خبر إصلاحُ اوباما- اسرائيل اليوم

الساعة 09:15 ص|10 فبراير 2013

بقلم: أوري هايتنر

واحزناه لأنبياء "العزلة السياسية"، و"القطيعة مع الولايات المتحدة"، و"انتقام اوباما من بيبي" وما أشبه. ماذا سيفعلون الآن بأطنان الأوراق التي أفسدوها بتنبؤاتهم الباطلة، وبملايين الكلمات التي لا حاجة اليها، وبالسخافات التي أرهبوا المجتمع الاسرائيلي بها؟.

لماذا يزور اوباما اسرائيل فجأة، يسأل كثيرون. لأنه لم يعد مُحتاجا الى "الصوت اليهودي".

وجواب ذلك سهل: فقد استقر رأي اوباما على زيارة اسرائيل كي يُصلح ما أفسده في ولايته الاولى، وفي الجزء الاول منها في الأساس. فهو يعترف بأخطائه إذ كان مبتدئا، وهي التي تميز ذا ثقة بالنفس مبالغ فيها، وهو الآن وقد أصبح سياسيا ذا تجربة، عرف كيف يفهم العالم وربما ألزم نفسه قدرا أكبر من التواضع.

حينما تولى الرئيس عمله في البيت الابيض قبل اربع سنوات، كان أسير فانتازيا مسيحانية مُدعيّة هي المصالحة بين الولايات المتحدة والعالم الاسلامي. وقد تنكر لدولة اسرائيل باعتبار ذلك بعض إظهار المصالحة للعالم الاسلامي – عن ايمان بأن هذا التوجه الى ذلك الجزء من العالم سيُحدث فيه التحول الديمقراطي. وقد أصبح اليوم يعلم جيدا ان سياسته فشلت فشلا ذريعا، وان يده الممدودة رُفضت بفظاظة، وأن طريق مصالحته زاد في التطرف الاسلامي والعربي وفي الكراهية للولايات المتحدة والغرب. وهو يعلم أن ادارة ظهره لاسرائيل زادت في التطرف العربي والفلسطيني.

ويعلم اوباما ان طلبه تجميد البناء بصورة شاملة في المستوطنات لم يدفع قدما بالمسيرة السياسية بل كان عائقا – فقد رفع أبو مازن فوق شجرة لم يجد الى اليوم سُلما لينزل عنها. ورأى كيف استخف به أبو مازن وأصر على تقديم خطة الحل القسري الى الجمعية العمومية للامم المتحدة برغم مراودته القوية للفلسطينيين.

ويعلم اوباما بأن دعوته في خطبته الشهيرة في القاهرة الى التحول الديمقراطي لم تدفع قدما ألبتة بالمسار الذي حاول ان يُحدثه، وتبين ان الربيع العربي الذي استقبلته الولايات المتحدة بالمباركة، تبين انه رجعية اسلامية تُحل دكتاتورية متطرفة واصولية أشد وأقسى محل دكتاتورية علمانية. لست أشارك في نظرية ان اوباما كان يستطيع ان ينقذ حكم الرئيس المصري مبارك لو أنه وقف الى جانبه، لكن تنكره لحليف الولايات المتحدة القديم ضعضع ما بقي من ثقة بالامريكيين في الشرق الاوسط وأضر ضررا شديدا بصورتهم ومكانتهم.

ويدرك اوباما جيدا أن الديمقراطية في الشرق الاوسط توجد وستوجد في المستقبل المنظور في اسرائيل فقط. وهو يدرك ان اسرائيل هي الحليفة الوحيدة للولايات المتحدة في هذه المنطقة المهمة، لا غير. وهو يدرك ان الحلف مع اسرائيل مصلحة امريكية حيوية وذخر استراتيجي لا بديل عنه للولايات المتحدة. وهو يعلم ان الرأي العام الامريكي يريد تعزيز العلاقات المميزة باسرائيل، ولا يستطيع رئيس في ولايته الثانية ايضا ان يتجاهل الرأي العام. واستدخل اوباما في نفسه انه يجب عليه ان يعزز علاقات الصداقة مع اسرائيل.

توجد في السياسة الدولية أهمية كبيرة للرموز. ولما كان تجاوز اسرائيل في زيارة اوباما السابقة للشرق الاوسط رمزا الى تنكره لها فان زيارته القريبة لاسرائيل رمز الى اصلاح نهجه وهذه ثمرة صحوته من أخطائه.

لن يأتي اوباما الى اسرائيل كي يضغط عليها وكي يحاول ان يفرض عليها نهجا لا تقبله، بل ان زيارته ترمي الى توثيق الصلة وتعزيز الحلف. وزيارته متابعة وتعزيز للجوانب الايجابية من سياسة اوباما في ولايته الذاهبة وهي المساعدة الامنية التي لم يسبق لها مثيل، وزيادة العقوبات الاقتصادية (وإن يكن ذلك في تأخر ظاهر) على ايران، وإفشال جهود الفلسطينيين لحل قسري عن طريق الامم المتحدة، والتأييد الذي لا تحفظ فيه لعملية "عمود السحاب".

وترمي الزيارة الى إظهار الصداقة لدولة اسرائيل واصلاح علاقاته بنتنياهو. وترمي الزيارة الى إظهار احترام حسم مواطني اسرائيل في الانتخابات. وقد حدد سفير الولايات المتحدة في اسرائيل، دان شبيرو، هدف الرحلة بأنه الحاجة الى مشاورة اسرائيل في قضايا ايران وسوريا والمسيرة السياسية (بهذا الترتيب) وهذا ما سيكون كما يبدو.

اذا أنهت الزيارة الرفض الفلسطيني وأقنعت أبو مازن بمفاوضة اسرائيل بلا شروط مسبقة فسيكون هذا خيرا فقط. لكن القضية الفلسطينية كما أوضح السفير الامريكي شبيرو هي أصلا في المكان الثالث من برنامج العمل.