خبر كذبة اسرائيل الديمقراطية/ مصطفى ابراهيم

الساعة 11:19 ص|14 فبراير 2013

14/2/2013

فضيحة انتحار الأسترالي المولد المدعو بن زايغر عميل جهاز الموساد الاسرائيلي في سجن سري في إسرائيل قبل عامين والذي اكتشفت قبل شهر ونصف تثير جدلاً واسعاً وتساؤلات كثيرة في اسرائيل حول الأساليب التي تلجأ إليها الاجهزة الامنية الاسرائيلية في تعاملها مع عملائها الذين تشكك في أمانتهم وولائهم لإسرائيل، حول مشاركة غالبية المسؤولين الاسرائيليين في فرض رقابة صارمة على وسائل الاعلام اذا ما تعلق الموضوع بقضايا الامن، وخاصة منعها من الحديث والنشر في قضية العميل المنتحر، وقضايا اخرى تمس الامن الاسرائيلي، وتواطؤ وسائل الإعلام العبرية مع المؤسسة الامنية في التغطية على هذه الأساليب.

وبعد ان كشف ثلاثة نواب من البرلمان الاسرائيلي عن الفضيحة على اثر خبر اجتماع دعا اليه رئيس الحكومة بنيامين نتانياهو محرري كبرى وسائل الاعلام العبرية ليطلب منهم عدم النشر في القضية والاستمرار في التستر على القضية نظرا لحساسيتها ولتفادي احراج المؤسسة الامنية الاسرائيلية، وعدم متابعة الخبر الذي بثته قناة ” أي بي سي” التلفزيونية الاسترالية حول الموضوع.

حتى النواب الثلاثة دوف حنين وزهافا قالئون واحمد الطيبي الذين استغلوا حصانتهم البرلمانية التي تحميهم من المساءلة عندما كشفوا عن الفضيحة ووجهوا استجواب الى وزير العدل الاسرائيلي يعقوب نئمان، لم يسلموا من النقد اللاذع والهجوم والاتهامات التي وجهها اليهم وزير الخارجية المستقيل افيغدور ليبرمان بأنهم يتضامنون مع العدو والاستفادة من حصانتهم البرلمانية لخرق الرقابة.

ويعتقد ان العميل المنتحر قد يكون نقل معلومات سرية حساسة للغاية تشكل في حال الكشف عنها خطراً أمنياً فورياً على إسرائيل، وكان قد أعتقل مطلع العام 2010 جنده جهاز الموساد في صفوفه، إلى أن اختفت آثاره خلال العام ذاته ليتبين اليوم أن الجهاز اعتقله في زنزانة في جناح خاص وسري في سجن قرب تل ابيب، أقيم تحديداً لإيواء يغآل عمير قاتل رئيس الحكومة الإسرائيلية السابق إسحاق رابين. وخضع الجناح لأجهزة رقابة متطورة مركبة أصلاَ لمنع الانتحار، وسمي الأسير بـ “إكس” وبقي مجهول الهوية حتى للسجانين الذين لم يعلموا بأسباب سجنه، انه بعد فترة وجيزة على اعتقاله وجد زايغر مشنوقاً في زنزانته.

الفضيحة او الجريمة التي ارتكبتها اسرائيل تظهر كذب اسرائيل وتشدقها بأنها واحة الديمقراطية والحرية ونحن في القرن الواحد والعشرين فهي ما زالت تفرض الرقابة العسكرية على وسائل الاعلام الاسرائيلية، والأجهزة الأمنية الإسرائيلية تعتبر الصحافة عبارة عن امتداد للدولة ويمكن السيطرة عليها حسب رغبتها، وتستغل القانون الإسرائيلي الذي يعتبر خرق أمر حظر النشر تهمة خطيرة يعاقب عليها بالسجن.

في وقت لم يعد ممكناً فيه التذرع بالحفاظ على السرية بوجود طفرة الانترنت ومواقع التواصل الاجتماعي، وتواطؤ وسائل الاعلام الاسرائيلية وقبولها بمحض ارادتها فرض رقابة على المعلومات المتوفرة لديها تجاوبا مع طلب السلطات الرسمية.

فغالبية دولة الاحتلال بما فيها وسائل الاعلام والسلطة القضائية غير قادرة على التعاطي وقبول فكرة الاعلام الحر وتجنيد الصحافيين لخدمة السلطة والأجهزة الامنية، وقبول الصحافيين بذلك من خلال اشراكهم في اسرار كبيرة في الدولة وان لم يقبل بعضهم يتم تهديدهم بالاعتقال.

فضيحة انتحار العميل الاسرائيلي تظهر مرة اخرى طبيعة هذه الدولة المجرمة وووجها القذر من تقييدها للحريات الصحافية على الاسرائيليين وبفرضها الرقابة العسكرية على وسائل الاعلام والسماح لها بالنشر عن القضايا الامنية و جرائمها التي ترتكبها بحق مواطنين ابرياء في دول اخرى والعمل القذر الذي تقوم به الاجهزة الامنية الاسرائيلية بالاعتماد على مصادر اجنبية.

هذا يؤكد ان الاجهزة الامنية الاسرائيلية ارتكبت خلال سنواتها الماضية وما زالت جرائم خطيرة في انحاء العالم، كما ترتكب الجرائم اليومية بحق الفلسطينيين وبحجة حماية المسؤولين فيها تفرض رقابة عسكرية صارمة وتمنع وسائل الاعلام الاسرائيلية من النشر خوفا من ملاحقتهم قضائيا.

قادة الاجهزة الامنية الاسرائيلية وضعت لهم هالة كبيرة ويظهروا كأبطال اسطوريين امام الجمهور الاسرائيليين وهم من يوفروا الامن والحماية لهم، لكن في الحقيقة ان هؤلاء مجرمون يرتكبون الجرائم في انحاء العالم، ويمنعون النشر كي لا تتم مساءلتهم ومحاسبتهم على جرائهم.

الاعلام الاسرائيلي متواطئ مع السلطات الاسرائيلية والأجهزة الامنية، في التغطية على جرائمها، وعلى الرغم من الاصوات القليلة التي تحدثت عن الفضيحة الا انها ستبقى خافتة وستدور تساؤلاتها من اجل حماية اسرائيل وأمنها وليس من اجل الدفاع عن الضحايا والتحقيق في الجرائم التي ترتكبها الاجهزة الامنية وقوات الجيش الاسرائيلي.

وهذا يتطلب من المجتمع الدولي والأمم المتحدة التحقيق الجدي في الجرائم التي ارتكبتها اسرائيل وما زالت بحق الفلسطينيين ومساءلة و مقاضاة قادتها، وضرورة الكشف عنها وفضحها وعن السجون السرية التي تقيمها وتحتجز اناس من دون أي اجراءات قضائية، وكذلك التحقيق في ظروف احتجاز الاسرى الفلسطينيين والجرائم المرتكبة بحقهم.