خبر إسرائيل ليست يمينية -هآرتس

الساعة 08:57 ص|24 يناير 2013

بقلم: آري شبيط

        (المضمون: يستطيع بنيامين نتنياهو ويئير لبيد كل واحد بما يتميز به اذا تركا الاختلافات الشخصية وتساميا فوق ذلك ان يُشكلا فريقا لا بأس به لقيادة الدولة - المصدر).

        إن نتائج الانتخابات هي قبل كل شيء نتائج شخصية لأن أحد المرشحين (بنيامين نتنياهو) فشل فشلا ذريعا، ولأن مرشحا آخر (يئير لبيد) فاز فوزا لامعا. وسيضطر الاثنان الآن الى العمل معا وتشكيل حكومة. نجح الليكود بيتنا في ان يهزم نفسه بواسطة يوجد مستقبل وجعل حكمه الذي لا منازع فيه تاريخا.

        إن نشوة المستوطنين والقوميين بالقوة نفرّت الجمهور منهم ومكّنت نجم تلفاز بلا تجربة حكومية من ان ينقل 4 نواب حاسمين أو 5 من كتلة اليمين الى كتلة الوسط. وهكذا وعلى نحو لم يتوقعه أحد نشأ ما يشبه التعادل بين الكتلتين وانقضت ملكية الملك بيبي القصيرة. يبدو ان نتنياهو سيفوز بولاية ثالثة لرئاسة الوزراء لكنه لن يحكم الدولة لأن حياته لن تكون حياة من الجهة السياسية (في الداخل والخارج).

        إن نتائج الانتخابات هي ايضا نتائج بنيوية: فهي تعيد اسرائيل الى الوسط. أدرك اريئيل شارون قبل عشر سنوات ان منجم الذهب السياسي موجود في وسط الخريطة السياسية ولهذا نقل الليكود في 2003 الى الوسط وانشأ كديما في 2005 وأصبح ملك اسرائيل. وأدرك نتنياهو ايضا ان الحظ موجود في الوسط لكنه رفض ان يعمل بحسب ادراكه. لم يقم في 2010 بعمل سياسي ذي شأن ولم يتبنَ في 2011 الاحتجاج في رضا وتسليم وفي 2012 أضاع فرصة ذهبية لحكومة وحدة مع شاؤول موفاز. وفضل نتنياهو بدل المخاطرة التي يشتمل عليها السير الى النور ان يبقى في الظلام مع الحريديين والمستوطنين الذين جازوه بأن استغلوه وسرقوا حزبه.

        وهكذا فان الرجل الذي لم يسر الى الوسط عن اختيار وقوة سيُجر الآن مُرغما الى الوسط. لكن الدرس سيتم تعلمه. وسيتذكر نتنياهو نفسه وورثته في قيادة الليكود جيدا ان اليمين المتطرف هو الذي أسقطهم في 1992، وأسقطهم في 1999 وحطمهم في 2013. وقد انتهت هذا الاسبوع الرحلة الحمقاء لليمين الى يمين اليمين وبدأت رحلة اليمين الجديدة الى الوسط.

        لكن لنتائج الانتخابات فوق كل شيء معنى هوية لأن عنوانها الحاد هو عنوان من ثلاث كلمات وهو: اسرائيل ليست يمينية. فقد ثبت هذا الاسبوع ان اسرائيل، بخلاف الانطباع الذي نشأ في البلاد وفي العالم ايضا، ليست مسيحانية وليست عنصرية وليست معادية للديمقراطية وليس وجهها وجه موشيه فايغلين.

        بخلاف الشعور الذي ساد هنا في المدة الاخيرة، ليس كل شيء مظلما ولا ضائعا في هذه البلاد بل يوجد أمل. صحيح ان التمرد الهاديء الذي حدث أول أمس في صناديق الاقتراع هو تمرد مجنون شيئا ما ايضا، فما كان يجب ان يواجه الوسط الجديد ناخبيه على هذا النحو، وما كان يجب ان تبدو قائمة لبيد على هذا النحو. ولوحظت في المعركة الانتخابية نفسها وفي صور التصويت ايضا الجهل والسطحية لعصر الرياليتي. ومع كل ذلك فان التمرد هو تمرد واعد لاسرائيل السليمة العقل على اسرائيل الهاذية. والتمرد هو تمرد مدهش لاسرائيل المستنيرة على اسرائيل الظلامية. ويتبين الآن ان الاسرائيليين الجدد في 2013 هم صهاينة عامون جدد يقولون: دعونا نحيا، دعونا نحيا في هذه البلاد.

        إن الكرة الآن في يدي نتنياهو ولبيد. ويُكمل هذان الاثنان بمعنى ما بعضهما بعضا، فلنتنياهو فهم تاريخي، وللبيد عقل سليم؛ ولنتنياهو تجربة، وللبيد توجه ايجابي الى الحياة؛ ولنتنياهو قدرات سياسية واقتصادية، وللبيد قدرات شعورية وانسانية. فاذا تسامى كلاهما على أنفسهما وكفا جماح غريزتيهما وبنيا ثقة متبادلة فسيستطيعان ان يكونا فريقا قائدا غير سيء.

        إن الأمل الحذر المفاجيء الذي دسه مواطنو اسرائيل أول أمس في صناديق الاقتراع الزرقاء هو أمل لا يجوز ادارة الظهر له. وفرصة نتنياهو الأخيرة هي الفرصة الاولى للبيد والفرصة الكبرى لنا جميعا.