خبر كل مُسالم رجل -معاريف

الساعة 09:50 ص|13 فبراير 2013

كل مُسالم رجل -معاريف

بقلم: درور زرسكي

        (المضمون: منظمات الكفاح السلمي ستواصل اقامة البؤر كالفطر بعد المطر ولكنهم هم ايضا يعرفون بان العنف وحده هو الذي يجلب النتائج - المصدر).

        قرابة مائة شخص أحرقوا أنفسهم حتى الموت منذ العام 2009 – وللدقة 99 – من أجل الكفاح في سبيل استقلال التبت. وفي الاسبوع الماضي عقد مؤتمر سليلي التبت في مدينة دلهي في الهند وكان هذا هو الموضوع المركزي الذي طرح هناك، وكذا المنفعة التي يحققها هذا الكفاح حيال الحكم الشيوعي في الصين. وكان هدف المؤتمر هو اعادة التبت الى خريطة جدول الاعمال العالمي.

        منذ هرب الدلاي لاما من الصين في العام 1969 واقام حكومة المنفى في درمسلا الرائعة في شمالي الهند، تبنى التبتيون، الذين هم بوذيون في ديانتهم، علم الكفاح غير العنيف الذي لا يجب الخروج عنه. لوبسينغ سنغاي، رئيس حكومة التبت في المنفى، دهش وامتلأ حسدا من الاحتجاج الذي اشتعل في العالم العربي في أعقاب احراق محمد بوعزيزي لنفسه، البائع المتجول في تونس الذي أشعل الثورة التي سميت لاحقا بـ "الربيع العربي". وتساءل سنغاي قائلا: "نحن ننتهج الاحتجاج غير العنيف على مدى عشرات السنين، فكيف يحتمل ألا نحظى بالدعم الذي تلقاه المتظاهرون في العالم العربي؟".

        ولحسن فهمي فان الجواب ينقسم الى قسمين: الكفاح التبتي يجري ضد جمهورية الصين الشعبية ولهذا فمن الصعب على دول العالم الوقوف في وجه قوة احدى القوى العظمى في العالم، والسبب الثاني اكثر أهمية – العنف. طالما اكتفى التبتيون بالاعمال البطولية التي لا تضر بأحد – باستثناء الذي يحرق نفسه بالطبع – فان الاضواء العالمية ستتجاوز كفاحهم مثلما فعلت حتى الان. واذا كنتم تريدون برهانا، فانظروا الى ما يجري بين القبائل الصقرية في الشرق الاوسط: أبناء اسرائيل وأبناء عمومتهم من فلسطين.

        في الاشهر الاخيرة بدأت أعمال احتجاج غير عنيفة لمنظمات فلسطينية في شكل اقامة بؤر استيطانية غير قانونية. لقد فهم الشباب بانهم اذا ارادوا الانتصار في حرب الاراضي، فان عليهم أن يثبتوا حقائق على الارض، مثلما يفعل المستوطنون منذ عشرات السنين. وقد بدأ هذا باقامة البؤرة غير القانونية في باب الشمس في الارض المتنازع عليها والمغطاة اعلاميا ؟؟، التي اخليت على الفور وترافقت وتصريحات فلسطينية بانه لن تكون مقاومة عنيفة للخطوة.

        بعدها جاءت بؤر غير قانونية اخرى من انتاج فلسطيني: اهالي قرية بورين، المجاورة لنابلس، أقاموا خياما على مقربة من يتسهار وهار براخا. واخلاء هذه الخيام ايضا مر دون عنف. الوعي هو المهم، قال الذين اخلوا ونظروا باتجاه وسائل الاعلام العالمية التي بدأت تهتم بالمشروع الجديد.

        توجد عدة نقاط بارزة في تاريخ الكفاح الفلسطيني غير العنيف، المركزي فيها هو مسيرة اوسلو والانتفاضة الثانية. الاولى بثت أملا في غزة وفي رام الله، ودفعت النشطاء الفلسطينيين الذين قادوا الكفاح غير العنيف الى الانخراط في المؤسسات الفلسطينية التي اقيمت في تلك السنين في السلطة ووضعوا جانبا النشاط الشعبي.

        نقطة محورية اخرى وقعت في العام 2003، بعد الانتفاضة الثانية. في أعقاب القمع الناجح للاحتجاج العنيف فكر فلسطينيون غير قليلين بان هذا هو الوقت للعودة الى النشاط غير العنيف. وقرروا تبني تكتيكات غير عنيفة من سنوات الانتفاضة الاولى وان يتمسكوا بهذه الطريقة؛ وقد اتبعوا عدة طرق، ضمن امور اخرى عدم دفع الضرائب. ودعموا كفاح السجناء ونظموا الاضرابات، كما أدرجوا العديد من النساء لقيادة الكفاح.

روتين دائم من الكفاح دار حول بناء جدار الفصل، الذي بدأ كفعل غير عنيف، ولكنه انجر في بعض الاحيان الى مطارح اعتدنا عليها في سنوات الانتفاضة المختلفة. وهذه مثلما كانت في حينه فانها هي اليوم، حيث تبين للفلسطينيين بان من هو مسؤول عن نشر الكفاح في العالم – وسائل الاعلام – لا تأتي الا عندما تشتعل النفوس. فبدون دم لا تكون تغطية، ورغم الاهتمام المتصاعد يبدو ان النشاط حتى الان لا يعطي ثماره. وستواصل المنظمات المختلفة نشاطها وستقيم بؤرا كالفطر بعد المطر ولكنهم يعرفون، مثلما هو واضح لنا ايضا بان العنف وحده هو الذي يجلب النتائج.

اذا لم نفهم بان لا بديل آخر غير المساومة مع الفلسطينيين وانه واجب الحديث مع ابو مازن، ليس فقط في أن البابا براك اوباما يصل للزيارة بل سنجد أنفسنا بسرعة كبيرة في بداية جولة عنف اخرى. في نهاية المطاف، لعبة البؤر تجدي في اسرائيل فقط اذا كنت مولودا للام الصحيحة – تلك التي تنتمي الى دين موسى واسرائيل.