خبر يوجد مستقبل لنتنياهو- هآرتس

الساعة 10:49 ص|23 يناير 2013

 

بقلم: يوسي فيرتر

لم يفز بنيامين نتنياهو قط في انتخابات بكثرة كبيرة وبكثرة سهلة على صورة ما كان لشارون أو رابين أو باراك. فقد كانت انتصاراته دائما على حد الشعرة واكتُسبت بالدم والعرق والدموع. هذا ما كان في 1996 حينما تغلب على شمعون بيرس بنصف الدرجة المئوية وهو ما كان ايضا في 2009 حينما خسر الليكود برئاسته لكديما بنائب واحد. ولم يُكسر هذا التقليد أمس ايضا فقد هُزمت قائمة الليكود بيتنا برئاسته هزيمة شديدة لاذعة. وتلقى هو شخصيا لطمة مجلجلة من مصوتي اليمين. فقد خسرت القائمة الحزبية على حسب النتائج الحقيقية شبه النهائية 11 نائبا من قوتها المشتركة في الكنيست الماضية. وخسرت كتلة اليمين الذي هو زعيمها غير المعترض عليه 5 نواب. سيحافظ على مقعده لكن في ظروف أصعب وفي بيئة ائتلافية أقل إطراءا وفي حزب سيطغى شعوره بالمرارة رويدا رويدا. وهناك شيء آخر وهو انه يصعب ان نصدق ان تختار مجلة "تايم" الامريكية ان تسميه مرة اخرى في الزمان القريب "الملك بيبي". فقد ولد لنا أمس ملك جديد هو الملك يئير الثاني.

إن فوز لبيد هو فوز السياسة العصرية، سياسة الشبكة وسياسة برامج الرياليتي. ولا شك في ان الحديث عن شاب لطيف طموح الى الخير. لكن تجربته تتلخص في تقديم برامج ترفيه وأخبار وكتابة سيناريوهات وعمود صحفي لاذع عن الحياة. وقد يجد نفسه بعد نحو من شهر في غرفة المجلس الوزاري المصغر مطلعا على مواد استخبارية وأمنية لم يخطر بباله قط أنها موجودة. وفشل شخص مثل شاؤول موفاز كان رئيس الاركان ووزير الدفاع في الماضي، وهو الوحيد في الجهاز السياسي الذي يلائمه لقب سيد الأمن، فشل بحسب العينات في جهوده لاجتياز نسبة الحسم. وجاء لبيد في 12 شهرا فقط بـ 19 نائبا (ويمكن ان نقول شيئا مشابها في نفتالي بينيت رئيس البيت اليهودي).

سيتم الفحص عن ظاهرة لبيد وستُطحن طويلا في الايام القريبة. والذي يمكن ان نقوله في هذه المرحلة هو ان جميع استطلاعات الرأي الجدية في الاسبوعين الاخيرين لاحظت زيادة قوته. فقد كان يجمع نائبا ثم نائبين في كل اسبوع. وفي استطلاعات الرأي الاخيرة التي نشرت في يوم الجمعة كان يقف عند 12 – 13 نائبا. وكان واضحا لكل من يفهم شيئا ما في استطلاعات الرأي العام ان لبيد سيظل يرتفع، والسؤال فقط بأي معدل. وقد أُعطي الجواب عن هذا السؤال أمس فكان: بمعدل سريع جدا. فقد جذب اليه كل الحائرين بينه وبين حزب العمل، وبينه وبين لفني، وبينه وبين نفتالي بينيت، وقد كان تصويت احتجاج من جهة لكن أكثر المصوتين له يتوقعون منه ان يدخل الحكومة، من الجهة الاخرى.

إن الصورة السياسية التي برزت أمس حادة كالسكين: لا توجد حكومة معقولة وسليمة يستطيع ان يرأسها نتنياهو من غير ان تصبح منبوذة في العالم، بلا "يوجد مستقبل". ويستطيع نتنياهو على الورق ان ينشيء حكومة يمين – حريديين لكنه يعلم ان هذا سيكون اشارة الى بدء نهاية حياته العملية. ومع وجود هذا الوضع فقد أصبح لبيد منذ اليوم أهم لاعب في الجهاز السياسي. ولما كان لا يرى نفسه مرشحا لرئاسة الوزراء – ويصعب ايضا ان نتخيل نظاما برلمانيا ينجح فيه بأن ينشيء حكومة – فان أمامه امكانين: أن يصبح رئيس المعارضة في الكنيست الـ 19، أو ان يصبح أكبر الوزراء وأكثرهم تأثيرا في حكومة نتنياهو الثالثة، فاذا اختار لبيد هذا البديل الثاني وأحسن السلوك بغير غرور وصلف فانه يستطيع في الحقيقة ان يحقق شعار حزبه وان يغيره.

في صورة النواب الحالية يوجد لنتنياهو وللبيد ولنفتالي بينيت رئيس البيت اليهودي أكثرية في الكنيست تبلغ 61 مقعدا (قبل النتائج الحقيقية النهائية). ويمكن ان يأتي هذا التشكيل لاسرائيل بالرزمة التي تحتاج اليها احتياجا يائسا ألا وهي تغيير طريقة الانتخابات والحكم؛ وقانون جدي لتجنيد الحريديين؛ وميزانية ضابطة مسؤولة. أو باختصار – إن جميع وعود لبيد الانتخابية موضوعة الآن على راحة يده وهو يستطيع ان يحققها جميعا.

يصعب ان نصدق لكن المعطى المشترك بين العينات الثلاث التي أُذيعت أمس – 31 نائبا لليكود بيتنا – استخرج تنفس الصعداء من رؤساء الحزب الحاكم المنتوف. وقد كانوا يُقدرون في خلال النهار ان قوة القائمة الحزبية قد انخفضت الى ما دون الثلاثين، وان كتلة الوسط – اليسار ستنجح في تشكيل أكثرية حاسمة.

وفي الساعة الثانية عشرة ظهرا بعد فتح صناديق الاقتراع بخمس ساعات تقرر ما يسمى في اللغة المهنية "حملة انتخابات "جعفلد"، وهي حملة التخويف والتظاهر بمظهر الضحية: فقد أعلن رئيس مقر الانتخابات الوزير جدعون ساعر لوسائل الاعلام انه قلق من نسب تصويت عالية في "حصون اليسار". وتابع هذا النهج بعده مسؤولون كبار آخرون في الليكود وفي مقدمتهم نتنياهو نفسه الذي حذر الأمة في المساء من ان "سلطة الليكود في خطر". وفي المقابل أسهمت تسيبي لفني وشيلي يحيموفيتش هما ايضا في شعور الطواريء بين مصوتي الليكود حينما أعلنتا تكرارا وجود رائحة انقلاب في الجو، وهكذا تحول الاتجاه في ساعات التصويت الاخيرة فارتفع الليكود بيتنا الذي كان يقف بحسب العينات على 28 – 29 نائبا الى الـ 30 فما فوقها فوقف عند 31.

الاحزاب الصغيرة منعت انقلابا

هناك اربع ملاحظات اخرى: 1- فعلت رئيسة ميرتس زهافا غلئون ما لا يُصدق فقد ضاعفت قوة حزبها. فقد أدارت حملة انتخابية ذكية قالت ببساطة انه يوجد حزب يسار واحد فقط يفخر بكونه كذلك، فمن فضلكم أيها اليساريون الأعزاء هلمَّ الى بيتكم. ومن الصحيح الى الآن ان ميرتس والحركة للفني متساويتان لكل واحدة 6 نواب. وهذا بالنسبة لميرتس انتقام حلو بصورة مميزة: ففي انتخابات 2009 قضمت لفني في حملتها "إما تسيبي وإما بيبي" نائبين من ميرتس وتركتها مع ثلاثة نواب بائسين في الكنيست الماضية، وقد صُفي الحساب الآن بين هاتين الكتلتين الحزبيتين.

2- سيحصل حزب العمل برئاسة شيلي يحيموفيتش كما يبدو على 15 نائبا مبتعدا عن الـ 22 نائبا الذين كانوا له عند بدء المعركة الانتخابية وقبل دخول لفني الى الملعب. لكن لفني لا تتحمل وحدها تبعة هذه النتيجة بل حملة يحيموفيتش الانتخابية ايضا التي لم تكن مثيرة للحماسة ولم تحدد برنامج عمل ولم تتحدَ المصوتين ولم تُثر حماستهم.

3- منع النواب الضائعون في احزاب الوسط – اليسار التي لم تجتز نسبة الحسم وطُرحت اصواتهم في القمامة – ارض جديدة وعاليه يروك والخضر – انقلابا في الكتل الحزبية، وكل كلمة اخرى لا داعي لها.

4- يبدو ان الحريديين في هذا الوقت – شاس ويهدوت هتوراة – بعيدون جدا عن الحكومة القادمة إلا اذا اختار نتنياهو انشاء حكومة يمين – حريديين وهو ما لا يبدو معقولا. لكن الامر قد يكون على عكس ذلك تماما لأن حكومة علمانية مدنية بلا حريديين يمكنها ان تُنعشه من سقوطه الانتخابي. ان الشعب يطلب حكومة مدنية بلا شاس ورفيقتها الاشكنازية.

ربما يكون نتنياهو مع كل ذلك ملكا بخلاف ما كتبناه آنفا.