أميركا شريكة في ضرب المنشأة السورية

خبر نيويورك تايمز: « إسرائيل » أبلغت واشنطن قبل الغارة على سوريا‏

الساعة 07:55 ص|31 يناير 2013

ترجمة خاصة

ذكرت صحيفة نيويورك تايمز بأن إسرائيل أبلغت الولايات المتحدة عن نيتها مهاجمة سوريا قبل تنفيذ الهجوم الجوي , ووفقا لمصدر أمريكي فالطائرات الإسرائيلية استهدفت قافلة شاحنات تحمل صواريخ  مضادة للطائرات من النوع المتطور لحزب الله .

وقالت القيادة العامة للجيش والقوات المسلحة في بيان لها إنه بعد أن سخرت إسرائيل بالتعاون مع الدول المعادية للشعب السوري أدواتها في الداخل لضرب مواقع حيوية وعسكرية منتقاة في الدولة السورية في محاولة لتحجيم دورها الداعم للمقاومة وللحقوق المشروعة , اخترقت طائرات حربية إسرائيلية مجالنا الجوي فجر اليوم وقصفت بشكل مباشر أحد مراكز البحث العلمي المسؤولة عن رفع مستوى المقاومة والدفاع عن النفس الواقع في منطقة جمرايا بريف دمشق.

وجاء في البيان أن الطائرات الحربية الإسرائيلية قامت بالتسلل من منطقة شمال مرتفعات جبل الشيخ بعلو منخفض وتحت مستوى الرادارات وتوجهت إلى منطقة جمرايا بريف دمشق حيث يقع أحد الأفرع التابعة لمركز البحوث العلمية ونفذت عدوانها السافر بقصف الموقع ما تسبب بوقوع أضرار مادية كبيرة وتدمير بالمبنى بالإضافة إلى مركز تطوير الآليات المجاور ومرآب السيارات ما أدى لاستشهاد اثنين من العاملين في الموقع وإصابة خمسة آخرين قبل أن ينسحب الطيران المعادي بنفس الطريقة التي تسلل به.

 وأشارت القيادة العامة للجيش لا صحة لما أوردته بعض وسائل الإعلام بأن الطائرات الإسرائيلية استهدفت قافلة كانت متجهة من سورية إلى لبنان بل تؤكد القيادة العامة أن الطائرات الإسرائيلية استهدفت منشأة للبحث العلمي في اختراق سافر للسيادة والأجواء السورية.

وكانت الأنباء قد تضاربت حول الهدف الذي أغارت عليه طائرات إسرائيلية ليلة أمس الأول على مقربة من الحدود السورية اللبنانية. ونظراً لتركيز إسرائيل في الأيام الأخيرة على السلاح الكيميائي السوري توجهت الأنظار في البداية إلى احتمال أن يكون المستهدَف في الغارة قافلة تحمل أسلحة من هذا النوع. لكن سرعان ما ترددت أنباء، خصوصاً في الغرب، حول أن المستهدف تحديداً كان قافلة تحمل صواريخ «سام 17» منقولة إلى «حزب الله» في لبنان. وظهر التضارب في الأنباء نظراً لتمنع أي جهات رسمية في سوريا وإسرائيل عن الإشارة للغارة طوال يوم تقريباً.
وعموماً، وبعد ساعات طويلة على الغارة، فوجئ كثيرون بعد ظهر أمس بأنباء حول غارة إسرائيلية على منطقة الحدود السورية اللبنانية. وكان الجيش اللبناني أول من أشار إلى تحركات جوية إسرائيلية «غير اعتيادية» شاركت فيها 16 طائرة في منطقة الحدود ليتبع ذلك أنباء أولية عن غارة إسرائيلية، ثم أقاويل غير مؤكدة من هنا وهناك حول ما جرى. وكانت مصادر أمنية لبنانية أفادت بأن التحليق الإسرائيلي المكثف ليل الثلاثاء الأربعاء، غير مسبوق منذ سنوات طويلة، واستوجب استنفار المقاومة والجيش. كما كان لافتاً للانتباه منذ صباح أمس انكفاء حركة الدوريات الإسرائيلية على طول الحدود الجنوبية من شبعا إلى الناقورة، بالتوازي مع تسجيل تعزيزات في بعض المواقع الخلفية.
وفقط في وقت متأخر من مساء أمس جاءت تأكيدات أميركية بوقوع غارة قابلها صمت رسمي إسرائيلي وتعليقات مشروطة.
وكما سلف في وقت متأخّر من مساء أمس أعلنت القيادة العامة للجيش السوري رسمياً وقوع الغارة، وربطتها بتعاون إسرائيل «مع الدول المعادية للشعب السوري»، حيث سخرت «أدواتها في الداخل لضرب مواقع حيوية وعسكرية منتقاة في الدولة السورية في محاولة لتحجيم دورها الداعم للمقاومة وللحقوق المشروعة في المنطقة». واعتبر البيان الرسمي السوري أن نجاح الغارة جاء «بعدما نجحت تلك الأدوات وعلى رأسها العصابات والحركات الظلامية في استهداف بعض هذه المواقع من وسائط دفاع جوي ونقاط حيوية أخرى على مدى قرابة العامين».
وقالت القيادة العامة إن الغارة استهدفت «بشكل مباشر أحد مراكز البحث العلمي المسؤول عن رفع مستوى المقاومة والدفاع عن النفس، والواقع في منطقة جمرايا في ريف دمشق، وذلك بعدما قامت المجموعات الإرهابية بمحاولات عديدة فاشلة وعلى مدى أشهر الدخول والاستيلاء على الموقع المذكور».
وأشار البيان السوري إلى أن الطائرات «تسللت من منطقة شمال مرتفعات جبل الشيخ بعلو منخفض وتحت مستوى الرادارات»، مضيفاً ان الغارة تسببت «بوقوع أضرار مادية كبيرة وتدمير في المبنى، بالإضافة إلى مركز تطوير الآليات المجاور ومرأب السيارات، ما أدى إلى استشهاد اثنين من العاملين في الموقع وإصابة خمسة آخرين قبل أن ينسحب الطيران المعادي بالطريقة نفسها التي تسلل بها».
وعمد البيان السوري إلى تأكيد عدم صحة الأنباء عن استهداف قوافل من سوريا إلى لبنان. وخلص إلى أنه بذلك «بات الآن واضحاً للقاصي والداني أن إسرائيل هي المحرك والمستفيد والمنفذ في بعض الأحيان لما يجري من أعمال إرهابية تستهدف سوريا وشعبها المقاوم، وتشترك معها في ذلك بعض الدول الداعمة للإرهاب وعلى رأسها تركيا وقطر».
ونقلت وكالة الأنباء الفرنسية عن سكان سوريين قريبين من موقع الغارة أن مركز البحوث متخصص بالأسلحة غير التقليدية وأنه أصيب بستة صواريخ دمّرته جزئياً. وبثت «تنسيقية الثورة السورية في منطقة الهامة» على صفحتها على موقع «فايسبوك» شريط فيديو قالت إنه «لقصف من جهة مجهولة» طاول مركز البحوث العلمية. وتدوي في الفيديو سلسلة انفجارات وسط الظلام، وتشاهد كتل من النار بعدها.
أما في إسرائيل، فأعرب الرئيس السابق للموساد داني ياتوم عن اعتقاده بأنه إذا كان الهجوم الإسرائيلي قد وقع فعلاً «فإن ذلك إشارة على حدوث تجاوز للخط الأحمر»، موضحاً أن إسرائيل في هذا الشأن لا تخادع، وأنها تمنع تسرب أسلحة من سوريا إلى لبنان.
وشدّد ياتوم، وهو الوحيد من رؤساء الأمن السابقين الذي قبل الحديث باسمه، على «أننا عندما قلنا إنه محظور أن تضع منظمات الإرهاب يدها على سلاح سوري كنا نقصد ذلك». ومع ذلك رأى أنه إذا كان الهجوم الإسرائيلي قد وقع، فإن ذلك يدل على أن «جهات معادية على رأسها حزب الله تجاوزت خطاً أحمر». وأشار إلى أن هناك «أموراً تعتبر مبرراً للحرب. وهذا هو الخط الأحمر الذي رسمته إسرائيل بحق وسوف تفعل كل ما بوسعها لفرضه».
وفي تعليقه على احتمالات الرد من جانب سوريا و«حزب الله» على الغارة، قال ياتوم إنه لا يعتقد حدوث ذلك. لكنه استدرك قائلاً إنه «ينبغي ومن الصائب الاستعداد أيضاً لتدهور الوضع، وهذا السيناريو موجود ضمن سيناريوهات تواجه الجيش الإسرائيلي، لكن احتمالات حدوث ذلك ليست عالية». وبرر تقديره بأنه «ليس لسوريا ولحزب الله مصلحة في الرد. فالأسد غارز عميقاً في شؤونه، أما حزب الله فيبذل جهداً كبيراً لمعاونته، بموازاة سعيه لامتلاك أسلحة، ولذلك فإنهما لا يرغبان في توسيع دائرة القتال».
ومعروف أن إسرائيل الرسمية أعلنت مراراً أنها لن تسمح «بأي ثمن» بتسرب أسلحة كيميائية، وصواريخ «سكود»، أو صواريخ أرض بحر من مخازن السلاح السورية إلى منظمات «الإرهاب». ولاحظ المراسل العسكري لصحيفة «هآرتس» عاموس هارئيل أن إسرائيل سبق وحددت منذ العام 2008 الخطوط الحمراء بشأن نقل أسلحة إلى لبنان، مشيراً إلى أن إسرائيل دأبت بعد ذلك على التزام الصمت إزاء ضرب قوافل تحمل أسلحة ولم تعلن عن استهداف أي منها.
وبرغم كثرة الحديث الإسرائيلي عن مخاطر تسرب السلاح الكيميائي، إلا أن خبراء إسرائيليين بارزين يؤمنون بأن «حزب الله» لا يسعى لامتلاك أسلحة كهذه. وقال الباحث في «المركز المقدسي لشؤون الجمهور والدولة» (العميد احتياط) شمعون شابيرا الذي ألف كتاب «حزب الله بين إيران ولبنان»، «إنني لا أؤمن أن حزب الله يريد سلاحاً كيميائياً. فعملية تركيب رأس متفجر كهذا على صاروخ عملية معقدة، وأنا لست واثقاً أن لديهم الخبرة لفعل ذلك، فالأمر ليس بسيطاً».
عموماً ذهبت وكالات الأنباء، قبل الإعلان الرسمي السوري، إلى تأكيد أمر الغارة والقول بأنها استهدفت قافلة داخل الأراضي السورية، وربما كانت تحوي شحنة صواريخ «سام 17» المضادة للطائرات التي تعتبرها إسرائيل «مخلّة بالتوازن» وتغير قواعد اللعبة. ولكن ديبلوماسيين غربيين كانوا أكثر حذراً، وأشاروا إلى أن الغارة استهدفت «موقعاً».
ورفضت الإدارة الأميركية التعليق على الغارة، حيث أشار المتحدث باسم البيت الأبيض جي كارني إلى انه «لا رد عندي على التقرير. وأنا أوجهكم لحكومة إسرائيل لسؤالها عن فعل قاموا أو لم يقوموا به». كما رفضت المتحدثة باسم الخارجية الأميركية التعليق على الغارة، مجددة قلق واشنطن من التعاون بين إيران وسوريا و«حزب الله». إلا أن متحدثاً أميركياً عاد وأكد لشبكة «سي إن إن» وقوع الغارة الإسرائيلية في سوريا.
عموماً لاحظ معلقون أن إسرائيل أغارت على الهدف داخل سوريا مستغلة حالة الفوضى القائمة هناك، وبرغبة منها للإشارة إلى النظام السوري بأنها لن توافق على نقل أسلحة لـ«حزب الله». وهناك افتراض سائد يرى أن سوريا غير معنية بمواجهة مع إسرائيل حالياً، خشية أن تقود إلى سقوط النظام. لكن مهاجمة هدف في لبنان يزيد فرص المواجهة مع «حزب الله»، وهو أمر لا تريده إسرائيل حالياً.