خبر اليوم الذي يلي الانتخابات: ماذا حدث هنا؟ - هآرتس

الساعة 01:19 م|27 يناير 2013

ترجمة خاصة

اليوم الذي يلي الانتخابات: ماذا حدث هنا؟ - هآرتس

بقلم: آري شبيط

(المضمون: إن يئير لبيد هو الذي يملك الآن أكبر قدرة على التغيير في اسرائيل اذا أحسن استغلال هذه القدرة - المصدر).

كانت انتخابات 2009 هي انتخابات بيبي أو تسيبي. وكان السؤال الذي وُضع أمام الناخبين بصورة صريحة مضللة هل يريدون حكومة سلام مع لفني أم حكومة قوة مع نتنياهو. وكانت انتخابات 2013 انتخابات بيبي أو بيبي. وكان السؤال الذي لم يوضع أمام الناخبين بصورة صحيحة هو هل يريدون حكومة يمين – وسط لنتنياهو أم حكومة يمين – يمين لنتنياهو. فالذي فهم السؤال أجاب عنه وفاز والذي لم يفهم السؤال خرج من اللعبة وهُزم.

كان أمر انتخابات 2013 في أساسه هو كله شأن بنيامين نتنياهو. كانت له في السنوات الاربع الاخيرة ثلاثة انجازات مهمة هي: الاستقرار الامني والاستقرار الاقتصادي والاستقرار السياسي. لكن كان لنتنياهو في السنوات الاربع الاخيرة ثلاثة اخفاقات كبيرة ايضا وهي: الثبات السياسي في نفس المكان، والثبات الاجتماعي والثبات النفسي في نفس المكان.

إن التأليف بين الانجازات والاخفاقات أدى الى ان تشمل المعركة الانتخابية خمسة استفتاءات مختلفة للشعب في رئيس الوزراء: أتحبون نتنياهو أم لا تحبونه؟ لا نحبه. أتُقدرون نتنياهو أم لا تُقدرونه؟ نُقدره. أتعتمدون على نتنياهو أم لا تعتمدون عليه؟ لا نعتمد. أتريدون نتنياهو رئيسا للوزراء أم لا تريدونه؟ نريده. فاذا كان الامر كذلك فلمن تصوتون بحق الشيطان؟ نصوت للقوة السياسية التي تنضم الى نتنياهو وستفرض على نتنياهو ان يسير في الطريق الذي نريد ان يسير فيه.

صك يوسي سريد في 1992 الشعار الغالب "يومريتس اسحق رابين". وكان قول نفتالي بينيت الغالب في 2013 يزداد نتنياهو تطرفا، وكان قول يئير لبيد الغالب يُمركَز نتنياهو. وكان هذان الهاويان السياسيان هما الوحيدين اللذين فهما الضعف الكامن في قوة نتنياهو باعتباره المرشح الوحيد لرئاسة الوزراء. واستغل كلاهما هذا الضعف لمصلحتيهما وبنيا أنفسهما بعناق الدب الذي منحاه زعيما وطنيا غير مؤيد لا يوجد بديل عنه في هذه الاثناء.

كان نفتالي بينيت أول من فهم السر. فهو من جهة هيّج الصهيونية المتدينة بأن حقق حلمها المخبوء (الذي صاغه البروفيسور آفي رابتسكي) وهو الانتقال من مقطورة مطعم القطار الى القاطرة. وهو من جهة اخرى هيّج شبابا كثيرين بأن عرض عليهم شيئا جديدا ومُحمسا وآسرا. والتأليف بين هذين التيارين القويين أفضى الى زيادة نصيب بينيت من المدرعة اليمينية الاسرائيلية على حساب نصيب نتنياهو. ووقف جالوت القوي القديم من الليكود بيتنا عاجزا في مواجهة ضربات الحب التي أمطره بها داود الخفيف الحركة من البيت اليهودي.

وكان يئير لبيد الثاني الذي فهم السر. فقد كانت حملة انتخابات هذا الاسرائيلي الوسيم مدة اشهر كثيرة غير مُركزة وغير مقنعة. وفي عملية "عمود السحاب" خرس واختفى وانخفض في استطلاعات الرأي في نقطة حضيض المعركة الى 5 نواب. لكن لبيد كشف بعد ذلك عن مكان وجود المال. فهو من جهة وشم جبينه بصرخة ألم الطبقة الوسطى وهو من جهة ثانية أقام نفسه باعتباره شريك نتنياهو المستقبلي وصاحب المسؤولية.

في الاسبوعين الاخيرين جعل هذان الاجراءان لبيد الأيقونة الجديدة للمركز الاسرائيلي. وان التأليف بين حزب الجدد وحزب عصيان الطبقة البرجوازية وحزب يتجه الى نتنياهو جعل يوجد مستقبل الحزب الحقيقي لأمة الهاي تيك الاسرائيلية، فقد مكّن الاسرائيليين غير اليمينيين من معارضة نتنياهو والارتباط به معا كي يوجد هنا أمل للمستقبل.

وهكذا تحولت انتخابات 2013 الى انتخابات ثلاثة: نتنياهو المُضعَف في الوسط وعن جانبيه الشابان الجديدان المُكهربان من اليمين – اليمين والوسط – الوسط اللذان استمدا منه القوة وحولا قوته الى قوتهما.

وتحولت شيلي يحيموفيتش وتسيبي لفني اللتان حافظتا على مبادئهما ورفضتا المشاركة في لعبة القوة الى غير ذواتي صلة. أما شاس التي كانت دائما تلعب لعبة القوة فلم ترتفع ولم تنخفض. وضاعف اليسار الصهيوني من ميرتس قوته وحافظ اليسار غير الصهيوني على قوته لكن هذا وذاك بقيا خارج ميدان التأثير الحقيقي. كان اسم اللعبة نتنياهو – لبيد – بينيت ونتيجة اللعبة هي نتنياهو – لبيد – بينيت وسيكون الذي يصوغ السنوات القريبة في دولة اسرائيل توازن القوى بين بنيامين نتنياهو ويئير لبيد ونفتالي بينيت.

من بين لبيد وبينيت يكون تفضيل نتنياهو واضحا وهو لبيد فكريا وشخصيا ايضا. فرئيس الوزراء يبغض رجل الهاي تيك هذا من رعنانا ويفضل عليه صاحب الموهبة من رمات أفيف. وفي أحاديث مغلقة جدا سبقت الانتخابات حدد بيبي هدفه في انتخابات 2013 وهو: كتلة نتنياهو – لبيد وفيها 50 نائبا. كان نتنياهو يأمل في الحقيقة ان تكون البنية الداخلية للكتلة 12 – 38 لا 19 – 31 لكنه يعزي نفسه الآن بأن الهدف المأمول وهو الـ 50 قد أُحرز مع ذلك كله.

في الاسابيع التي تلي الانتخابات يستطيع الصديقان الطيبان لأرنون ملتشين ان يستغلا أرنون ملتشين لبناء ثقة متبادلة ولانشاء القطب القوي الذي تنتظم الحكومة القادمة حوله. وإن القاعدة البرلمانية الصلبة لـ الليكود – مستقبل تُمكّنهما من ابطال فعل البيت اليهودي وكف جماح شاس وتوجيه خرطوم الحكومة الجديدة الى الوسط.

لكن لبيد من بين الاثنين نتنياهو – لبيد هو اللاعب الذي يُمسك بأوراق اللعب. فاذا فضل ان يُدير ظهره لوعود حملته الانتخابية وان يتولى وزارة الخارجية ويقود اسرائيل الى مسيرة سياسية فانه قادر على إبقاء بينيت خارج الحكومة التي تشمل ايضا الحريديين والحركة وكديما. لكنه اذا فضل ان يغير طريقة الحكم ويعالج المساواة في العبء ويُحسن وضع الطبقة الوسطى فسيحتاج الى نفتالي بينيت شريكا.

في الحالة الاولى سيعمل نتنياهو ولبيد معا في مواجهة بينيت الذي سيضربهما من المعارضة. وفي الحالة الثانية سيكون الثلاثة المتقدمون في الانتخابات هم الثلاثة المتقدمين في الحكومة ايضا، وسيقعد المثير الداعي الى مركزة نتنياهو والآسر الداعي الى تطرف نتنياهو عن جانبي الرجل البائس نتنياهو ويجعلان حياته مُرة.

في الشهر الذي سبق الانتخابات تمت في هذه السلسلة رحلة قصيرة مكثفة الى الوسط – اليسار الاسرائيلي. وكان الذي بيّنته أكثر فصول السلسلة ان نتنياهو ليس قويا كما يُخيل الينا وانه اذا وُجد للوسط – اليسار بينيت خاص به فانه يستطيع المفاجأة. وقبل الانتخابات بأسبوع لم يكن مُجري اللقاء ولا من أُجريت اللقاءات معهم يرون بينيت كهذا في الأفق. واشتكى مُجري اللقاء ومن أُجريت اللقاءات معهم وبحق من الانقسام والمهانة في الوسط – اليسار.

لكن في الايام الاخيرة من المعركة نجح يئير لبيد في ان يجعل نفسه بينيت الوسط بل في ان يتغلب تغلبا كبيرا على بينيت اليمين، وكان طوفان لبيد في 2013 يشبه بصورة عجيبة طوفان لفني في 2009: فقد تدفق فجأة، في مواجهة تهديد اليمين الحقيقي كثيرون الى ما تبين عندهم أنه آخر أمل ابيض. وهكذا أصبح لبيد الآن لفني الجديد. وهو يتمتع بالاعتماد الذي تمتعت به لفني ويثير التوقعات التي أثارتها لفني وهو يعتمد على القوى نفسها.

بعد ان ورث كديما حزب أبيه أصبح هو وارث كديما. لكن التحدي الضخم الذي يواجه لبيد هو كيف لا يُخيب الآمال مثل لفني وكيف لا يتحطم مثل كديما. وكيف يحطم آخر الامر نموذج فارس خلاص ابيض يظهر فوق حصان خلاص ابيض ويختفي كما جاء.

وإن تحدي الوسط – اليسار لا يقل عن ذلك حدة، فقد أثبتت انتخابات 2013 أن اسرائيل ليست يمينية. وبرغم التغييرات السكانية ما زالت الأكثرية الاسرائيلية أكثرية سليمة العقل تريد دولة سليمة العقل ليست قومية وليست متدينة. وهكذا يستطيع الوسط – اليسار بعمل صحيح ان يفعل باسرائيل الحالية ما فعله بيل كلينتون بامريكا بعد ريغان – بوش وما فعله براك اوباما بامريكا بعد جورج بوش الابن.

لكن لا يكفي من اجل إحداث التغيير العميق حملة انتخابية مُحكمة ومرشح ذو سحر شخصي كبير بل يُحتاج من اجل إحداث التغيير العميق الى صوغ تصور عام جديد وانشاء فريق قيادة جديد يُجيبان اجابة شاملة جدية عن تحديات اسرائيل الوجودية. ومن المرغوب فيه ان يُصاغ التصور العام المناسب وفريق القيادة المناسب الآن. ففي هذه الدولة وفي هذا الشرق الاوسط لا يمكن ان نعلم ماذا يلد اليوم. ويجب توسيع شق الأمل الذي فُتح في كانون الثاني 2013 جدا، وسريعا جدا – والآن حقا.