خبر يوجد حاضر.. يديعوت

الساعة 09:16 ص|25 يناير 2013

بقلم: سيما كدمون

(المضمون: هل سيستطيع نتنياهو ان يحتال على يئير لبيد ويخدعه بسبب عدم خبرته السياسية. من المذنب في النتيجة السيئة التي حصل عليها حزب العمل؟ - المصدر).

1-        أكثر من اللازم

في ليلة الثلاثاء بعد ان عُلمت نتائج الانتخابات، اتصل نفتالي بينيت بيئير لبيد فلم يجده وترك رسالة. بعد ذلك اتصل به لبيد هاتفيا. فأجابه رد صوتي شخصي يقول: سلام، تتحدث أوريت، ماذا نبلغ بينيت؟.

قال لبيد: أبلغيه ان يئير لبيد يفتش عنه.

في أية مسألة؟ سألت أوريت.

اختار لبيد من كل المساء الكبير المؤثر الذي مر به ان يقول ما يلي: العالم كله مثل قِدر فوارة، وتنتظره عند باب بيته وسائل الاعلام في اللحظة التي سيخرج فيها، وبيت سوكولوف مليء بالناس ينتظر ان يأتي الفائز الكبير ليخطب خطبة النصر، وفي مكان هناك تجلس أوريت، وتريد بصوت غير ملون النغمة ان تعلم في أي مسألة يريد لبيد ان يتحدث الى موكلها.

يمكن ان تُعلمنا هذه القصة شيئا عن بطل هذه الانتخابات: فهو شخص سوّي ذو تناسب وفكاهة ذاتية وهو بخلاف ما يميلون الى اعتقاده ذو وعي ويفهم جيدا ما الذي أصبح من نصيبه.

اختار لبيد ان يُتم اللقاء الأخير في الليلة التي سبقت الانتخابات مع شباب الحزب خاصة، وهم مجموعة من بضع عشرات من الرفاق من أبناء العشرين فما فوق كانوا يحرثون دولة اسرائيل من اجله منذ اشهر كثيرة.

جلسوا وتحدثوا مشحونين بشعور بأنه يحدث شيء ما لا تتعرف عليه وسائل الاعلام ومستطلعو الرأي. وأتموا دورة حديث تحدث فيها كل واحد عما تخلى عنه في هذه الاشهر ليعمل في الحملة الانتخابية، فتحدث ناس عن أنهم قطعوا دراستهم في منتصفها أو تركوا أعمالا وعن ان أزواجهم نبذوهم لأنهم لم يكونوا في البيوت.

وفي مرحلة ما قالت واحدة من الشابات في أسى: "لم أزر أمي منذ شهرين". وقال لبيد: "أتقولين؟ في المرة الوحيدة في الشهرين الأخيرين التي مضيت فيها لزيارة أمي ظهرت على بابها مع شيلي وتسيبي".

فاجأته نتائج الانتخابات وهو قلق في الأساس. إن القصة التي اختار ان يرويها عن أبيه - الذي أعطت انتخابات 2003 حزبه 15 نائبا وجسدت له عظم المسؤولية الملقاة على كتفيه – هي قصته ايضا. إنها ذكريات بعد موته، ولبيد هو بمنزلة الشخص الذي حصل على أكثر من اللازم مبكرا جدا.

يوجد الكثير من النواب، والكثير جدا من التوقعات، والكثير من المسؤولية قبل ان يكون مستعدا نفسيا وعمليا لتحمل المسؤولية عن كل ذلك.

ليس عرضا أنه لم يعلن منافسته في رئاسة الوزراء. ولم يرَ نفسه في عمل وزير ايضا. فقد أراد ان يُمضي هذه الولاية عضو كنيست وان يفهم الساحة وان يدرس من ضد لمن.

كل من تحدث اليه في بدء المنافسة رأى أمامه شخصا مصمما على ان يأخذ الامور في الايقاع الصحيح وألا يقفز قفزا وان يتعلم من أخطاء الآخرين وألا يكررها.

وبرغم ان السنة كانت له مدرسة لاتخاذ قرارات وثبات للضغوط، وبرغم ان حملته الانتخابية مع آلاف المتطوعين كانت تجربة جيدة للادارة – فانه لا يشعر بأنه مستعد. وهو لا يسارع الى تبني التوصيات بأن يقبل وزارة الخارجية التي يبدو أنها ملائمة له. وهو يرى ان الحصول على وزارة الداخلية أو الاسكان أنسب لبرنامج العمل السياسي الذي عرضه في المعركة الانتخابية.

ولهذا فان من اعتقد ان لبيد سينقض على الامكان الذي نشأ لأن يرأس كتلة حسم ويهدد نتنياهو بانشاء حكومة بديلة أو أن يطلب في تفاوض مع الليكود بيتنا تناوبا على عمل رئيس الوزراء مقابل تأييده فانه لا يعرف هذا الرجل ببساطة. فلا يوجد أي احتمال لأن يطلب لبيد رئاسة الوزراء لا لسنتين ولا لشهرين حتى لو كانت الظروف مهيأة لذلك.

كما لا يوجد بالضبط أي احتمال لأن يرأس لبيد كتلة تشمل احزابا عربية وتكون حاسمة لنتنياهو، وسيقول عن هذه الامكانية: لنتنياهو 31 نائبا ولي 19 نائبا، والذي حصل على 31 نائبا هو رئيس الوزراء فأنا وقعت على اقتراح تغيير طريقة الحكم التي تطلب ان ينشيء الحزب الأكبر الحكومة، فهل أفعل عكس ذلك؟.

2-        يمرح ويخون

لكن طالبي خير لبيد قلقون، فهم يخشون ان يوقعه عدم تجربته في شرك العسل الذي سيدفنه نتنياهو له. ووصف ناس ذوو خبرة بالجهاز السياسي مروا بمعارك انتخابية ومفاوضات ائتلافية، على مسامعي ما الذي ينتظر لبيد في الايام القريبة.

سيدعوه بيبي الى المنزل في شارع بلفور ويجلس معه على الشرفة ويعرض عليه سيجارا. وسيتبين لنتنياهو، ربما لأول مرة، أن لبيد قد انقطع عن التدخين وهو لا يشرب الخمر ايضا وهما أمران كان يفعلهما ذات مرة بلذة كبيرة وكف عنهما تماما. ولن يعوق هذا نتنياهو عن الابحار في خضم الليل مع ما يسمى "سويت توك" منه. وهذا كلام مراودة يغمر به المراود من يشتهيه. وسيقول انه توجد هنا فرصة لتغيير التاريخ وانهما يستطيعان ان يفعلا معا اشياء رائعة. وانهما سيقلصان معا الضرائب ويُقومان الاعوجاجات في قانون التساوي في العبء ويهتمان بالطبقة الوسطى، وسيهتف الهاتف الاحمر في غرفة العمل ويطلب بيبي المعذرة ويخرج لمحادثته المهمة وبعد ذلك يأتي الكلام السري الذي يُقال فقط لشريك رفيع المستوى، ومشارك في السر.

ويقول اولئك الاشخاص ان لبيد غير ذي تجربة بهذه الامور وسيذوب مثل جليد في الشمس. وحوله مجموعة كاملة من الناس الساذجين ممن لا تجربة لهم. ولم يُجرب أحد منهم من قبل نتنياهو الذي هو بطل العالم في مرح الناس. حتى ان يعقوب بيري الأكثر خبرة بينهم لم يصمد لطراز سلوك نتنياهو وهو يراوده.

حينما يكون محتاجا اليه، كما يشهد شخص يعرف رئيس الوزراء جيدا، يقول لك كل ما تريد أن تسمعه. فهو سيقول للبيد انه يراه أهم شريك له. ويقول ذلك الشخص إنني لا أعجب اذا قال له انه سمى ابنه البكر يئير على اسمه بعد ان قرأ تقاريره الصحفية في "بمحنيه".

توجد ثلاث مراحل في سلوكه مع الناس، يضيف ذلك الشخص: فهو يروي لهم حكايات ويستغلهم ثم يخونهم في نهاية الامر. ويعرف هذا كل من عمل معه، فهذا هو اسلوب عمله: ان يمرح ويستغل ويخون. ومن حسن حظ لبيد ان مستشاره أوري شني الذي سيكون في فريق التفاوض مع الليكود بيتنا قد شاهد كل هذه الافلام من قبل: الشرفة في بلفور والسيجار والهواتف الحمراء وخدع نتنياهو ولا يؤثر هذا فيه ألبتة.

وقد كان هناك ايضا حينما فعل نتنياهو هذا بشارون في 1996. فبعد أن جاء شارون نتنياهو بدافيد ليفي ورفول والحريديين تركه نتنياهو في مزرعته من غير ان يعطيه منصب وزير، ولولا دافيد ليفي الذي أعلن انه لن يدخل الحكومة من غيره لما كان شارون في الحكومة. يتذكر شني هذا جيدا. وهو يعلم بالضبط ايضا ما الذي كان يعتقده شارون في نتنياهو ولن يدعه يمرح لبيد.

وهناك لبيد نفسه: إن الميل الى ان يُرى هشا قابلا للكسر أكثر مما هو حقا، بل خشي رفاقه المقربون حينما أعلن انه متجه الى السياسة فقالوا له: لا يمكن الخروج من هناك بسلام سيسحقونك. لكن لبيد ذو جلد أثخن مما يميلون الى نسبته اليه. وربما بسبب العيش الى جانب والد مهيمن مرت به نوائب غير قليلة ايضا، وربما حينما تكون سنين كثيرة جدا في ضوء عدسات التصوير وتحت انتقادات مشحونة بالحسد وعدم الاطراء تتعلم ان تطور منعة.

يقول الذين حول لبيد ان نتنياهو سيجد في مقابله انسانا أكثر صرامة مما يبدو له.

3-        هل انتصرنا؟

يصعب عليهم حتى في الليكود ان يصدقوا ما تسمعه آذانهم: هل انتصرنا؟ هل أعطى الشعب نتنياهو ثقته؟ أليس لو كان عدد نوابه أقل باثنين لما أصبح رئيس وزراء؟ كيف يمكن اذا تجاوز إذلال كهذا وزعم ان الشعب قال كلمته وانه يريد ان يستمر نتنياهو في كونه رئيس وزراء؟ أي صلف وأي نشوة يجب ان تكون ليُقال مع هذه المعطيات ان الشعب يريد ان يستمر في قيادته. ألم تقل: "رئيس وزراء قوي، فاسرائيل قوية"، ولم يقبل الشعب ذلك.

يقول شخص من الليكود ما الذي يعتقده نتنياهو، هل يعتقد ان الشعب غبي تماما؟ يستطيع ان يصرخ الى الغد قائلا ان الشعب أراده. ربما يكون هذا هو ما حدث في العالم الافتراضي الذي يعيش فيه أما في الواقع فان الشعب قد لطمه على وجهه. ولم يعطه بطاقة صفراء بل بطاقة برتقالية. وأضاع شعرة البطاقة الحمراء.

يحاول بيبي ان يحول فشلا مجلجلا الى نصر، يقولون في الليكود. انه فشل في مستوى الاستراتيجية، وفشل في مستوى الدعاية، وفشل من جهة النشاط الميداني وفشل في يوم الانتخابات. وقد زعم الناس مدة الحملة الانتخابية كلها أن هذا هو ما سيحدث فلم يصغوا اليهم. وكان للبيد آلاف المتطوعين الذين عملوا وفي عيونهم بريق. وكان لليكود ناس عملوا مدفوعا اليهم مع عيون خامدة وعدم رغبة.

في ظهر يوم الثلاثاء حينما بدأت تأتي الاشاعات عن نتائج العينات الاولى وأدرك نتنياهو الاتجاه، خرج الى مقر الليكود يهنيء رؤساء المقر. وزعم ساعر وأردان على مسامعه ان نسب تصويت عالية تكون في مصلحتنا. لا حينما لا تكون في حصوننا، صرخ نتنياهو.

يقولون في الليكود هذه مذلة. وكأننا وقفنا أمام باب فارغ وركلنا كل الكرات الى الخارج. إن الوزراء الذين نبذهم مقر الانتخابات وقت الحملة الانتخابية واضطروا الى الجلوس في البيت يُهيجون الآن رئيس الوزراء على ساعر وأردان. كان نهج الدعاية مغرورا ومستخفا ومُدعيا وهجوميا، يزعمون. متى كان لساعر أصلا زمن ليعمل رئيسا لمقر الانتخابات وهو يرقص ويقضي أوقاته في المطاعم والنوادي. ليس هذا رئيس مقر انتخابات يأخذ حزبا الى حرب. إن نظريات المؤامرة في ذروتها ولم يعد الناس يخجلون أن يزعموا علنا ان ساعر بدأ معركة وراثته وهم يهتمون ان يستمع نتنياهو لهذه النظريات.

ويزعم آخرون انس اعر هو كبش الفداء في حين ان المذنبين الحقيقيين في هذا الفشل ثلاثة وهم نتنياهو وفنكلشتاين وغيل سمسونوف. ويسأل أحدهم ماذا يريدون من جدعون، انهم لم يهتموا لاشراكه في الجلسات السرية التي قام بها نتنياهو وليبرمان مع المستشارين ثم يعجبون بعد ذلك. ماذا توقعوا ان يفعل وقد أقصوه عن الجلسات. كان هو ايضا خائب الأمل.

هناك طائفة من الوزراء لم يُعينهم نتنياهو لأي عمل في هذه الحملة الانتخابية فضجوا. ويبدو أنه يجب عليهم ان يرسلوا اليه أزهارا لأنه لم يجعلهم شركاء في هذه الكارثة.

لكن برغم ان الاتهامات تُلقى في كل اتجاه فان نتنياهو في شرك لأنه اذا قال ان ساعر وأردان فشلا فهذا يعني أنه فشِلَ وفشل الليكود. لم تُستل السيوف بعد. فما زلنا في طور الانكار. جاء نتنياهو في ليلة الانتخابات الى "غنيه هتعروخاه" مع سارة ويئير وأفنير وخليلة يئير واربعة متبرعين امريكيين ساروا وراءه مثل حاشية ملكية. ودخلوا جميعا في ثقة وحماسة وكأن الليكود حصل على 50 نائبا على الأقل. لكن القاعة كانت أشبه بمقبرة من قاعة يحتفل فيها حزب فاز في الانتخابات. وكان هناك الكثير من الاعلاميين ومن رجال الليكود. ولم يدخل النشطاء الذين أنهوا عملهم في أنحاء البلاد هذه المرة الى السيارات وجاءوا الى "غنيه هتعروخاه" للمشاركة في حفل الفوز. ولم يأت أي رئيس مجلس بلدي للاحتفال. وقال واحد من كبار مسؤولي الليكود ما الذي نحتفل به، اذا وجد انتصار آخر كهذا فسنضيع.

وجاء الوزراء في المقابل، مذعورين من آثار النتائج قلقين من نوع الحقائب الوزارية التي سيحصلون عليها اذا حصلوا. وحينما امتلأ الصف الاول أمام المنصة يقول بعضهم في سخرية، جاء أردان وساعر بكرسيين وضعاهما أمام الصف الاول كي يراهما بيبي.

في الليكود جو اضاعة فرصة. وفيه شعور بأنهم كانوا يستطيعون مع سلوك صحيح الاتيان بـ 10 نواب آخرين، واجماع على ان الليكود أجرى حملة انتخابية من أفشل ما كان هنا إن لم تكن الأكثر فشلا. فقد دخل نتنياهو المنافسة منتصرا محققا من غير أي بديل أو تهديد حينما كان يتوقع له 45 نائبا وأنهى مع 31 نائبا وقد أضاع ربع قوته.

كانت تلك كارثة من جهة التنظيم لا أقل من ذلك. فالليكود يملك جهازا ضخما كان يجب فقط استعماله لكن لم ينجح أي شيء، فقد كان هناك ركون وسكون، يقولون في الليكود، ولا يتم الاستعداد على هذا النحو للحرب ولا تُدبر على هذا النحو، ولا يتهم أحد ليبرمان خاصة فهو الوحيد الذي عمل، يقولون هناك. وعلى حسب المعطيات جاء بناسه بأعداد غفيرة. لقد قام بما يجب عليه.

4-        شقاق تاريخي

سيُكتب أمر نتنياهو مع الصهيونية المتدينة يوما في كتب التاريخ تحت عنوان "الشقاق". ويُتحدَث فيها عن انه كيف أحرق نتنياهو كأفضل تراثه علاقاته بالقبعات المنسوجة وحول تأييدهم بدل ان يكون من البيت اليهودي لليكود الى حزب لبيد مباشرة.

وسيُروى هناك كيف انشأ نتنياهو بيديه حزب يوجد مستقبل ليكون الحزب الثاني في كبره وضاءل كتلة اليمين وجعل نفسه أسيرا للبيد.

يصعب عليهم في البيت اليهودي ان يغفروا لنتنياهو الحملة التي دبرها عليهم. ويقولون هناك: ما فعله بنا ليس قبيحا فقط بل هو غبي ايضا. وهم يتطرقون الى حملة يغئال عمير مع الفيلم الرسمي لليكود بيتنا عن تأييد القاتل لحزب البيت اليهودي. أو حملة رفض بينيت وحملة الغيتو وصورة كشفهم عن قائمة بينيت المتطرفة لابعاد المصوتين عنه فقط. وكان ما حدث آخر الامر ان استقرت آراء المصوتين المحتملين على عدم التصويت للبيت اليهودي لكنهم لم يعودوا الى الليكود بل انتقلوا الى يئير لبيد. وهذا ما سبب الطوفان الكبير نحو لبيد في الايام الاخيرة وانخفاض عدد نواب البيت اليهودي.

ويقولون في البيت اليهودي ان نتنياهو قضى على جميع العواطف الايجابية التي كانت لجمهورنا نحوه. فقد وقفنا في 1996 في مفترقات الطرق من اجله. وبكينا معه في 1999. واحتفلنا بفوزه في 2009. وغفرنا له اتفاق الخليل. وها هو ذا يثور علينا ويجعل جمهورنا دنِساً. وهذا هو تفسير تحطم الليكود في كل بلدة متدينة وفي كل كيبوتس متدين، كل ذلك بسبب معاملته لنا. كان يمكن ان يكون له اليوم كتلة فيها 67 نائبا، لكن بسبب كراهيته لنا وحربه لنا نجح في ان ينقل نوابا من كتلة اليمين الى كتلة الوسط، وينشيء تعلقا مطلقا بلبيد ومطالبه وشقاقا تاريخيا مع أصحاب القبعات المنسوجة.

ليس مؤكدا ان بينيت آسف لأن قائمته قد قُطعت عند النائب 12. فبعد شولي معلم التي يبدو أنها ستدخل الكنيست، تتحول قائمة البيت اليهودي لتصبح هاذية واشكالية وكانت ستواجهه صعاب كثيرة لصيانتها. وكانت خطته – والحديث عن خطط منظمة عند بينيت – تقوم على 12 نائبا وعلى كتلة حزبية وثيقة البنيان مطيعة.

انهم في البيت اليهودي على يقين من ان نتنياهو الذي كان زعيم اليمين الى الآن قد توج بسلوكه واعماله بينيت زعيما لليمين. وانه سيتم التعبير عن شعور أصحاب القبعات المنسوجة بالاهانة في المستقبل. وقال لي شخص ما: هذه قضية حاسمة. فالذي حدث بين أصحاب القبعات المنسوجة والليكود يشبه تحركا تكتونيا بين قارة واخرى. كان يوجد حلف بين المتدينين والليكود سنين طويلة ويسأل الآن متدينون كثيرون جدا لماذا يجب ان نكون في يد الليكود.

لكن ينبغي ألا نُبلبل فكل هذا لن يعوق البيت اليهودي عن الانضمام الى الائتلاف الذي سينشئه نتنياهو.

ان رئيس البيت اليهودي شخص عملي وليس من الصدفة انه نجح في ان يجذب اليه هذا العدد من الناس الشباب. لم يكن حتى ظهر أمس حينما كتبت هذه السطور قد تلقى مكالمة هاتفية من رئيس الوزراء. وقدّرت جهات سياسية أمس انه لم تتم الموافقة حتى الآن على اجراء مكالمة هاتفية كهذه. وحينما يُسألون ممن الموافقة تجيب هذه الجهات: موافقة من سارة، فلم تستوعب هي ايضا الى الآن كما يبدو نتائج الانتخابات.

لكن بينيت عنده صبر وهو مستريح الآن على أوراق غار انتصاره. مرت به في الشهرين الاخيرين امور تمر بآخرين غيره في عشر سنوات، فقد استولى على المفدال ووحده مع الاتحاد الوطني، وأثار اهتماما كبيرا من الجمهور العلماني الشاب، وهو جمهور من كان يصدق ان يُبدي اهتماما بحزب متدين. وقد قضى الليلة التي سبقت الانتخابات في حانة في تل ابيب واستُقبل بحماسة هناك ولولا الحملة الدعائية الليكودية لبلغ عدد نواب البيت اليهودي 14 نائبا وربما أكثر.

يقول بينيت: أرى الائتلاف الثلاثي مع الليكود ولبيد فرصة تاريخية لحل المشكلات الكبيرة وهي غلاء المعيشة والتساوي في العبء، ومن الخسارة تضييع ذلك فهذا هو الائتلاف الوحيد لا غير، فائتلاف الليكود بيتنا مع لفني وكديما سينشيء وضعا غير ممكن لليبرمان واعضاء الكنيست اليمينيين في الليكود. وائتلاف لبيد وشاس والليكود غير ممكن بسبب لبيد فهو لا يستطيع ان يفسر لجمهوره جلوسه مع شاس. وسيكون نتنياهو آخر الامر محتاجا الى البيت اليهودي، فقد نصبح اذا اطارا ثانيا في هذا الائتلاف لكنه اطار ضروري.

يود بينيت لبيد. ان التعارف بينهما سطحي. فقد أتم بينيت معه جولة في يهودا والسامرة وغزة حينما كان لبيد ما يزال صحفيا. وهو يصدقه ويعتقد ان لبيد ليس عنده تظاهر الساسة. وخطابه ليس خطاب كراهية، كما يقول، انه يريد تغيير الامور حقا.

وحينما اسأله كيف يوفق بين رأيه ومطلب لبيد بدء تفاوض سياسي، يقول بينيت انه لا مشكلة له مع ذلك فليأتوا باتفاق السلام هذا وسنتحدث. وهو لا يرى هذا خطا احمر. فقد قلنا هذا في الحملة الانتخابية ايضا فأجندتنا تدور على شؤون داخلية وفي هذا الشأن فان مواقفنا ومواقف لبيد متلائمة بـ 80 في المائة على الأقل.

يقول بينيت سيتبين للناس أننا نعرف كيف نناضل من اجل المشكلات الداخلية كما نعرف كيف نناضل عن ارض اسرائيل.

5-        الخط الحاسم

يعبر عضو الكنيست ايتان كابل عن خيبة أمل حزب العمل من نتائج الانتخابات بجملة واحدة: كانت شيلي يحيموفيتش هي الأمل وكانت المشكلة ايضا.

ويقول كابل في البدء قال الناس انهم سيصوتون لحزب العمل من اجل شيلي. وقالوا في النهاية انهم لن يصوتوا لحزب العمل من اجلها.

لكن كابل يتحلل من امكانية ان تكون راية التمرد قد رُفعت، ويزعم انه لم يقل ذلك وان كل ما فعله هو التعبير عن خيبة أمل من النتيجة وهي خيبة كبيرة وبخاصة حينما نتذكر الوعد الذي كان هناك. لم أقل انه ينبغي عزل رئيسة الحزب ولم أقل أي شيء، فليس كل انتقاد هو استلالا لسكاكين فورا لكن ألمي كبير. أنا أرى في المكان الـ 16 داني عتار الذي لم يدخل وقد عملت من اجله كما عملت من اجلي أنا.

يُعبر كابل عن مشاعر اعضاء الكتلة الحزبية بعد الانتخابات بيوم وليس هو الوحيد. ان العداوة الشخصية والطبقية في النخب التي أحاطت بحزب العمل، ليحيموفيتش لم يسبق لها مثيل، قال مسؤول سابق في الحزب هذا الاسبوع. وقد وقع على اعلان تأييدها الجنرال (احتياط) عميرام لفين فقط. فأين كل اعضاء "مجلس السلام والامن" الذين يؤيدون دائما؟ وأين الساسة من بايجا شوحط الى شلومو بن عامي؟.

وهذا فقط الزبد فوق الماء. لم تنجح شيلي في أسر القلوب من جهة شعورية ولم تنجح في ان تقنع بأن رسالتها الاقتصادية الاجتماعية قابلة للتحقيق وان الرسالة السياسية تثير اهتمامها أصلا.

يقول ذلك المسؤول الكبير السابق: استطيع ان أقتبس لك ما قاله مسؤول كبير آخر في حزب العمل يناسب نظرتنا جميعا اليها، فقد قال: لا اؤيدها بسبب ما تقوله وبسبب ما لا تقوله.

ويقول ان ناسا كانوا يصوتون كل حياتهم لحزب العمل قد صوتوا لميرتس. فقد وجدوا هناك خلاصة ما كانه حزب العمل ذات مرة من الجهتين الاجتماعية والسياسية، فهو حزب متسق غير متعوج ولا منافق. بل تحدث عوزي برعام هذا الاسبوع في الراديو عن ان زوجته قد صوتت لميرتس.

طلبت الى ذلك المسؤول القديم ان يحاول ان يُبين ما الذي لم ينجح، أفليس الحديث عن امرأة أعادت بناء حزب العمل وقادت وراءها آلافا من المشجعين الشباب وأظهرت زعامة ونشاطا غير عاديين وهي عضو برلمان ممتازة. فما الذي يعوزها؟.

يقول ان شيئا فيها لا يدخل القلوب، شيئا يبدو منغلقا غير مفتوح. فالشأن الشخصي اشكالي حتى لو تركنا الشأن الطبقي كله. قالت عضو كنيست جديدة بقيت في ظهورها في البلاد عداوة شخصية ليحيموفيتش من جهة واسئلة متحدية مثل: لماذا هي غير مستعدة لفعل شيء ما لمواجهة ظاهرة اللجان الكبيرة.

يقول ذلك الشخص لا يعني هذا ان يحيموفيتش حطمت حزب العمل فليس هذا فشلا كفشل لفني حينما لم يدخل أي عضو كنيست من كديما ما عدا مئير شتريت. لكن بالنسبة للنواب الذين حصل عليهم حزب العمل فان هذا خط حاسم. أصبح الجميع يقولون فجأة: لم يُشركونا في الحملة الانتخابية، وكانت تلك عبادة شخصية ليحيموفيتش وهو فشلها.

لكن يحيموفيتش لا يجب ان تكون قلقة فلا يوجد الآن من يرفع راية التمرد. فعمير بيرتس الذي كان يُضيق عليها حتى يخرج روحها ليس هناك، وهرتسوغ رسمي جدا وكابل لا ينوي ان يجمع معارضة حوله. وما زال يوجد 14 شهرا الى ان تتم المنافسة في رئاسة حزب العمل وهذا يمنحها وقتا. وتتصرف يحيموفيتش وكأنها لا تنوي الانضمام الى ائتلاف نتنياهو. والسؤال ماذا سيحدث اذا تخلى نتنياهو عن الحريديين وأراد ان يضم حزب العمل. سينشيء هذا وضعا جديدا. وسيحث مسؤولون كبار مثل فؤاد وهرتسوغ على الدخول وسيريد الشباب البقاء في الخارج فهم مبنيون للمعارضة مثل يحيموفيتش نفسها تماما.