خبر زيارة أوباما لإسرائيل: رسالة تأييد لسياسة نتنياهو .. حلمي موسى

الساعة 07:41 ص|07 فبراير 2013


فجأة ومن دون مقدمات، أعلن في إسرائيل أن الرئيس الأميركي باراك أوباما سيصل إلى إسرائيل في 20 آذار المقبل، وأنه سيحل ضيفاً على رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو. ومن المؤكد أن الإعلان عن هذه الزيارة لم يكن مجرد إعلان عادي، وأنه برغم الإثارة الكامنة فيه ينطوي على غموض كبير. فقبل أيام قليلة فقط كان الحديث عن اتصال تهنئة من الرئيس أوباما لنتنياهو بمناسبة الفوز في الانتخابات يعتبر خبراً غير عادي. ومعروف أن هذا الاتصال تأخر أكثر من أسبوع، الأمر الذي رأى فيه كثيرون، إشارة للتدهور في العلاقات بين الرجلين.
وبديهي أن هذا القدر المتدني من التوقعات في العلاقة بين الرئيس الأميركي ورئيس الحكومة الإسرائيلية لم ينجم عن فراغ بقدر ما كان نتيجة لحرب مستترة بين الطرفين طفت مظاهرها على السطح أحياناً. وكثيرون لاحظوا أن فوز الرئيس أوباما في ولايته الأولى لم يرق كثيراً لنتنياهو الذي لم يجامله كثيراً من الناحية السياسية، وظل متطلعاً لعلاقة أفضل مع رئيس جمهوري. وعندما حان موعد الانتخابات الرئاسية الأميركية، وقف نتنياهو بشكل شبه علني إلى جانب المرشح الجمهوري ميت رومني. ورأى كثيرون أن رومني ونتنياهو كانا مجرد خيول في اسطبل الملياردير اليهودي الأميركي شلدون أدليسون، وأن المقربين من أوباما اعتبروا أن نتنياهو قامر وخسر الرهان، وعليه أن يدفع الثمن.
غير أن الأمور لم تسر على هذا النحو، ظاهرياً على الأقل، وحافظ أوباما على علاقاته المتميزة ليس فقط مع إسرائيل وإنما أيضاً مع رئيس حكومتها. ولاحظ بعض الإسرائيليين أن أوباما قد يكون المنقذ الحقيقي لإسرائيل من نتنياهو والميول اليمينية الجامحة التي تتحكم بحلبته السياسية. ولهذا فإنه في ذروة الحديث عن الإهمال الذي قد يعامل به أوباما وإدارته الجديدة، نتنياهو وحكومته التي تزداد تطرفاً، خرجت شخصيات أميركية يهودية مقربة من أوباما لتعلن أنه، بخلاف الانطباع الشائع، سوف يكثف الرئيس الأميركي مشاركته الشخصية من أجل تحقيق حل سياسي لأزمة الشرق الأوسط.
وقال رئيس منظمة «جي ستريت» جيرمي بن عامي إن أوباما نفسه سوف يزور إسرائيل فور تشكيل الحكومة الإسرائيلية الجديدة لتسريع عملية السلام المتوقفة.
عموماً، أكدت مصادر أميركية وإسرائيلية أمر الزيارة. وقالت مصادر إسرائيلية إن الزيارة تقررت في المكالمة الهاتفية التي أجراها أوباما نهاية الشهر الماضي مع نتنياهو لتهنئته بالفوز في الانتخابات. وأوضح متحدث باسم ديوان رئاسة الحكومة الإسرائيلية أن «زيارة كهذه ستوفر فرصة هامة لتأكيد الصداقة والشراكة القوية بين إسرائيل والولايات المتحدة». أما البيت الأبيض فأكد أن الزيارة ستتم في الربيع من دون تأكيد الموعد المعلن في آذار المقبل. وأشار متحدث باسم البيت الأبيض إلى أن «بداية الولاية الثانية للرئيس وإنشاء حكومة جديدة في إسرائيل، تسمحان بتأكيد الصلة العميقة بين الولايات المتحدة وإسرائيل، والبحث في سبل التقدم في عدد من مواضيع الاهتمام المشترك، خصوصاً إيران وسوريا».
ومن المؤكد أن صيغة الموقف الأميركي حول الزيارة تشهد على حساسية كبيرة تجاه إسرائيل، حيث تم القفز علناً عن مسألة التسوية السياسية. غير أن القناة العاشرة في التلفزيون الإسرائيلي التي كانت أول من كشف أمر الزيارة، بينت أن أوباما سيزور إسرائيل في إطار جولة له في المنطقة يمر خلالها بتركيا والسعودية ومصر. وشددت القناة على أن أوباما «تلقى وعدا بأن زيارته لإسرائيل ستمكنه من فعل أشياء كبيرة تتعلق بتحريك العملية السياسية».
عموما يجري الحديث عن زيارة رسمية تستمر ثلاثة أيام يتوقع خلالها أن يقفز أيضاً لزيارة رام الله ولقاء الرئيس الفلسطيني محمود عباس. وتم الإعلان عن أن وزير الخارجية الأميركي الجديد جون كيري سيصل إلى إسرائيل والمنطقة في موعد لاحق من الشهر الحالي ليبحث سبل استئناف العملية السياسية.
ومن الجائز هنا الافتراض أن جولة أوباما إلى الدول المذكورة قد تنطوي على نوع من الضغط على إسرائيل خصوصاً إذا جرت من دون المرور بإسرائيل. وكانت الحملات من جانب اللوبي الصهيوني ضد أوباما قد ارتفعت في المرة السابقة عندما زار هذه الدول وألقى خطابه في جامعة القاهرة ولم يمر على إسرائيل. وقرأ البعض تلك الجولة بأنها محاباة «للعالم الإسلامي» على حساب إسرائيل.
وفي كل حال من المؤكد أن الإعلان عن زيارة الرئيس أوباما لإسرائيل في هذا الوقت يقدم نوعاً من الدعم لنتنياهو وحكومته المقبلة على أكثر من صعيد. فالأجواء المتوترة في المنطقة خصوصاً بعد الغارة الإسرائيلية على أهداف في سوريا، والتهديد بضرب أهداف أخرى في سوريا ولبنان تجعل من إعلان الزيارة نوعاً من التأييد لنتنياهو. كما لا يمكن إخفاء معنى ذلك على المفاوضات الائتلافية الجارية، والتي يحاول البعض فيها المراهنة على أنهم أكثر قبولا لدى الإدارة الأميركية.
عموما فإن الحديث عن آذار كموعد للزيارة يفترض تشكيل نتنياهو لحكومته الجديدة قبل أواسط آذار عبر استنفاد المهل القانونية الممنوحة له (حوالي ستة أسابيع) من موعد التكليف. ومن المؤكد أن الاتفاق على الزيارة ينطوي على ثقة بقدرة نتنياهو على تشكيل الحكومة رغم المصاعب البادية.