خبر الملك يئير- هآرتس

الساعة 10:45 ص|23 يناير 2013

بقلم: جدعون ليفي

إن انسانا غير سياسي على نحو سافر هو الفائز الأكبر في أكثر الانتخابات غير سياسية على نحو سافر عرفتها اسرائيل. فقد انتقل صاحب عمود صحفي ومقدم برامج تلفاز سابق لم يكد يكتب أو يتحدث في السياسة من قبل لا في أعمدته الصحفية العائلية ولا في برامجه التلفزيونية، انتقل في طرفة عين الى السياسة التي لم يُكثر الحديث فيها عن السياسة ايضا. وقد قالت اسرائيل له أمس: نعم. نعم للشاب؛ ونعم للجديد؛ ونعم لغير السياسي.

مُسح لبيد ليكون أمير التاج الثاني في أهميته بعد الملك بيبي الذي تبين أمس انه ليس أكثر من ملك عار تقريبا. فلولا الاتحاد مع اسرائيل بيتنا لشككنا في ان يستطيع الليكود ان يكون الحزب الأكبر. إن معركة انتخابات جوفاء ولّدت نتيجة انتخابات لا تقل غثاثة: فهي شيء من كل شيء وهي كثير من لا شيء.

قالت اسرائيل أمس مرة اخرى: التعادل. التعادل بين اليمين واليسار، اذا كان يمكن أن نسميهما هذا الاسم أصلا في اسرائيل. وقد غذّت اسطورة نفتالي بينيت على نحو غير قليل. إن البيت اليهودي الذي يساوي شاس في كبره لا أقل ولا أكثر ليس هو ما اعتقدناه ولا ما خفنا منه. قالت نعم مترددة جدا وكادت تقول لا لأمل شيلي يحيموفيتش في ان تصبح بديلا حقيقيا. حتى إن العمل برئاستها لم يُنتخب ليكون ثاني أكبر حزب، ويا له من عار. انتهى ادعاء مُعيدة بناء الحزب الكبيرة التي ظنت ان تعتمد على احتجاج الصيف وعلى جموع من الشباب – الشيوخ المطيعين المنضبطين الذين ملأوا صفوفها ولم يأتوها بأصوات كثيرة. إن حيلة يحيموفيتش الفظيعة التي أرادت ان تخفي الاحتلال تحت الغطاء لم تنفعها كثيرا.

وفي مقابل ذلك قالت اسرائيل نعم لحزب مستقيم النهج مثل ميرتس الذي ضاعف قوته في خطوة تثير الاحترام. وقالت لا ايضا لشظايا الاحزاب التي لم تجتز نسبة الحسم. وكانت الأنباء الطيبة أن حزب "قوة لاسرائيل" العنصري ما زال في الخارج. أما الأنباء السيئة فهي أن "ارض جديدة" صاحب الدسائس ما زال في الخارج.

لكن اسرائيل فوق كل شيء قالت أمس بوضوح وحزم ما تريده: فهي تريد لا شيء، وأن يتركوها في هدوء فقط. إنها تريد حياة هادئة طيبة، وبرجوازية وادعة، ولتذهب الى الجحيم مواجهة كل المشكلات الصعبة. ولبيد هو تجسيد كل ذلك فهو أكبر نموذج مُحتذى به للحلم الاسرائيلي العام. فهو يبدو بمظهر جيد وهو يلبس بصورة جيدة ويتكلم بصورة جيدة وهو متزوج بصورة جيدة ويسافر في سيارة الجيب الصحيحة ويسكن في الحي الصحيح ولا يقول شيئا. وهو غير متطرف لا سمح الله، فلسنا نحن كذلك، وهو لا يمد يده الى النار لا سمح الله، فنحن لسنا كذلك، وهو يُبعد يده عن كل شأن مختلف فيه كما يريد الاسرائيليون بالضبط.

وحتى حينما خرجوا الى الشوارع في ذلك الصيف الرائع من 2011 الذي لوحظت بقاياه أمس تبين ان احتجاجهم بعد ذلك احتجاج شلومو آرتسي وإيال غولان. ومن يشبههم مثل لبيد، فهو ينشدون في الميدان الأناشيد التي نحبها جميعا ونتغنى بها جميعا من غير غضب مقدس ومن غير هدف واضح. "دعونا نحيا في هذه البلاد"، كان هذا هو شعار الانتخابات للصهاينة العامين في سنة 1951. وقد قال أمس جزء كبير من الاسرائيليين: دعونا نحيا في هذه البلاد. دعونا نحيا من غير عرب ومن غير حريديين، ومن غير حروب ومن غير قصف، ومن غير العالم ومواعظه. والحديث هنا عن مذهب شكّي كما كانت الحال آنذاك – وقد قالت اسرائيل أمس نعم للمذهب الشكّي.

أصبحت للبيد أمس قوة نشك في انه كان يحلم باحرازها ونشك في ان يعرف ما يفعل بها. يصعب ان نفترض ان يعلم الآن كيف يصب فيها مضمونا حقيقيا لكن قد لا يكون الامر متأخرا جدا لفقدان الأمل. إن الذي غير تدبيراته في خلال هذه المعركة الانتخابية عرف كيف ينزع عنه شيئا ما حُلة المامي الوطنية وتحرر من جزء كبير من لفتات عطفه اللاصقة من التلفاز وأعمدة صحافة الثلاجة، والتزم بالجدية ونضج قليلا وقد يكبر الآن مع المنصب الذي فُرض عليه. وربما مع مجيء القوة يأتي القول والمواجهة ايضا في نهاية الامر.

إن فجر يوم قديم يُسفر هذا الصباح في اسرائيل، انه فجر يوم تريد فيه اسرائيل ان يتركوها في هدوء مع كل عُطلها الاستجمامية وسيارات الجيب: أعطوها فقط لبيد والهدوء، الهدوء الفظيع لا شفا الهاوية.