خبر رام الله تحاول ان تقرر اذا كان يوجد شريك في القدس - هآرتس

الساعة 01:15 م|27 يناير 2013

ترجمة خاصة

رام الله تحاول ان تقرر اذا كان يوجد شريك في القدس - هآرتس

بقلم: تسفي بارئيل

(المضمون: بعد سنوات تساءل الناس فيها في اسرائيل اذا كان يوجد شريك لمحادثات السلام في الطرف الفلسطيني، فان سؤالا معاكسا تماما هو الان مركز الصدام الاساس بين فتح وحركة حماس  - المصدر).

ليس ليوسف رزقة، المستشار السياسي لاسماعيل هنية أي شك: "نتائج الانتخابات في اسرائيل هي هزيمة لنتنياهو"، قرر قائلا. ليس مجرد فشل بل فشل آخر في مسلسل بدأ مع حملة عمود السحاب، تواصل بالهزيمة في الامم المتحدة أمام نجاح محمود عباس بتحقيق اعتراف بدولة فلسطينية مراقب وانتهى بالعلاقات الباردة مع براك اوباما.

في لعبة مبلغ الصفر، فان الفشل لنتنياهو يفترض ظاهرا أن يكون انجازا لحماس. ولكن سامي ابو زهري، الناطق بلسان حماس على علم بالشرك الذي في المفهوم القائل انه لو كان اليسار انتصار لكان ممكنا ان يعتبر شريكا مناسبا في المفاوضات. وقال في مقابلة صحفية ان "غياب الموضوع السياسي عن الانتخابات في اسرائيل يشهد أيضا على باقي الاحزاب، الوسط واليسار، التي تتفق كلها على استمرار العدوان ضد الفلسطينيين والتنكر لحقوقنا الوطنية". ورغم هذا الفهم فان هزيمة اليمين – اذا كانت هذه هزيمة – لا تغير على الاطلاق المعادلة التي بموجبها لا يوجد ولا يمكن أن يوجد شريك صهيوني للمفاوضات.

السؤال اذا كان يوجد ام لا يوجد شريك للمحادثات، والذي رسم خط الحدود بين معسكر اليمين واليسار في اسرائيل، كان أيضا أحد خطوط التمييز المتصلبة والواضحة بين فتح وحماس. فبينما تمسك عباس بالموقف في أن المفاوضات مع اسرائيل هي الوسيلة الوحيدة لتحقيق المصالح الفلسطينية وان لدى الولايات المتحدة وحدها القوة لخلق شريك اسرائيلي، فقد رأت حماس في هذا الجهد ترهات عديمة الاساس في افضل الاحوال، وتعاون مع العدو في اسوأها. وفي السنة الاخيرة لم يكن لعباس مفر غير الموافقة ان ليس فقط نتنياهو ليس شريكا، بل ان الجمهور الاسرائيلي لا يمكنه أن ينشىء شريكا بديلا في الانتخابات.

ولكن خلافا لفهم حماس، فان عباس لا يرى مانعا مبدئيا من ادارة مفاوضات مع اسرائيل، اذا ما جاءت بعرض يمكن قبوله يكون مسنودا بضمانة امريكية، حتى لو كان نتنياهو هو الذي يدري المفاوضات من الطرف الاسرائيلي."نحن سنتعاون مع كل حكومة اسرائيلية تتبنى مبدأ الدولتين للشعبين، توقف البناء في المستوطنات وتقبل قرار الامم المتحدة في تشرين الثاني، بشأن الاعتراف بدولة فلسطينية كدولة مراقب في الامم المتحدة"، قال هذا الاسبوع نبيل ابو ردينة الناطق بلسان محمود عباس.

هذه الفوارق بين حماس وفتح في المسألة السياسية، تملي ايضا مبادىء المفاوضات للمصالحة، والتي تجري بوتيرة متغيرة منذ التوقيع على اتفاق القاهرة بينهما في تشرين الثاني 2011. وذلك بعد نحو خمس سنوات منذ الاتفاق الفاشل في مكة والذي وقع في بداية 2007 ومساعي الوساطة المصرية التي استؤنفت في العام 2009. وحسب الاتفاقات التي تحققت في نهاية السنة الماضي بين خالد ومشعل وعباس، يفترض بالطرفين ان يبدآ في نهاية الشهر في مباحثات عملية لتطبيق اتفاق المصالحة. وفي هذه الاثناء يبدو ان هذه المباحثات لن تبدأ قبل الشهر القادم وربما في وقت لاحق، الموعد الذي لا ينقطع عن عملية تشكيل الائتلاف في اسرائيل، والذي يتعين عليه أن يوضح للفلسطينيين الى أين يتجه وجهه.

من هنا تنشأ ايضا الفوارق في المواقف في سلم الاولويات الفلسطيني. فبينما يصر عباس على أنه يجب أولا اجراء الانتخابات للقيادة الفلسطينية في الضفة وفي غزة على حد سواء وبموجبها يتقرر توزيع المناصب ومجالات المسؤولية بين الحركتين، فان حماس من جهتها تطالب بان تقام أولا حكومة وحدة، تنفذ اصلاحات في تشكيل م.ت.ف بشكل يضمن لحماس مكانة هامة في المنظمة، والوصول الى اتفاق على عمل أجهزة الامن.

في حماس يخشون من أنه اذا جرت انتخابات قبل اقامة حكومة الوحدة وقبل أن يتفق على انظمة توزيع الحكم، من شأن عباس أن يستخدم نتائج الانتخابات كي يقرر بموجبها، وليس حسب الاتفاق السابق، توزيع مجالات المسؤولية. مثل هذا الوضع من شأنه أن يجعل حماس فصيلا فلسطينيا آخر ينتظر دوره في توزيع المناصب وليس كمن يمكنه أن يمليها على اساس اتفاق المصالحة.

تخوف آخر من حماس هو أن نتائج الانتخابات قد تشير الى أن معظم الجمهور الفلسطيني يفضل النهج السياسي لحماس حيال اسرائيل والولايات المتحدة، وهكذا تعلق حماس في موقف متعذر: اذا عارضت الخطوة السياسية ستظهر كمن تعارض المصالحة مع فتح. وبالمقابل، اذا ما قبلت موقف الجمهور، فستضطر الى التنكر لمواقفها الايديولوجية.

ولكن هذا ايضا رهان من جانب عباس. اذا ما فضل الناخبون الفلسطينيون حماس، فسيتحطم الامل في المفاوضات السياسية ومثله ايضا الفرصة للتعاون الدولي مع الدولة الفلسطينية. ولكن في حينه يمكن لعباس أن يعتزل منصبه بهدوء دون أن يتحمل مسؤولية انهيار فلسطين أو ان يسلم المفاتيح لاسرائيل، بحيث تدير المناطق بنفسها.

حماس ليست عمياء كي لا ترى حقل الالغام هذا وهي تحاول أن تمسك العصا من طرفيها. وقد أعلنت بانها توافق على ان يكون عباس رئيس الحكومة التي تقوم بالتوافق. وهكذا تلمح حماس بانها لن تعارض في أن يواصل عباس العمل في القناة السياسية طالما كان متفقا على أن كل اتفاق بين اسرائيل والفلسطينيين، اذا ما تحقق، سيخضع لاستفتاء الشعب الفلسطيني.

هذا الاسبوع التقى في قطر خالد مشعل مع جبريل الرجوب، الذي يحمل اللقب الرسمي لرئيس اللجنة الاولمبية الفلسطينية، ولكنه عمليا يعمل كمبعوث خاص لعباس. ولم تنشر تفاصيل اللقاء ، ولكن حسب مصادر فلسطينية في رام الله، فان الرجوب كفيل بان يكون المسؤول بتكليف من عباس عن تطبيق بنود التعاون الامني في اتفاق المصالحة الفلسطينية.

وسيتضمن هذا التعاون دمج أجهزة الامن واقامة قيادة موحدة يشارك فيها رجال فتح، حماس والجهاد الاسلامي. واختيار الرجوب ليس صدفة وليس فقط بسبب ماضيه كمسؤول عن الامن الوقائي. فلدى الرجوب اتصالات جيدة مع بعض من كبار المسؤولين في اسرائيل وهو مقبول كمن يمكن "عقد الصفقات معه".

الخلاف في المسألة السياسية وانعدام وجود توافق بين حماس وفتح في مسألة الانتخابات يكفي ظاهرا من أجل عدم الانتظار بانفاس مقبوضة المصالحة الفلسطينية. ولكن من جهتها، فان مصر، السعودية وقطر تمارس الضغط الشديد على الطرفين للوصول الى مصالحة سريعة. مصر، العراب والراعي لاتفاق القاهرة، تتطلع لان تصبح حماس حركة سياسية شرعية، حسب نمط الاخوان المسلمين، كي تتمكن من شطب غزة عن قائمة التهديدات على مصر. وطالما كانت حماس حركة مسلحة فانها هي او خصومها في القطاع وفي سيناء قد تشعل غزة من جديد، تجر ردا اسرائيليا شديدا يجبر مصر على أن تدخل مرة اخرى في دور الوساطة الكريه.

طالما كانت مفاوضات بين فتح وحماس، لا يمكن لاسرائيل أن يكون دور هام بالذات في الفترة الانتقالية. وذلك اذا ما أعلنت في الزمن القريب القادم بانها مستعدة لان تبدأ مفاوضات مع محمود عباس على أساس قسم من المبادىء الاساس التي يقترحها. مثلا، ان تتبنى مرة اخرى، بفم مليء وبصوت عال مبدأ الدولتين للشعبين وتعلن بان موضوع المستوطنات هو الاخر يمكن أن يطرح على البحث. يمكن لهذا ان يكون بداية مناسبة كفيلة بان توفر لعباس مسارا سريعا لاستئناف المفاوضات ووضع حماس امام المعضلة. ويمكن لهذا ايضا ان يكون الاختبار السياسي الاول ليئير لبيد.