تحقيق الخيانة الإلكترونية..أحاديث « عارية » تفتك بالمجتمع

الساعة 04:28 م|23 يناير 2013

وكالات

ضغطة زر واحدة بدأ في مشاهدتها.. تحايل عليها عدة مرات لتحقيق تلك الرغبة.. ساعات وأيام قضاها في الحديث العاري معها فيما تغط زوجته في نوم عميق.. ممارسات كاملة جرت بين العشيقين على الإنترنت انتهت بـ "الخيانة الإلكترونية".

لم تبحث الزوجة "ن.س" كثيرًا حتى تعلم ما يدور في غرفة زوجها المكتبية التي يضع فيها جهاز الحاسوب.. شاهدته يجلس أمامه لفترات طويلة مما أدخل الشك في قلبها فراقبته حتى اكتشفت "خيانته".. انتهت العلاقة بالطلاق رغم أنّ الأحاديث الإلكترونية مع عشيقته لم يتبعها لقاء جسدي.

لم تكن تلك المرة الأولى التي تكتشف فيها "ن.س" أنّ زوجها يتحدث مع نساء أخريات.. قامت بعمل بريد إلكتروني افتراضي على أنها "فتاة ليل" فوجدت منه ما لم تكن تتوقع فاضطرت لمواجهته، فاعترف وقرر عدم العودة إلى ما كان عليه حتى فوجئت هذه المرة بامرأة أخرى اقتحمت بيت الزوجية تعرف عليها من خلال "الشات"، بعدها طلبت الطلاق.

جنين مُشوّه

وعلى الرغم من الإيجابيات الكثيرة التي ولدتها الطفرة الالكترونية في عالم الإنترنت إلاّ أنّ هذه الطفرة أنجبت جنينًا مشوهًا وهو "الخيانة الإلكترونية" التي تنتشر هذه الأيام كالنار في الهشيم، وتفتك بتماسك الكثير من الأسر والعائلات.

نحاول من خلال هذا التحقيق الإجابة عن بعض الأسئلة.. ماذا حدث للعلاقات الزوجية والأسرية في ظل وجود أدوات التكنولوجيا العصرية؟، هل زاد التقاء رب الأسرة والاندماج العائلي؟ أم زالت فرص الحوار بين الزوج وزوجته، وانعدم التفاهم بين الأب وابنه، وفتر العلاقة بين الرجل وامرأته؟

ويستنكر الكثيرون من أبناء المجتمع الفلسطيني الحديث في مصطلح "الخيانة الإلكترونية" مُدّعين عدم انتشاره إلاّ أنّ كثيرين منهم ومنهن يمارسونه في الخفاء.

إدمان متزايد

واكتشفت "ت.ف" حديثًا أنّ زوجها مدمن على موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك"، كما لاحظت بعد زواجها منه بـ5 أعوام أنّ معاملته لها تغيرت في حين ازداد اهتمامه بالإنترنت إلى حد غير معقول.

الزوج الثلاثيني يقضي ليله ونهاره أمام شاشة (اللاب توب)، فيما لا تعلم الزوجة كيفية استخدام الحاسوب كي تتمكن من الاطمئنان على أفعال زوجها وعلاقته بالحاسوب "الضرة الجديدة" كما تقول.

اتفقت "ت.ف" مع إحدى قريباتها على إنشاء حساب "فيس بوك" وهمي وإضافة زوجها كفتاة تريد التعرف إليه.. بدأت بمراسلته وعلمت أنّ أغلب قائمة أصدقائه من الإناث، كما تحدث إليها بكلام جميل رغبةّ منه في التعرف والتودد إليها.

صُدمت الزوجة بعدما نقلت قريبتها حديث زوجها إليها بعد عدة لقاءات أوهمته فيها بالشعور بالراحة والأمان تجاهه، فحدد موعد للقائها، فيما كان موعد ذلك اللقاء الوهمي "يوم انتهاء الثقة بين الزوجين".. إلا أنّ تعهدات زوجها بإلغاء حساب "فيس بوك" وخوفها على مستقبل أبناءها منعها من طلب الطلاق.

وتتميز الخيانة الإلكترونية -على عكس ما يتصور الكثيرون- بنفس الأفكار والمشاعر التي تصاحب الخيانة الحقيقية، ففيها السرية والخيال والإثارة، وفيها أيضًا الإنكار والتبرير، ولها نفس القدرة المدمرة على العلاقة بين الزوجين بما تحمله من آلام وفقد للثقة.

أستاذ الصحة النفسية بالجامعة الإسلامية د. جميل الطهراوي أوضح أنّ من يقع في تلك الخيانة لديه خواء عاطفي ونقص في الإيمان، "فهو رأى أن ذلك أنسب الطرق لإشباع رغبته".

وتكمن خطورة الخيانة التكنولوجية –وفق الخبير النفسي- في أنّها تدخل حياة الشريكين دون استئذان، وتستهدف الغريزة والعواطف دون العقل وتفتك بالأسر والمجتمعات.

ولا يجد الطهراوي حلاً لذلك الإدمان الإلكتروني المُحرّم سوى التربية الإيمانية السليمة على أساس من التقوى، والصمود أمام كل العوائق التي تهدد العلاقة الزوجية بين الشريكين.

أثره وحكمه

ويؤكد رئيس لجنة الإفتاء في الجامعة الإسلامية بغزة د. ماهر السوسي أنّ تلك الخيانة أدت لنزاعات كثيرة بين الأزواج، "وهي منتشرة في جميع دول العالم بلا استثناء".

ويوضح أنّ هذا النوع الجديد من الخيانة كان سببًا في تفكك العديد من الأسر الفلسطينية، كما سببت حالات طلاق كثيرة وأضرار ومخاطر في المجتمع.

وعن الحكم الشرعي لتلك الخيانة، أكدّ أنّه "لا يجوز لأي إنسان أن يُقيم علاقة مع أنثى لا تربطه بها علاقة شرعية سواء كانت وسيلة التواصل مباشرة أو عبر الشات والمراسلة أو الهاتف المحمول".

والتقنيات الحديثة لا تزال تقدّم لبعض الناس طرقًا وأساليب لممارسة بعض الأخطاء السلوكية والشرعية والاجتماعية، بل والاقتصادية أيضًا عن طريق الاختلاسات والسرقات الإلكترونية.

ويأخذ التطور الإلكتروني المستمر منحىً خطيرًا في فلسطين، مُحطمًّا بذلك علاقات الأزواج نتيجة هذا الطارئ الثقيل الجديد الذي يُسمى بـ"التكنولوجيا العصرية".

ويدفع في كثير من الأحيان، تلك العلاقات غير الشرعية عبر الإنترنت إلى عمليات ابتزاز من قبل الشبان للفتيات بغرض دفع أموال أو تحقيق شهوة، فيما يسهل الاستمرار في تلك الأعمال وقوع البعض في وحل العمالة.