خبر إسرائيل مشغولة بردّ حزب الله

الساعة 08:51 ص|01 فبراير 2013

وكالات

لعبت وسائل الاعلام الإسرائيلية دوراً فاضحاً في توجيه رسائل تهديد وتهويل للنظام السوري مفادها أنّ أيّ ردّ عسكري مباشر من قبله، سيُقابل بردّ إسرائيلي يؤدي إلى اسقاطه، كاشفةً عن أنّ الضربة الجوّية الإسرائيلية ما كانت لتتم لولا انشغال الجيش السوري في المواجهات التي يخوضها.
وعلى الرغم من استمرار الصمت الرسمي في تل أبيب، كما حصل في العديد من الحالات السابقة، إزاء العدوان الجوّي الإسرائيلي داخل الأراضي السورية، فانّ المعلقين العسكريين والسياسيين في كافة وسائل الاعلام الإسرائيلية لم يكتفوا بتناول أبعاد هذا الحدث، لجهة الخوف من انتقال منظومات استراتيجية إلى حزب الله، بل كشفوا أيضاً عنّ أن لهذه العملية أبعاداً تتصل مباشرة بالصراع، الذي يجري على الأراضي السورية. وتناولوا بإسهاب الأبعاد السياسية والعملانية والاحتمالات التي ينطوي عليها الدخول الإسرائيلي على خط المعركة الدائرة على الأراضي السورية.
وكشف معلق الشؤون العسكرية في صحيفة «هآرتس»، عاموس هرئيل، عن أنّ أبعاد الغارة الإسرائيلية، التي أوضحت من خلالها تل أبيب جدّيتها إزاء الخطوط الحمراء التي حدّدتها، تتجاوز الجانب المتصل بالقدرات الاستراتيجية السورية، إلى كونها تمثل «دخول إسرائيل في الحرب الدائرة في سوريا»، مؤكّداً أنّه بغض النظر عما استهدفته الغارة الإسرائيلية، فإن الأكثر أهمية هو أنّ «إسرائيل باتت تلعب للمرة الأولى، دوراً ناشطاً في الحرب الأهلية في سوريا».
وتناول هرئيل الاعتبارات التي تقف خلف الضبابية التي تعتمدها القيادة الإسرائيلية إزاء العملية الجوّية في سوريا، لافتاً إلى أنّ السياسة الإسرائيلية تكرّر نفس التكتيك الذي اتبعته بعد سلسلة من العمليات السابقة في الأراضي السورية، بدءاً من استهداف منشأة دير الزور في العام 2007، مروراً بسلسلة من الاغتيالات على الأراضي السورية، وصولاً إلى حادثة صباح الأول من أمس. والأمر نفسه ينطبق على سلسلة الاعتداءات الجوّية الإسرائيلية في السودان.
ورأى هرئيل أنّ عدم التبني الرسمي لهذه العمليات يفسح المجال للنفي، كما يوفر للطرف المستهدف عدم الشعور بالإحراج الذي قد يفرض عليه الردّ. لكن هذا التكتيك لم ينفع في هذه الحالة بسبب الإعلان الرسمي السوري عن الغارة الجوية الاسرائيلية.
وفي الوقت الذي أقرّ فيه هرئيل بصعوبة التكهن ما إن كان حزب الله، في ظل الظروف الحالية، سيمتنع عن الردّ، فإنّه أكّد أنّ الحرب، التي ستنشب في حال قرّر حزب الله الردّ بقوة على عكس التقديرات الأكثر عقلانية، ستكون مختلفة على الإطلاق عن المعركة الأخيرة التي خاضتها إسرائيل ضدّ قطاع غزة.
ولفت هرئيل الى أنه بالرغم من أن السيناريو الأكثر عقلانية هو أن الجيش السوري لن يردّ على الهجوم، تبقى المسألة الحاسمة هي كيف سيتصرّف حزب الله، في ظل مؤشرات دولية تثبت أنه بات أكثر استعداداً للتعرض للمخاطر من الماضي، وخصوصاً أن هناك قلقاً في إسرائيل من أن قدرة ردعها في السنة الماضية قد تعرّضت لقدر من التقويض، في أعقاب ارسال طائرة أيوب في شهر تشرين الأول الماضي، وكونه يقف وراء تنفيذ العملية التي استهدفت السياح الاسرائيليين في بلغاريا في تموز الماضي.
أما المعلق السياسي في صحيفة «إسرائيل اليوم»، يوآف ليمور، فاعتبر أن الخيارات الماثلة أمام الطرف السوري الذي باتت الكرة في ملعبه، هي «ضبط النفس، شن حرب أو رد موضعي وموزون»، مضيفاً أن الرئيس بشار الاسد «يخشى من أن يؤدي ردّه على الغارة الإسرائيلية إلى حرب تشنّها إسرائيل تتسبب في انهيار النظام» لصالح المعارضة، في رسالة موجّهة إلى النظام السوري بأن إسرائيل ستتبنى هذا الخيار في حال قرر الردّ.
وأضاف ليمور أنّ حزب الله يخشى من المسّ بقوّته العسكرية، التي يحتفظ بها لظروف ومعارك أخرى. لكن بالرغم من كل هذه التحليلات، عاد ليمور وأقرّ بأن خطر الردّ لم يمرّ، خصوصاً أنّ حزب الله سبق أن اختار في حالات مشابهة الردّ وفق قاعدة العين بالعين.
وفي السياق نفسه، رأت الصحيفة نفسها المقربة من رئيس الحكومة العبرية بنيامين نتنياهو، أنّ «الخيار العسكري السوري غير قائم تقريباً، بسبب أن الجيش السوري مجنّد لمقاتلة المتمرّدين». صحيفة «يديعوت أحرونوت» أوضحت الرؤية التي انطلقت منها القيادة الإسرائيلية لدى اتخاذها قراراً بالضربة الجوّية، بالقول إنّها «استغلت ضعف نظام الأسد وحقيقة أنه غارق في حرب داخلية، وبالتالي فإنّ إسرائيل هي الأمر الأخير الذي يشغله، وأنّ هجوماً موضعياً اسرائيلياً لن يؤخّر أو يقدّم». لكن الصحيفة تابعت بأنّ قصة حزب الله، الذي يخوض «حرباً سرّية منذ عدة سنوات ضدّ إسرائيل، أكثر تعقيداً».
ورأى المعلق العسكري في الصحيفة نفسها، أليكس فيشمان، أنّ على إسرائيل أن تجري حسابات دقيقة «أين ينبغي أن تخاطر وتهاجم عندما يكون احتمال نشوب الحرب قليلاً، وأين ينبغي أن تضبط نفسها لأنّها لا تزال لا تريد أن تدفع الثمن المقرون بنشوب مواجهة عسكرية». وأكد فيشمان أنّ الرئيس الأسد نقل أجزاء كبيرة من سلاحه الاستراتيجي إلى المناطق التي يسيطر عليها بشكل أفضل، مشيراً إلى أنّ عملية النقل هذه تركت آثاراً شديدة لدى جهات استخبارية غربية، انطلاقاً من امكانية وصول هذا السلاح إلى لبنان.
وتساءل فيشمان عما إن كان الهجوم الإسرائيلي ينذر باقتراب مواجهة عسكرية واسعة النطاق على الجبهة الشمالية، مؤكّداً أنّ البحث عن جواب هذا السؤال هو لدى المطبخ العسكري لرئيس هيئة أركان الجيش، لافتاً إلى أنّ بني غانتس ونائبه غادي إيزنكوت، ورئيس الاستخبارات العسكرية اللواء أفيف كوخافي، يتبنّون «سياسة المنع» الهادئ، بهدف القضاء على التهديدات في أبعد مكان وعندما يكون في طور التنظيم. لكن نقطة ضعف هذه السياسة، بحسب فيشمان، أنّها تؤدي دورها ما بقيت سرّية، ولكن في اللحظة التي يكشف فيها النقاب عن العملية، أو إذا تركت وراءك بصمتك، فإنك تدعو الطرف الآخر إلى الرد، وعندها يمكن أن تنشب حرب ربما لم تكن تريدها وليس لها مبرّر من جهة الكلفة التي ستدفعها.
بدوره، اعتبر معلق الشؤون العربية في صحيفة «هآرتس»، تسفي برئيل، أنّ الهجوم الإسرائيلي، وعدم الردّ عليه، يجعل إسرائيل جزءاً من المعركة الدولية التي تمارس الضغط على النظام السوري، كما يمكن أن يشير إلى دول أخرى، خصوصاً تركيا والولايات المتحدة، أن بالإمكان تبنّي خيار شنّ هجوم عسكري ضد النظام من أجل إسقاطه.