خبر محللون روس: التسوية مع الفلسطينيين آخر همّ الإسرائيليين

الساعة 05:19 م|25 يناير 2013

وكالات

اعتبر محللون روس، مختصون بالشأن الإسرائيلي، أن نتائج الانتخابات الإسرائيلية الأخيرة كشفت أن مسألة التسوية مع الفلسطينيين لم تعد من أولويات الساسة الإسرائيليين، الذين ركزوا في حملاتهم الانتخابية على الشأن الداخلي.

وفي عرض للمتغيرات والتقلبات في مزاج الشارع الإسرائيلي اعتبرت إيرينا زفياغيلسكايا، رئيسة قسم القضايا الدولية في مركز الدراسات العربية، التابع لمعهد الاستشراق بموسكو، أن خسارة حزب "الليكود - بيتنا" لعدد من المقاعد في الكنيست لا تعني أن تغيرات جذرية في موازين القوى في إسرائيل قد حدثت، وإن كانت مؤشرا على تحول في نظرة وأوليات الساسة والشارع الإسرائيلي عموما.

لكن زفياغيلسكايا استبعدت، خلال اجتماع طاولة مستديرة عقد في وكالة "نوفوستي" الروسية اليوم، أن تكون هذه التحولات مرتبطة بمسألة التسوية مع الفلسطينيين التي تحدد، برأيها، بالأساس تصنيف الأحزاب في الكنيست الإسرائيلي ما بين اليمين واليسار والوسط، وقالت " لقد ركز الساسة الإسرائيليون في حملاتهم على مسائل اجتماعية واقتصادية داخلية تهم الناخب الإسرائيلي أكثر من مسألة بدء أو عدم البدء بمفاوضات مع الفلسطينيين".

وترى زفياغيلسكايا أن الإسرائيليين باتوا يتعاملون مع مسألة  التسوية بشيء من "فقدان الأمل" لأسباب تتعلق ليس فقط بإسرائيل، كبلد محتل لأراض فلسطينية ، وإنما بالوضع العام في الشرق الأوسط والوطن العربي، إذ من المستحيل في ظل الظروف المتوترة حاليا في المنطقة إجراء محادثات جدية والخروج بنتائج جدية".

واعتبرت زفياغيلسكايا أن إيران باتت تحتل المرتبة الأولى في سلم أولويات السياسة الإسرائيلية عموما، وقالت:" حتى حينما كانت إسرائيل تقوم بعملية عسكرية ضد قطاع غزة كان همها الأول ليس القطاع بل إعطاء إشارة تحذير لإيران كي تفكر الأخيرة ألف مرة قبل القيام بأي عمل ضد إسرائيل، لذا تراها قد حشدت 70 ألف جندي على الحدود مع غزة، وهو عدد فائض عن الحاجة للقيام بعملية برية ضد القطاع، وكان يكفي حينها حشد 5000 جندي، لكن إسرائيل أرادت هنا استعراض عضلاتها أمام إيران، وللهدف نفسه استخدمت إسرائيل منظومة "القبة الحديدية" للدفاع الجوي، وهي منظومة أثبتت فعاليتها إلى حد كبير وستتابع إسرائيل تطويرها".

وردا على سؤال لـ "أنباء موسكو" فيما "إذا كانت إيران تشكل فعلا تهديدا لإسرائيل أم أن المواجهة الحالية بينهما مصطنعة وترضي الطرفين؟" قالت زفياغيلسكايا:" لا أعتقد أن إيران، بل وحتى إيران النووية، ستشكل مستقبلا تهديدا لإسرائيل بغض النظر عن موقف المجتمع الدولي عموما، الرافض لانتشار السلاح النووي".  وأضافت:"حتى لو امتلكت إيران السلاح النووي فلن تقصف إسرائيل، لكن حينها سيتكون وضع ومناخ جديدان في المنطقة نتيجة كسر احتكار إسرائيل للسلاح النووي، وبالتالي ستتغير موازين القوى في المنطقة، وأنا أوافقكم  الرأي بأن المواجهة الحالية بين الجانبين ترضي نوعا ما إسرائيل وإيران على حد سواء، خاصة إذا ما نظرنا إلى تصريحات الرئيس الإيراني أحمدي نجاد والحشد الكبير للرأي العام الإيراني حول أهمية امتلاك إيران للطاقة النووية. وأكثر من ذلك، لنعترف بأن البرنامج النووي الإيراني هو برنامج قومي لن يغيره أي رئيس إيراني قادم بعد نجاد بغض النظر عن أفكاره وآرائه". 

من جهة أخرى اعتبرت زفياغيلسكايا أن نظرة إسرائيل إلى سورية والنظام السوري تحديدا قد تغيرت، وقالت:" الإسرائيليون كانوا ينظرون في البداية إلى ما يحدث في سورية بشيء من الريبة، وقبل الأحداث في سورية كانت تل أبيب، رغم عدم إعجابها بالرئيس السوري بشار الأسد تجري معه مفاوضات عبر قنوات سرية غير مباشرة لإستعادة الجولان ولو شكليا ووفق شروط محددة، أما اليوم فلا أحد في إسرائيل يفكر بهذا الأمر، مشيرة إلى أن إسرائيل تفضل حماية أمنها بالطرق العسكرية أكثر منها بالطرق السياسية -  إسرائيل تبني أسوارا من مختلف الجهات، من الجهة المصرية والسورية والفلسطينية، إذ أن الوضع غير المستقر في المنطقة ربما جعل الإسرائيليين يراهنون على الجوانب العسكرية التقنية لتأمين أمن إسرائيل وليس على المفاوضات أو أية تحركات سياسية أخرى. إسرائيل تريد من خلال بناء الأسوار وخطط تطوير "القبة الحديدية" أن تغلق أبوابها وسماءها".

ونقلت زفياغيلسكايا على لسان مسؤول إسرائيلي رفيع أن تل أبيب لن تعيد أبدا الجولان إلى السيادة السورية وقالت:" قبل حوالي عام التقيت نائب وزير الخارجية الإسرائيلي دانى أيالون أحد واضعي خطة نقل الجولان إلى السيادة السورية، وقد قال لي حينها بالحرف الواحد:" بلغي موسكو أننا، نحن الإسرائيليين، لن نعطي هذا "السفاح" بعد الآن أي شيء"، وأشارت إلى أن مسألة إعادة الجولان لسورية ليست لها علاقة بكون الرئيس الأسد سفاحا أم لا، بل بالمتغيرات الجذرية الجارية في المنطقة.

من جهتها لفتت تاتيانا نوسينكو، كبيرة الباحثين في قسم الشؤون الإسرائيلية في معهد الاستشراق بموسكو، إلى أن "مسألة الشارع أو الناخب الروسي بما يحمله من أهمية في نتائج الانتخابات الإسرائيلية قد غابت هذه المرة عن البرنامج الانتخابي للمتنافسين من الساسة الإسرائيليين وقالت:" إذا كان المرشحون سابقا يتنافسون بشكل قوي للاستحواذ على أصوات الناخب الروسي نجد اليوم أن الاهتمام بالشارع الروسي في الانتخابات الحالية قد تراجع إلى الخلف، وهذا يدل برأي نوسينكو على تبدل في المزاج العام للشارع الإسرائيلي وتغير في نظرته إلى الحياة السياسية والاجتماعية.

 وربطت نوسينكو هذا الأمر بالتحولات الديموغرافية في المجتمع الإسرائيلي وقالت:" تأقلمت أجيال التسعينات من الروس المهاجرين إلى إسرائيل مع الحياة في هذا البلد وبات أبناؤهم وأحفادهم يعتبرون أنفسهم إسرائيليين أصلاء لا تهمهم المشكلات والتقسيمات السياسية والعرقية، التي كانت تؤرق المجتمع الإسرائيلي في فترة التسعينات".