خبر « جمعة الغضب ».. عندما أشعلت المياه ثورة مصر

الساعة 09:39 ص|25 يناير 2013

وكالات

عندما أطلق بعض المتظاهرين على ثورة 25 يناير/كانون الثاني 2011 وصف "معجزة" كانوا يشيرون للمفاجئات التي صادفتهم وساعدتهم على إكمال الثورة، على عكس ما أراد لها النظام السابق بآلته الأمنية.

وما حدث فوق كوبري قصر النيل الشهير عند مدخل ميدان التحرير بوسط القاهرة في يوم 28 من ذات الشهر، المعروف إعلاميا بجمعة الغضب، هو ترجمة، بالنسبة لهم، لوصف المعجزة.

فبينما لجأت قوات الأمن في عهد الرئيس السابق حسني مبارك، إلى "خراطيم المياه" لتفريق المتظاهرين أثناء أدائهم صلاة العصر فوق الكوبري الذي يتصدر كل طرف منه أسدان، زادت هذه المياه من وقود الغضب في نفوس المتظاهرين؛ لتساهم في تحويل مظاهرة شارك فيها الآلاف إلى ثورة شارك فيها الملايين، وعُرفت باسم ثورة 25 يناير/ كانون الثاني التي تحل ذكراها الثانية اليوم الجمعة.

محمد علاء الدين يروي لمراسل "الأناضول" ذكرياته في هذا الموقف عندما أدى صلاة العصر تحت الضغط القوي لخراطيم المياه الضخمة التي كانت تدفعه وزملائه خطوات للخلف من شدة قوتها، فيثبتون أقدامهم في الأرض، إصرارا منهم على مواجهتها، شاعرين أن كل تراجع يمثل أرض جديدة تخسرها ثورتهم، بحسب قوله.

ويضيف: "استقبل صدري تيار شديد من المياه، لا أدري حتى الآن كيف استطعت تحمله، ولكن ما أتذكره أن الله أعطاني يومها قوة تحمل جعلتني اندفع بعد أن أكملنا الصلاة بصعوبة إلى اختراق الجنود وعربات الأمن المركزي التي وقفت حائلا بيننا وبين ميدان التحرير".

وزاد من إصرار المتظاهرين على التقدم مقتل المتظاهر مصطفى الصاوي على نفس الكوبري بفعل طلقات "الخرطوش" التي يقول المتظاهرون إن الشرطة لجأت إليها بعد أن عجزت خراطيم المياه عن القيام بالمهمة.

محمود إبراهيم يتذكر هذه اللحظة التي اختلطت فيها مشاعر الحزن مع الانتقام، ويقول لمراسل الأناضول: "كنا في توقيت شديد البرودة، ومع ذلك لم نشعر بملابسنا المبللة بسبب خراطيم المياه التي سلطت علينا أثناء الصلاة، وحولنا مشاعر الحزن على وفاة زميلنا مصطفى إلى طاقة للانتقام من العادلي وآلته البوليسية".

ويشير مصطفى الخطيب إلى أن المتظاهرين سعوا بقدر الإمكان لعدم الاحتكاك مع الشرطة في البداية، قائلا: "تحدثت إلى مسئول أمني ليسمح لنا بالمرور دون احتكاك، ولكنه تراجع واندس وسط الجنود وأمرهم بالتقدم نحونا ودفعنا للخلف؛ فأذَّن أحد المتظاهرين لصلاة العصر، واصطفينا لأداء الصلاة، وفوجئنا بالمياه تنهال علينا من الخراطيم، تبعها بعد انتهاء الصلاة قنابل الخرطوش والقنابل المسيلة للدموع".

ورغم توتر المشهد على كوبري قصر النيل يوم "جمعة الغضب "، والذي وصف بأنه من أبرز مشاهد الثورة، إلا أن محمد فتح الله كان من الهدوء والثقة وقتها بحيث أدار حوارا مع تماثيل الأسود المتواجدة على طرف الكوبري.

ويبتسم فتح الله وهو يتذكر هذه اللحظات، وقال لمراسل الأناضول "كنت أشعر أن هذه الأسود (المنصوبة منذ نحو 150 عاما) التي شهدت أياما مزدهرة في تاريخ مصر، كانت تشد من أزرنا وتقول لنا أعيدوا لمصر مجدها وعزها".

ويعد أول كوبري أنشأ في مصر للعبور على النيل، وهو يربط بين مدينتي القاهرة والجيزة، ويتميز بتلك التماثيل الأربعة للأسود المصنوعة من البرونز القابعة عند مدخلي الكوبري.

وتم البدء في إنشائه عام 1869 في عهد الخديوي إسماعيل؛ وقامت شركة فرنسية ببنائه، ليكتمل في منتصف عام 1871 بطول (406 أمتار) وعرض (10,5 متر) منها (2,5 متر) للرصيفين الجانبيين وطريق بعرض (8 أمتار).

وسمى الجسر بكوبري قصر النيل نظرا لأنه كان يوجد قصر كبير على النيل من جهة "ميدان التحرير" يسمى قصر النيل، أنشأه الوالي محمد على لابنته زينب، وعندما تولى ابنه سعيد باشا الحكم قام بهدمه وتحويله لثكنات للجيش احتلها الإنجليز بعد احتلالهم مصر، وبعد جلاءهم تم هدم الثكنات وبناء جامعة الدول العربية وفندق هيلتون.