خبر المساواة في العبء: لأننا لسنا مغفلين - هآرتس

الساعة 01:17 م|27 يناير 2013

ترجمة خاصة

المساواة في العبء: لأننا لسنا مغفلين - هآرتس

بقلم: جدعون ليفي

(المضمون: أعرضت الانتخابات الاسرائيلية الحالية عن كل المساويء والنقائص في المجتمع الاسرائيلي وتشبثت بشعار التساوي في عبء الخدمة العسكرية - المصدر).

ثمة ثورة اخرى على الباب: فبعد نجاح "ثورة الهواتف المحمولة" لموشيه كحلون و"ثورة الاسعار" لاوبتكا هيلبرن، ينتقل مجتمعنا الثوري الى غايته التالية وهي ثورة المساواة في العبء التي تساوي في مصيريتها الثورة الفرنسية ولا تقل أهميتها إلا قليلا عن الثورة الصناعية.

من بنيامين نتنياهو الى يئير لبيد الى نفتالي بينيت – كلهم على أعواد المشانق، وفي حين خرجت شعوب التاريخ للنضال عن الحقوق، يخرج المجتمع في اسرائيل للنضال عن الواجبات خاصة فهو يريد ان يخدم الجميع، الجميع، في الجيش. ولماذا في الحقيقة؟ لأن الجيش في نظره قيمة أكثر اطلاقا من القيم جميعا؛ ولأن "عدم الظهور بمظهر المغفل" هو الشعور القومي الأكثر اطلاقا من كل شعور.

أعدل ومساواة وأخوة؟ في هذه الثورة القليل جدا من كل ذلك. فالقليل من العدل في مجتمع غير عادل (بسبب اسباب مختلفة تماما)، والقليل من المساواة في مجتمع لا مساواة (بسبب اسباب مختلفة تماما)، ولا يوجد أدنى قدر من الأخوة. فالهدف الحقيقي هو المس بالمختلف والآخر والتحرش بالأقلية من الحريديين والعرب الذين هم، وليس هذا عرضا، الأفقر ومعاقبتهم. والى جانب شهوة الانتقام لرؤيتهم يُجندون للجيش الاسرائيلي أو للخدمة الوطنية، تظهر الكراهية لهذين الوسطين. هذه هي النار السيئة الحقيقية التي تحرك هذا النضال الذي يوحد أكثر أسباط اسرائيل. انه موحِّد جدا حتى إن الساسة قد تلقفوه كمن يجد غنيمة كبيرة.

وإن الغنيمة لكبيرة حقا: فأي شيء أكثر اجماعا عليه من الدعوة الى تجنيد الجميع، وأي شيء أكثر حصدا للاصوات من الدعوة الغوغائية هذه الى التساوي في عبء الخدمة. إتكلوا على لبيد أنه اذا كانت هذه رايته فان الحديث عن راية الاجماع المبطنة واللذيذة والدافئة التي لا يوجد أي خطر أو كلفة الى جانبها. واعتمدوا على نتنياهو أنه اذا كان يقفز الآن في شعور تهكمي على هذه العربة المنطلقة فانه يعلم ما الذي يفعله.

ليس الشعور بالعدل هو الذي يحركهم ولا الطموح الى مجتمع أكثر مساواة ايضا. ان الاسرائيليين الذين يدعون الى المساواة في العبء لا يريدون التساوي حقا، فمن الحقائق انهم لا يناضلون مظالم أكبر بكثير. من دعا الى المساواة ولم يحصل عليها؟ يقف في الصف الطويل المظلومون والمضطهدون والفقراء والفلسطينيون والعرب والشرقيون والنساء والمهاجرون، لكن اسرائيل تشن الحرب في موضوع التجنيد خاصة وقد اختارت من كل مظالمها ان ترفع هذه المظلمة الهامشية وعليها ستقوم الحكومة في اسرائيل الآن.

نشك في ان يكون الجيش الاسرائيلي يريد الحريديين، ونشك في انه محتاج اليهم؛ ولا يقصد أحد بجدية الى تجنيد العرب، ونشك في ان يكون أحد ما يهمه حقا ان يُجند احمد لكنس عيادة طبية في الوسط العربي. لكننا لسنا مغفلين وأقلياتنا مكروهة ولهذا هلّم ننقض عليها. لا يوجد بين المجندين تساوٍ (في العبء)، ومن الذي يحدد أصلا أيهم أشد اسهاما في المجتمع، الجندي أم الشاعر، والعامل أم الحاخام. أصبحت توجد مساواة للجميع، مساواة أمام القانون بين الاغنياء والفقراء، والعرب واليهود؛ ومساواة في الدخل بين النساء والرجال، ومساواة في الفرص بين اليهود الغربيين والشرقيين – فلم يبق سوى هذه المظلمة يُراد رفعها وفورا. واذا وقف فيشل عند الحواجز ونكل بالفلسطينيين فسنعلم آنذاك فقط أنه أصبح عندنا مجتمع عادل متساوٍ.

يريد أكثر العرب الاندماج في العمل لكن اسرائيل يكفهر وجهها لهم. أنظروا الى "المناطق الصناعية" في المدن العربية، حيث ترى خليطا من الكراجات واماكن تصليح الاطارات. وحاولوا ان تكونوا محمد وان تجدوا عملا في تل ابيب، بل انه يصعب عليه ان يجد شقة للايجار. ويريد جزء أخذ يكبر من الحريديين الاندماج في العمل. ولا تؤخذ في الحسبان عند هاتين المجموعتين الخدمة في الجيش الاسرائيلي. فالجيش الاسرائيلي سمين بقدر كاف ليتخلى عن خدمتهما، واسرائيل قوية بقدر كاف كي تحترم محدوديتهما. لن يندمجا بالقوة في الجهاز الاقتصادي ولا بسن القوانين ولا بأوامر ظالمة من حكومة نتنياهو لبيد، بل ان الطريق الى إدماجهما تمر بالاحترام المتبادل والتسامح مع اختلافهما، لكن هذين غير موجودين في أجندة الثورة الاسرائيلية الجديدة القائمة على المساواة في العبء.