى جزء من أمتعته ويغادر المكان وتضيع الأغراض، ولا تعترف شرطة السجن بوجودها عند السؤال عنها.

كما أنه في بعض الأحيان أثناء التفتيش خاصة في المعبار لا يكون الأسير متواجدًا عند أغراضه فتفقد بعض من أغراضه أو ربما يقوم أحد الشرطة بدس غرض ممنوع في أمتعته ليتسبب له بمشكلة علمًا بأن القانون يمنع أن تفتش أغراضه إلا بوجوده.

وعلق المركز على هذه الممارسات التعسفية القمعية بحق الأسرى بأنها تخالف ابسط قواعد القانون الدولي الانسانى حيث أن المادة 27  من  اتفاقية جنيف الرابعة ، نصت صراحة على  انه "يجب نقل المعتقلين بكيفية إنسانية، وبوسائل نقل مناسبة وفى ظروف تعادل على الأقل الظروف التي تطبق على قوات الدول الحاجزة في تنقلاتها، وتزود الدول الحاجزة المعتقلين خلال النقل بماء الشرب والطعام بنوعية وتنوع تكفى للمحافظة على صحتهم في حالة جيدة، وبما يلزم من ملابس وملاجئ ورعاية طبية، وعليها أن تتخذ جميع الاحتياطات المناسبة لتأمين سلامتهم أثناء النقل، ولا ينقل المعتقلون المرضى أو الجرحى ما دامت الرحلة تعرض صحتهم للخطر، إلا إذا كانت سلامتهم تحتم النقل"

وطالب المركز بضرورة تدخل دولي لوقف جرائم الاحتلال بحق الأسرى ، والذي يعتبر النقل رغم ما يحمله من معاناة هو اقل خطورة على حياة الأسرى .