خبر حينما تُدبر الديمقراطية في مقام طرف واحد- هآرتس

الساعة 09:14 ص|22 يناير 2013

بقلم: يوسي سريد

        (المضمون: لم تعد اسرائيل منذ زمن ديمقراطية مشاركة ولا ديمقراطية استيعاب واحتواء بل أصبحت ديمقراطية تمييز - المصدر).

        سافرت في نهاية الاسبوع لأشارك في مهرجان الشعر السنوي في سديه بوكير؛ أما زلتم تتحدثون عن الشعر. اجتمعنا في الكنيس المحلي وتحدثنا حاسري الرؤوس مكشوفي الآراء فيما كان يُتلى في ذلك الاسبوع من الكتاب المقدس عن انه كيف "قسّى الله قلب فرعون". كان الملك فرعون ايضا "زعيما قويا" لـ "دولة قوية"، ولذلك أصابت شعبه ضربات فظيعة. هل قصد الرئيس براك اوباما الى هذا بتنبؤه القاسي عن اسرائيل بقيادة "الملك بيبي"؟ وها هنا يتناولون كلامه إذ قال "لن تبقى اسرائيل" – وكأن فأرة زمجرت. حينما يريد التاريخ ان يعاقب بلدانا وشعوبا يولي عليهم رئيسا بلا رأس يُصر على السير بعكس مسار التاريخ.

        في طريقي الى الجنوب قرأت في صحف السبت، وكانت مليئة من الانتخابات، وفي المقابل كانت الشوارع خالية وهنا وهناك عُلقت لافتات كغسيل للتجفيف، لكن الريح لم تضربها. أين شمعون بيرس القديم الذي يُرمى بالبندورة وماذا يحدث للبندورة التي ترتفع أسعارها ارتفاعا كبيرا.

        لمن كانت المعركة الانتخابية التي كانت: إن المؤيدين لم يخرجوا عن أطوارهم لكثرة التأييد، والمعارضين لم يتحمسوا للمعارضة في الحقيقة. فلا يوجد ما يُغضب بقدر كاف ولا يوجد شيء يثير الحماسة حقا. فهل كانت هذه معركة فوق ماء هاديء؟ لا، بل كانت على ماء ساكن.

        جرى مرشحون نشطاء من نهاية هذه الارض الى نهايتها لكن الجمهور لم يخرج لاستقبالهم، وها هي ذي المنصات مُعدة وهنا النشطاء والعاملون بالأجرة فأين الناس؟ كانت هذه معركة انتخابات بلا ناخبين. واذا لم يأت الناخبون الى الميدان فسيأتي المنتَخَبون الى المشارِب.

        لا تُحدثونا بأحاديث عن استمرار السياسة القديمة بوسائل جديدة، في الشبكة الاجتماعية. لم تكن وسائل الاتصال التوجيهية قط هنا مفتوحة قريبة المتناول للأفراد والمجموعات كما هي اليوم، لكن لم تكن البوليس الاسرائيلية قط أبعد بهذا القدر عن أثينا. وليس هذا إلا لكثرة عدم المبالاة وهو خطوة صغيرة فقط قبل اليأس.

        اليوم وبرغم ذلك سنتجه الى صناديق الاقتراع – وماذا تطلبين منا بعد أيتها الديمقراطية الصورية – وبهذا تنتهي مشاركتنا لهذه المرة. إن مقام الاقتراع وحده هو الذي يُخلصنا من المقعد الوثير، فاسرائيل لم تعد منذ زمن ديمقراطية مشاركة بل هي ديمقراطية شلل وليست ديمقراطية مستوعبة بل مميِّزة. إن يوما واحدا متساويا لكل مقترع في اربع سنوات ظلم لا يدل على المساواة.

        في البحث عن الناخبين نزل المنتخَبون الى مكان منخفض: فلم يكن جدل في العقائد والآراء بل كان هناك شجار تحرشي ليس فيه تحدٍ. وفيمَ كانت هذه الانتخابات المضاعة الحامضة: انه لا توجد صلة بين اليوم التالي واليوم السابق، والدعاية في جهة والواقع في جهة اخرى. بل ان شروط الانضمام الى الائتلاف بقيت غامضة وليس هذا بالصدفة. ولن يطيب الأمر للناخب في الغد حينما يجد صوته بعيدا عن منطقته الانتخابية.

        ومن الذي هبط الى أخفض مكان؟ انه الأعلى: ليقل لنا رئيس وزرائنا من الذين نصحوه وسنقول له من هو، فقد اختير من بين سبعة من أصحاب المليارات فوق البسيطة اثنان لاسداء النُصح: دونالد ترامب لأن نتنياهو يود أصحاب الاموال الكبار؛ وتشاك نوريس وهو ممثل ذو عضلات في أفلام حركة لأن هذا هو حلم بيبي، أي ان يؤدي دور ممثل حركة ذي عضلات منفوخة، لا ان يؤدي دورا على الخصوص. وكان من المناسب لمعركة 2013 ان تُختتم برسمين كاريكاتوريين.

        تلقيت مكالمة هاتفية قبل بضع سنوات. وكان على الخط صديق من المانيا قال هل أنت مستعد يا يوسي لأن تأتي الى هنا اسبوعا للمشاركة في معركتنا الانتخابية؟ سنسافر معا الى ثلاث مدن كبيرة أو أربع، وسنقف في كل حرم جامعي على الطريق وستظهر أنت ايضا وتتحدث قبلي أو بعدي فهذا قد يساعدني. وعجبت للحظة لأنه من السهل أن نصف ماذا كان سيحدث في اسرائيل لو ان سياسيا اجنبيا شارك هنا في معركة انتخابات، وأية فضيحة كانت ستنشأ: أتدخل من الخارج في شؤوننا الداخلية ومن الماني ايضا.

        كان الذي اتصل هو يوشكا فيشر الذي كان في الماضي وزير خارجية وكان زعيم الخضر وصديقا لاسرائيل ظل يحثني الى ان استجبت له برغم ترددي. وقد احتشد عشرات الآلاف هناك في كل اجتماع ولم يكن من السهل على يهودي اسرائيلي مثلي ان يسمع هتافهم في مكبرات صوت التاريخ وأصداء صوته تنتقل في ميادين الخفوت. لكنني لم أستطع ألا أحسدهم على المشاركة الجماعية والاستعداد للحضور والتأييد. وفي المانيا خاصة يفهمون اليوم بصورة أفضل ما يحدث حينما يتخلون عن الاعلان العام وحينما تتم الديمقراطية في مقام طرف معتدٍ واحد يستعملها استعمالا سيئا، وحينما يتم تطيير الاشتراكيون والليبراليون كالأوراق الجافة في الميدان الوطني. وأي غول قد تلده ديمقراطية غير مبالية وآخذة في الفساد.