خبر زيـادة المشـاركـة العربيـة بالانتخابات الاسرائيلية .. وترجيـح حكومـة يمـين وسـط

الساعة 07:01 ص|24 يناير 2013

حلمي موسى


بإعلان النتائج شبه النهائية للانتخابات الإسرائيلية تراجعت فرص تشكيل حكومة يمين ضيقة، وتعززت فرص تشكيل حكومة يمين ـ وسط. ومن غير الواضح بعد طبيعة وتركيبة حكومة اليمين - وسط الجديدة، برغم تأكيد مكوّنها الأساسي المتمثل بقائمتي «الليكود بيتنا» بزعامة بنيامين نتنياهو و«هناك مستقبل» بزعامة يائير لبيد. وخلافاً لأوهام حزبي العمل و«حركة» تسيبي ليفني بإمكانية تشكيل كتلة مانعة تحول دون تشكيل نتنياهو لائتلاف حكومي، أعلن لبيد أنه لا يقبل المشاركة في كتلة مانعة مع الأحزاب العربية.
وبحسب النتائج شبه النهائية للانتخابات، وهو التعبير الدال على عدم إنهاء إحصاء صناديق الاقتراع الخاصة بالجيش والمستشفيات والسجون والبحارة، فإن هناك تعادلاً بين معسكري اليمين والوسط. ومن المقرر أن تنتهي اليوم عملية إحصاء هذه البطاقات لتبدأ عملية التحديد النهائي لأحجام الأحزاب وفق اتفاقيات الفائض الانتخابي المبرمة بينها من ناحية، وتوزيع حوالي ربع مليون صوت هي حصة الأحزاب التي لم تفلح في اجتياز نسبة الحسم. وتشير المعطيات إلى أن تعديلاً بواقع مقعد أو اثنين يمكن أن يطرأ على حصة أي من المعسكرين مع ترجيح أن يكون التعديل لمصلحة معسكر اليمين.
وأياً يكن الحال فإن الكثير كُتب وسيُكتب عن قراءة نتائج الانتخابات ومعناها. ويذهب كثيرون إلى أن الإسرائيليين ضجروا في السنوات الأربع الأخيرة من هيمنة نتنياهو على الحياة السياسية ولكونه «الحاكم» الوحيد. واعتبروا أن التصويت لقائمة «هناك مستقبل» بهذا الشكل المفاجئ يعني الرغبة في خلق شريك يفرض نفسه على نتنياهو من دون أن يحدث ذلك انقلاباً. وليس صدفة أن قسماً كبيراً من الأصوات التي ذهبت للبيد وحزبه جاءت أساساً من الهامش الواقع بينه وبين الليكود. إذ ظن البعض أن تحالف الليكود مع «إسرائيل بيتنا» بزعامة أفيغدور ليبرمان يمهد الطريق لفرض الفاشية في إسرائيل، فاعتبروا لبيد الأقرب عقلانية إلى اليمين.
والواضح أن لبيد لم يخيّب آمال ناخبيه من اليمين، فأعلن أنه يفهم رسالة الجمهور، ولذلك يرى أن الحديث عن كتلة مانعة تحرم نتنياهو من فرصة تشكيل حكومة مستقرة حديث واهم ولا يستند إلى أساس. وشدد على أنه لا يقبل أن يكون عضواً في كتلة مانعة تكون عضو الكنيست عن «التجمع الوطني الديموقراطي» حنين الزعبي شريكاً فيها.
وبالنظر إلى مواقف لبيد السياسية يمكن
القول إنه ليس بعيداً عن مواقف اليمين المعتدل وهو في ذلك لا يختلف كثيراً عن مواقف والده السياسي والإعلامي السابق تومي لبيد. كما نسف لبيد فكرة بعض الأوساط، خصوصاً في حزبي العمل و«حركة» ليفني بالتوافق من أجل تشكيل كتلة ضاغطة على نتنياهو.
وكانت زعيمة حزب العمل شيلي يحيموفيتش وزعيمة «الحركة» تسيبي ليفني قد اتصلتا هاتفياً بلبيد وعرضتا عليه تشكيل نوع من ائتلاف الوسط للتأثير أكثر في شكل وتركيبة الحكومة المقبلة. وكما يبدو فإن الغزل بين نتنياهو ولبيد أقرب وأنجع من الغزل بين لبيد وأحزاب الوسط. وهذا خلق انطباعاً بأن لبيد، الذي غدا بيضة القبان في الحلبة السياسية، هو من سيقرر فعلياً طبيعة الحكومة المقبلة. فقد تراجعت بشكل حاد فرصة تشكيل ائتلاف يميني ضيق وبقيت النافذة الوحيدة أمام هذه الفرصة معدلة بانضمام «كديما» بزعامة شاؤول موفاز والتي نالت عضوين في الكنيست، إلى الليكود أو إلى الائتلاف الحكومي. وهذا الاحتمال يخلق ائتلافاً يمينياً ضيقاً يستند إلى 63 مقعداً عبر «شراء» صوتين من المعسكر المقابل.
ومع ذلك من المرجح أن يعلن «الليكود بيتنا» أنه ينوي إنشاء ائتلاف واسع يضم أكبر عدد ممكن من الأحزاب الصهيونية، ولكن بعد اتضاح الأجندة التي يتطلع إليها يائير لبيد. وهكذا، إذا كانت أجندة الأخير سياسية فإنه سوف يميل إلى التراخي في السعي لتحقيق مبدأ «المساواة في الأعباء» والتي تجعله في صدام مع الحريديم، أي مع «شاس» و«يهدوت هتوراه». فالحريديم أقل تشدداً في كل ما يتعلق بقضايا التسوية من اليمين الديني القومي.
وإذا كانت أجندة لبيد داخلية فإنه سيسير على نهج والده في السعي لائتلاف لا يضم الحريديم ويستند إلى «الليكود بيتنا» و«هناك مستقبل» و«البيت اليهودي» وربما «كديما» أو «حركة» تسيبي ليفني. والسيناريو الأخير يمكنه أن يشكل ائتلافاً من 70 عضواً لا يهمهم فعلياً الشأن السياسي ويرون أن تعديل النظام السياسي وحل قضية تجنيد الحريديم هما الأساس.
ومن الجائز أن الليكود يميل إلى هذا السيناريو لأنه يُبعده عن التورط في قضايا التسوية السياسية بالرغم من أن ثمن ذلك قد يكون تحركاً سياسياً يترأسه لبيد نفسه، كوزير للخارجية. ومع ذلك من البديهي أن السيناريوهات ليست مغلقة أو أنها معدومة. فهناك احتمالات الاتفاق حتى مع الأحزاب الحريدية على تشكيل ائتلاف لا يكون تجنيد الحريديم فيه المشكلة الأساسية. وينظر عدد من قادة الليكود لذلك معتبرين أن التفاهم مع الحريديم في هذا الشأن أفضل من الصدام معهم. ويشير آخرون إلى أن ما يريده نتنياهو هو ائتلاف يسمح بالمواجهة مع إيران، ويحل أيضاً أزمة عدم المساواة في تحمل الأعباء.
وفي كل حال فاجأت القوائم العربية الحلبة السياسية الإسرائيلية بأمرين، الأول هو ازدياد نسبة مشاركة العرب في الانتخابات بحوالي أربعة في المئة عن الانتخابات السابقة (53 في المئة)، والثاني بزيادة تمثيل هذه القوائم في الكنيست. ونالت القوائم العربية حوالي 80 في المئة من أصوات الوسط العربي وهي أعلى نسبة تنالها هذه القوائم حتى الآن. ولاحظ البعض أن هذه الزيادة تعني توقف المنحى الذي ثبت في السنوات الأخيرة، وهو ابتعاد العرب عن المشاركة في الحياة السياسية. ولاحظ آخرون أن هذه كانت المرة الأولى التي تدعو فيها الجامعة العربية المواطــــنين العرب في الدولة العبرية إلى المشاركة في الانتخابات، ما عنى اعتراف الدول العربية بـ«إسرائيليتهم» وتقبّلها.
وبحسب النتائج الشبه النهائية، حصل تحالف «الليكود بيتنا» على 31 مقعداً، مقابل 11 أو 12 مقعداً لـ«البيت اليهودي»، و11 لحركة «شاس»، وسبعة مقاعد لـ«يهودية التوراة الموحدة»، فيما لم يفز حزب «عوتسما لإسرائيل» بأي مقعد. أما على صعيد اليسار والوسط، فاز حزب العمل بـ15 مقعداً، مقابل 19 لـ«هناك مستقبل» برئاسة لبيد، بالإضافة إلى ستة مقاعد لحزب «الحركة»، وستة لحركة «ميرتس»، ومقعدين لـ«كديما».
وفي ما يتعلق بالأحزاب الفلسطينية، حصلت «القائمة الموحدة ـ العربية للتغيير» على خمسة مقاعد، وثلاث مقاعد لـ«التجمع الوطني الديموقراطي»، وأربعة لـ«الجبهة الديموقراطية للسلام والمساواة».