خبر «النور» ينقلب على «الإخوان»: مناورة لريادة القــوى الإسلاميّة

الساعة 08:14 ص|31 يناير 2013

وكالات

في مشهدين لافتين للأنظار، أنهى حزب النور أمس لقاءه مع جبهة الإنقاذ الوطني المعارضة في مقر حزب الوفد، غداة طرحه مبادرة للتوافق بينه وبين الجبهة على نقاط جوهرية متمثلة في إقالة النائب العام الحالي طلعت عبدالله، وتعيين بديل عبر ترشيح مجلس القضاء الأعلى لثلاثة يتم الاختيار من بين أحدهم، إضافة الى تشكيل لجنة لدراسة المواد الخلافية في الدستور وتعديلها، وإقالة حكومة هشام قنديل وتعيين حكومة ائتلاف وطني حتى إجراء الانتخابات من دون أن يكون لها صلاحية في القرارات الاستراتيجية، وكذلك تشكيل لجان للحوار في قضايا متعددة كالإعلام وغيره، وفتح ملف للمصالحة الوطنية مع أعضاء الحزب الوطني باعتبار أنهم لم يكونوا جميعاً فاسدين.
المشهد الثاني هو الهجوم الشديد الذي شنّه المتحدث الرسمي لحزب النور، نادر بكار، في لقائه أول من أمس مع إحدى القنوات الفضائية، على جماعة الإخوان وإدارة الرئيس محمد مرسي للبلاد وحكومة هشام قنديل، واتهامه للإخوان بالسعي لأخونة الدولة والتحكم في مفاصلها، وأن عليها تقنين أوضاعها القانونية وأن الدولة أكبر منها.
مشهدان مثّلا تحولاً مهماً في مواقف حزب النور السياسية، الذي كان مؤيّداً بشكل مطلق للدستور، ولم يهاجم جماعة الإخوان بهذا الشكل من قبل. هذه المواقف لم تردّ عليها جماعة الإخوان، بل مارست معها استراتيجية الاحتواء حالياً، ولم ينتقدها غير شبابها وصفحاتها بشكل حاد، بينما رحّبت بها صفحة شباب جبهة الإنقاذ وبعض الحركات الثورية، وهو ما توازى مع نقد بعض صفحات حركة «حازمون» لمواقف إخوانية أخيرة اتهموها فيها بالتسيّب والتفريط.
الباحث في مركز دراسات الدين والسياسة، عمر غازي، المتخصص في الحركات الإسلامية، حلّل المشهد لـ«الأخبار» قائلاً إن «موقف حزب النور الأخير حيال أخونة البلاد، ليس بالأمر المفاجئ الذي يمكن تفسيره بانقلاب مفاجئ من الدعوة السلفية وذراعها السياسية النور على الإخوان»، مشيراً الى أن حزب النور قدّم نفسه منذ البداية على أنه ندّ للإخوان بدءاً من الانتخابات البرلمانية السابقة، فغامر بنزوله منفرداً على رأس قائمة ضمّت إليه الأحزاب السلفية، وابتعد عن التحالف مع الإخوان، الجماعة الأقوى والأكثر خبرة وتنظيماً. وفي الانتخابات الرئاسية أيضاً لم يؤيّد «النور» مرشح الجماعة في الجولة الأولى، وأيّد القيادي المنشق عن الإخوان المسلمين الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح.
ويرى غازي أن حزب النور لا يمكن وصفه بالأحزاب الموالية للإخوان وإن اقترب منها في بعض المواقف السياسية انطلاقاً من القرب الإيديولوجي والتمسك بالشرعية الانتخابية. وقال «لعل الظروف السياسية وحالة الاستقطاب السياسي والإيديولوجي تشكل عاملاً مهماً في اختفاء الكثير من التباينات السياسية أو تجميدها على الأقل في الوقت الراهن».
إلا أن غازي يذهب إلى أنه «مع سوء الإدارة وانفراد الجماعة بالتأثير في مؤسسة الحكم وتأزم الشارع السياسي وازدياد وتيرة الانفلات والاتجاه نحو العنف المُمنهج، خرج السلفيون عن صمتهم، خصوصاً مع تحرر الحزب من صراع الحمائم والصقور وخروج التيار المحافظ وانشقاق رأسه، رئيس الحزب السابق عماد عبد الغفور ومجموعته إلى حزب جديد، ما جعل هذه العوامل وغيرها تسهم في بلورة هذا الموقف لحزب النور الذي بلا شك يسعى لإظهار نفسه في مظهر صاحب الفكر الوسطي والمنفتح سياسياً، وهو ما حاول الإخوان احتكاره وتصديره إلى الرأي العام».
أما الباحث في الحركات الإسلامية أحمد زغلول، فقد رأى في حديثه إلى «الأخبار» أن حزب النور يسعى لتقديم رؤية مختلفة عن الإخوان تساعده في اكتساب مساحة تصويتية أكبر في الانتخابات المقبلة، ويقوم بذلك عبر السعي لإعطاء رؤية مستقلة، نظراً إلى اتّهامه الدائم من قبل القوى السياسية الأخرى بأنه تابع للإخوان، وأنه يتحرك وفق الأجندة الإخوانية.
وأشار زغلول إلى أن «النور يتوقع في نفسه الحصول على المركز الأول في الانتخابات البرلمانية المقبلة، وبالتالي فهو يحاول أن يقدّم رؤى تتجاوب مع الأحداث عبر مبادرات منفردة له»، مضيفاً أن انقسام المشهد السلفي العام يجعل «النور» في أزمة حقيقية يحاول التغلب عليها بالانفتاح على باقي الأطياف المفتعلة، ما داموا لم يتورطوا في قضايا فساد واضحة وصريحة.
بدوره الباحث في تحليل الخطاب الإعلامي والسياسي أنس حسن، المهتم برصد الحالة الإسلامية، أشار إلى «أن هناك مسارين لحزب النور: الأول، غير ظاهر ويتعلق بمفاوضاته مع جبهة الإنقاذ أو القوى المعارضة للإخوان، وهو مسار لا يحمل معلومات مؤكدة، أما المسار الثاني فيتمثل في رؤية النور أن الإخوان ستتحالف مع السلفيين أصحاب الحالة «التيارية» التي لا ترتبط بتنظيم قوي ومماثل للإخوان ممثلة في الدعوة السلفية «مدرسة الإسكندرية» وحزبها النور».