خبر حان دور ايران -هآرتس

الساعة 10:03 ص|29 يناير 2013

بقلم: تسفي بارئيل

        (المضمون: قبل خمسة اشهر من الانتخابات الرئاسية في ايران يبدو ان المحادثات حول البرنامج النووي مع الغرب يتأثر بالسياسة الايرانية الداخلية بقدر ما يتأثر بالاعتبارات الاقليمية والدولية - المصدر).

        "الانتخابات الحرة" هو اصطلاح تافه، لا يحتاج ظاهرا الى اي تفسير. ليس هكذا في ايران. هناك لهذا الاصطلاح معنى سياسي صرف. "اصطلاح انتخابات حرة" هو شعار  "مؤيدي الثورة"، هكذا اتهم علي خمينئي، الزعيم الاعلى لايران، "هذه كلمة سر جديدة للثورة". قبل خمسة اشهر من الانتخابات الرئاسية في ايران يحتدم الصراع السياسي بين مؤيدي الاصلاحات وبين المحافظين، وبين المحافظين الذين يعارضون محمود احمدي نجاد وبين اولئك الذين يؤيدونه. احمدي نجاد نفسه لا يمكنه أن يتنافس في الانتخابات، فالدستور يقيد الرئيس بولايتين متواصلتين. ولكن معارضيه يخشون من أن يحاول أن يبقي وراءه مجموعة من المؤيدين في الاجهزة الحكومية ورزمة قوانين "تخلد" ولايته وتشكل له رافعة للعودة الى الرئاسة بعد أربع سنوات.

        المفارقة هي أن فجأة يجد الاصلاحيون ومؤيدو احمدي نجاد أنفسهم في ذات المصاف.  فهاتان المجموعتان، المتخاصمتان في القلب وفي الروح – الاولى، الاصلاحية، أثارت المظاهرات ضد الانتخاب المزيف لاحمدي نجاد في 2009، والثانية لم تتردد في تحدي زعامة خمينئي – تطالبان الان بانتخابات حرة، نقية من التدخل الفظ من جانب لجنة الخبراء. هذه اللحظة، التي من مهمتها ضمن امور اخرى ان ترشح من بين المرشحين اولئك الذين خدموا بالشكل الافضل ارادة الزعيم الاعلى، أقرت في العام 2009 أربعة مرشحين من اصل 476. لو علم في حينه خمينئي الى أين سيقود مرشحه المفضل، احمدي نجاد، ايران والى اي مناكفات علنية سيجر مؤسسة الزعيم الاعلى، كان مشكوكا فيه أن يخرج عن طوره كي يدافع عن نتائج الانتخابات.

        خمينئي ابن الـ 74 عاما يعرف جيدا بان الصورة التي نجحت ايران في تثبيتها في الغرب، وبموجبها كل قرار وكل عمل في الدولة يخطط له حتى آخر التفاصيل ويطبق بطاعة عمياء، بعيدة عن الحقيقة. فتجربته المريرة مع احمدي نجاد أثبتت له بانه قد يكون بوسعه التحكم بنتائج الانتخابات ولكنه لا يمكنه أن يتنبأ كيف سيتصرف الرئيس المنتخب. ومن هنا، التشويه الذي نشأ في ضوء الدعوة الى "انتخابات حرة".

        ولكن اذا كانت الانتخابات القريبة هي تحدٍ لسياسة خمينئي الداخلية – في مجال العلاقات الخارجية توجد أمامه مسائل محملة بالمصير. فكيف سيرد، اذا ما قرر الرئيس براك اوباما الاستماع الى الاصوات المتصاعدة في الادارة الامريكية، والتي تؤيد الحوار المباشر مع ايران؟ كيف يمكن اغراء مصر لاستئناف العلاقات؟ ماذا سيحصل عندما يسقط الاسد، وكيف ستحافظ ايران على معاقلها في لبنان. من هو الشريك الذي يمكنه أن تجده لنفسها في أوساط الفلسطينيين، بعد أن كادت حماس تقطع تماما علاقاتها معها؟

        بعض من مصادر القلق هذه كان يمكنه أن يتبدد، لو استجابة مصر لمغازلات ايران. وفي الاسبوع القادم سيصل احمدي نجاد الى القاهرة كي يشارك في مؤتمر التعاون الاسلامي. ولكن الناطقين بلسان محمد مرسي، سارعوا منذ الان الى التهدئة والاعلان بان هذه ليست زيارة رسمية للرئيس الايراني لدى الرئيس المصري. ونفوا أن يكون رئيس البرلمان (المخلوع) سعد الكتاتني قد التقى برئيس البرلمان الايراني، وكذا الانباء عن استئناف الطيران المنتظم بين القاهرة وطهران.

        واقترح وزير الخارجية الايراني، علي أكبر صالحي، ان تجرى المحادثات القريبة حول النووي، والتي ستعقد في شباط بين ايران والدول الغربية العظمى الستة، في القاهرة. وهكذا تأمل ايران أيضا في أن تغيظ تركيا، التي استضافت المحادثات السابقة وتعاقبها على سياستها تجاه الاسد، بل والتلميح للقاهرة بقدرة ايران على دفع مكانة مصر الى الامام.

        ولم تسارع القاهرة للرد. ليس فقط ضغوط واشنطن للامتناع عن علاقة وثيقة مع ايران هي التي تؤثر على مرسي. فالسعودية وباقي دول الخليج ايضا أوضحت لمرسي، في محادثات شخصية، ومن على الصحف، بان من الافضل له الا يغير الولاء. "من الصعب التصور بان يقرر الاخوان المسلمون في المستقبل تعريض كل مصالح أبناء شعبهم للخطر من أجل تغيير الخريطة السياسية في المنطقة؛ ولكن اذا ما حصل هذا، فان كل الخطاب سيتخذ اتجاها جديدا"، حذر – هدد عبد الرحمن الراشد، الكاتب السعودي الهام في مقال كتبه في صحيفة "الشرق الاوسط" التي يملكها أحد المقربين من الملك السعودي.

        ويتعلق الموضوع المشتعل الاخر بمحادثات النووي وبمسألة الى اي مدى ينبغي لايران أن تخفف حدة مواقفها. هذه المعضلة غير منقطعة عن الساحة السياسية في ايران. فاذا قرر خمينئي التنازل وقبل بعض مطالب الدولى العظمى، فهل يتعين عليه أن يقوم بالبادرة الطيبة للقوى العظمى الستة أم ينتظر الحوار المباشر مع الولايات المتحدة. واذا ما وصلت الدعوة الامريكية الى مثل هذا الحوار، فهل يتعين عليه أن يستجيب فورا أم ينتظر حتى الانتخابات كي يمنع عن احمدي نجاد تحقيق نصر سياسي قبل الانتخابات فيعزز بذلك مؤيديه؟

        تنازل مطلق في ضوء طلب الغرب هو الاخر لا يمك تصوره، وذلك لان معناه التراجع المطلق عن كل أسس السياسة، الخضوع للضغوط الغربية وفقدان مكانة النظام في نظر مواطنيه. وسيكون المخرج على ما يبدو اتفاق غربي – ايراني على التركيز على مطلب وقف تخصيب اليورانيوم عند 20 في المائة، دون المس ببرنامج تطوير النووي. وهكذا يتمكن الطرفان من ادعاء النصر. حتى المرة القادمة.