خبر حكاية « سليم ».. طفلٌ يعيش في غيبوبة منذ 5 سنوات

الساعة 06:53 ص|03 فبراير 2013

رام الله

 

فوق أحد أسرَّة غرفة العناية المركزة بالمستشفى الانجيلي في مدينة نابلس، يرقد منذ اكثر من (5 سنوات)، طفل جميل يشبه الملاك، تحسبه نائما بشكل طبيعي، لولا تلك الأنابيب والوصلات التي تربطه بجهاز التنفس الصناعي، الذي يساعده على البقاء حيا، لعل وعسى معجزة تتحقق.

بين الحياة والموت، يسكن الطفل سليم جمال سعادة (8 سنوات) غرفة العناية المركزة، فيما يسكن الصبر والإيمان قلب ووجدان والدته (ام سليم)، التي تصلي لربها من اجل شفاء فلذة كبدها، الذي لم تكد تفرح بقدومه الى الدنيا بعد خمس بنات، وعشرين عاما من الزواج.

كان صغيراً وجميلاً مثل عصفور يتهادى فوق الأغصان، أو زنبقة تفتحت في بستان، قبل أن يغافل سليم، ابن الثلاثة اعوام آنذاك، أهله ويسقط في بركة سباحة صغيرة موجودة في فناء منزل عائلته بحي رفيديا غرب المدينة.

ويتحدث والده (أبو سليم)، عن ذلك اليوم المشؤوم لصحيفة "القدس" قائلا: "وجدناه داخل مياه البركة، فاقدا للوعي، لم نعرف إن كان حياً أم ميتاً، فنقلناه على عجل إلى أقرب مستشفى وهو المستشفى العربي التخصصي في المدينة. كان قلبه قد توقف عن النبض ما بين 10 إلى 15 دقيقة، وفقاً لتقديرات الأطباء".

وما بين الصدمات الكهربائية التي أجراها له الأطباء، وصلوات وابتهالات والدته، عاد النبض بأعجوبة إلى قلب سليم الصغير، لكنه لم يستعد وعيه وادراكه، ودخل في متاهات غيبوبته طويلة.

ظل سليم في غرفة العناية المركزة بالمستشفى العربي مدة سنة ونصف، والى جواره والدته التي لم تفارقه مطلقاً، رغم حاجة بيتها وبناتها الخمسة. وبعد ذلك تم نقله الى المستشفى (الانجيلي) الذي يشغل (ابو سليم) العضوية في مجلس ادارته، ومنذ تلك الفترة وحتى الان لا زال سليم على حاله، ويعيش على جهاز التنفس الصناعي، فيما تتم تغذيته عن طريق فتحة في البطن يمر منها انبوب الى معدته.

وتمضي الوالدة جزءً كبيراً من وقتها يومياً إلى جوار ابنها سليم، تتأمله، وتحاول محادثته، مؤكدة انها تشعر احيانا بعض الاشارات الايجابية منه، الامر الذي يرفع منسوب الامل لديها.

وتقول ( ام سليم) التي تبدو في غاية الهدوء، بانها "مسكونة بالسلام الداخلي وبالإيمان وهو ما يمنحها الصبر على هذا الامتحان الرباني".

تحبس الوالدة دموعها وتقول بصوت متهدج: "لو لم يحصل ما حصل، لكان سليم الان في المدرسة مثل اقرانه... انها مأساة لا اتمناها لأحد".

 ويقول (ابو سليم) المعروف بـ"مختار رفيديا" بانه راسل مستشفيات ومراكز طبية في المانيا وفرنسا وامريكا وروسيا والاردن واسرائيل، بخصوص حالة ابنه، لكنه لم يحصل على ردود ايجابية".

واضاف ان آخر هذه الاتصالات كانت مع مركز لزراعة الخلايا الجذعية في المانيا، حيث زودته العائلة بتقارير طبية حول حالة سليم الصحية، وكان جوابهم انه من الممكن اجراء عملية جراحية لسليم، لكن نسبة نجاحها لا تزيد عن 10-15%، وستكون هناك خطورة على حياته في حال اجرائها، لذلك فضلت العائلة عدم اجراء هكذا عملية.

وأوضح المدير الطبي للمستشفى الانجيلي أخصائي الأطفال وحديثي الولادة، الدكتور أسامة ناصر، لـ" القدس"، بأنه "طوال السنوات الماضية لم يطرأ أي تحسن على صحة سليم، الذي يعاني عطباً في الدماغ بنسبة 80 - 90% نجم عن توقف وصول الدم الى الدماغ خلال الغرق".

وأضاف بأن "الطفل ينمو، وتتم تغذيته من خلال فتحة في البطن يمر منها أنبوب إلى المعدة، ولا يوجد أي حل طبي آخر بالنسبة لحالته".

هناك في ساحة بيت العائلة، لم يعد اي اثر لبركة السباحة التي سقط فيها الطفل، فقد ردمها (ابو سليم) بعد الحادث، لأنه لا يريد لها ان تظل تذكرهم بتلك اللحظة القاسية التي قلبت حياة العائلة راسا على عقب.