تحليل الانتخابات الإسرائيلية.. فوز متوقع لليمين المتطرف يقود لعزلة دولية

الساعة 05:49 م|21 يناير 2013

وكالات_الاناضول

اليمين المتطرف هو التيار القادم بقوة ليسيطر على الساحة السياسية الإسرائيلية عقب انتخابات الكنيست (البرلمان الإسرائيلي) المقررة غدا، بحسب ما ذكره محللون استطلعت الأناضول آراءهم حول نتائج الانتخابات القادمة بتل أبيب وتداعياتها المحتملة على الساحتين العربية والدولية.

 

وتركزت تعليقات المحللين على السيناريوهات السياسية المستقبلية على ضوء فوز جناح اليمين المتطرف، على صعيد العلاقات الإسرائيلية بفلسطين والعرب وتركيا والولايات المتحدة، مروراً بما سيطرأ على عملية السلام بمنطقة الشرق الأوسط.

 

النائب العربي في الكنيست الإسرائيلي ورئيس "الكتلة الموحدة والعربية للتغيير"، أحمد الطيبي، يجزم، وفقاً لرؤيته، بأن الراسم القادم للسياسة الإسرائيلية هو ذاته رئيس الوزراء الحالي "بنيامين نتنياهو" ويقول في حديثه لمراسلة الأناضول إن "هناك إمكانيتين لتركيبة الائتلاف الحكومي الإسرائيلي المقبل، الأولى: أن تكون يمينية خالصة، والثانية: يمينة مع لفيف من أحزاب أخرى، وفي كل فإن نتنياهو هو الذي سيرسم سياسة هذه الحكومة".

 

الصورة تبدو قاتمة كما يراها النائب الطيبي فهو لا يعتقد أن هناك أي "تغيير متوقع في السياسات الإسرائيلية بالمقارنة مع الماضي"، حيث يصف الأفق السياسي بالمغلق قائلا إن "الأفق السياسي مغلق والتوتر في المنطقة سيبقى سيد الموقف".

 

وكما يرى الطيبي فإن تحالف نتنياهو مع حزب "إسرائيل بيتنا" (يميني) بزعامة وزير الخارجية المستقيل أفيجدور ليبرمان، هو "إشارة إلى أين ستكون وجهته السياسية لاسيما أنه يتحالف مع أكثر الأحزاب تطرفاً في إسرائيل، مضيفا أن هذا التحالف إلى جانب تحالف آخر مع حزب "البيت اليهودي" (يميني) بزعامة نفتالي بينت، "يعتبر بمثابة خطوات تجميلية لوجه يميني متطرف قبيح ".

 

وحول مستقبل المفاوضات وعملية السلام مع الفلسطينيين، يقول الطيبي إنه "لن تكون هناك مفاوضات جادة مع بنيامين نتنياهو"، ويعتبر أن "نتنياهو معني فقط بمفاوضات من أجل الصور وتضييع الوقت"، والحل لذلك كما يقدمه النائب العربي هو "ضرورة وجود ضغوط دولية من قبل أمريكا والاتحاد الأوروبي اللذين يجب أن يغيرا من طريقة تعاملهما مع الملف الفلسطيني الإسرائيلي"، لافتا إلى أن "أسلوب المفاوضات الفلسطينية- الاسرائيلية وجهاً لوجه وبنفس الطريقة في الـ 17 عاماً الماضية أثبت فشله". 

 

أما على مستوى العلاقات العربية الإسرائيلية، فالنائب العربي بالكنيست يعتقد أن "انتخاب اليمين سيزيد من التوتر في المنطقة".

 

وفيما يتعلق بالصورة القادمة في مشهد العلاقات التركية الإسرائيلية، فالأمر متوقف على "مدى تقبل إسرائيل للمطالب والشروط التركية خاصة بعد الجرائم التي ارتكبتها الأولى بحق سفينة مرمرة عام 2010"، بحسب ما يقول الطيبي الذي يبين أن "ليبرمان هو الذي منع نتنياهو من تقديم الاعتذار لتركيا وهذا يدل على ضعف نتنياهو وسطوة ليبرمان في الحكومة السابقة، والسؤال هنا ما الذي سيسلكه نتنياهو في هذا المجال بعد الانتخابات، فأنا أعتقد أنه قد يغير من طريقه وقد يفضل تقليص الهوة بينه وبين تركيا وهنا يجب عليه الاعتذار بعد جريمة مرمرة" .

 

ويعلق النائب الطيبي على مستقبل العلاقات الإسرائيلية الأمريكية، قائلاً إن "هناك توتر شديد بين الرئيس الأمريكي باراك أوباما ونتنياهو، ولكن هذا لا يقول بأن هناك توترا بين أمريكا واسرائيل، فأمريكا هي الداعم الاقوى سياساً وأمنياً لإسرائيل في المحافل الدولية، والعلاقات الشخصية هي مشكلة فقط بين أوباما ونتنياهو، والسؤال هنا هل هذا التوتر سينعكس على طريقة تعامل البيت الابيض مع الحكومة الإسرائيلية القادمة، ننتظر لنرى". 

 

ويتفق أشرف العجرمي، وزير الأسرى الفلسطيني السابق والمتخصص في الشؤون الإسرائيلية، مع الرؤية السابقة للمشهد السياسي الإسرائيلي، حيث يقول للأناضول إن "الخارطة ستبقى كما هي من حيث وجود أغلبية للجناح اليميني في الساحة الحزبية الإسرائيلية خاصة مع وجود تحالفات بين نتنياهو وحزبه الليكود (يمين وسط) مع اتجاهات أكثر يمينية في الساحة الحزبية الإسرائيلية كحزب إسرائيل بيتنا"

 

وبالتالي كما يعتقد العجرمي فإن "نتنياهو هو من سيكون رئيس الحكومة القادم وسيواصل نفس السياسة سواء في ما يتعلق بالمناخ الفلسطيني أو بالملفات الأخرى في العلاقة مع الدول العربية والعلاقة مع تركيا من جهة،  وأي علاقة تربط اسرائيل مع المستويات الإقليمية والدولية من جهة أخرى".

 

ووفقاً لتوقعات العجرمي التي بناها على نتائج لاستطلاعات الرأي، فإن "معسكر اليمين سيحصل على ما نسبته 63 إلى 65 % من أصوات الناخبين أي ما نسبته أكثر من 50% من مقاعد البرلمان الإسرائيلي".

 

ويتوقع العجرمي أن "إسرائيل على أعتاب عزلة سياسية على المستوى الإقليمي والدولي"، ويلفت إلى التقارير الصحفية التي تتحدث عن مبادرة أوروبية صاغتها فرنسا وبريطانيا وبدعم من ألمانيا لإطلاق عملية "مفاوضات إسرائيلية فلسطينية" على أساس حدود 1967، ويشير إلى أنه "من الواضح أن نتنياهو ضمن التركيبة الحزبية الحالية والقادمة لن يكون مستعداً للتجاوب مع عملية سياسية واتجاه دولي كهذا وبالتالي من المتوقع أن يكون هناك رد فعل دولي وعزلة أكبر، كون إسرائيل ستنكشف بأنها دولة لا تريد على الاطلاق الذهاب نحو عملية سياسية جادة أو أي تسريع لإنهاء صراعها مع العرب أو الفلسطينيين".

 

ولدعم العزلة على إسرائيل يقترح المتخصص في الشؤون الإسرائيلية، أن "يُقدم الفلسطينيون على إنجاز مصالحة وطنية وعلى وجه السرعة أولاً، ومن ثم توحيد السلطة الفلسطينية ومؤسساتها القيادية على مختلف مستوياتها، ووضع استراتيجية مقاومة جديدة تستند على الدعم الدولي، والعزلة الإسرائيلية المتوقعة، للتوجه نحو محاكمة إسرائيل والتضييق عليها في كل المؤسسات الدولية كمحكمة الجنايات الدولية حتى تشعر أنه كلما طال الاحتلال كلما كان الثمن الذي ستدفعه أكبر".

 

أما عملية السلام في ظل الحكومة الإسرائيلية القادمة، فالأمر كما يراه العجرمي متوقف على " مدى الدفع الدولي الحقيقي لعملية السلام"، ويضيف أنه "دون هذا الدعم لن تتقدم العملية خطوة إلى الأمام، وإسرائيل كما أُجبرت في مؤتمر مدريد على الذهاب نحو عملية مفاوضات  يجب أن تُجبر الآن بضغط دولي أمريكي أوروبي للذهاب نحو عملية مفاوضات على حدود 1967".

 

وعلى صعيد العلاقة التركية الإسرائيلية ومدى تحقيق انفراجه في العلاقات، يقول العجرمي إن هذا "مرهون بالموقف الإسرائيلي من العلاقة مع تركيا على اعتبار أن تركيا لديها مطالب، وإسرائيل تشعر الآن أنها بحاجة إلى علاقات مع الدول الإسلامية كتركيا، خصوصاً في ظل الدور التركي في سوريا، وعلاقات تركيا مع  مصر ودول الربيع العربي، وبالتالي فإسرائيل بحاجة إلى تركيا في هذه المرحلة، وفي نفس الوقت لا أدري كيف ستنتهج الحكومة الاسرائيلية سياستها تجاه تركيا".

 

من جانبها قالت أميرة أورون، المتحدثة باسم الخارجية الإسرائيلية، في اتصال هاتفي مع مراسلة الأناضول الأناضول، إن "السياسة الخارجية لتل أبيب ستستمر هي نفسها في الاهتمام الكبير الذي توليه سواء لمنطقة الشرق الأوسط من جهة او للعلاقات مع تركيا من جهة أخرى".

 

وأشارت إلى الأهمية الكبرى التي توليها إسرائيل للعلاقات مع تركيا، باعتبارها "دولة مهمة في المنطقة، ومفتاحا مهما للاستقرار في منطقة الشرق الأوسط"، على حد قولها.

 وأضافت: "كما عبرنا في الماضي، فنحن نريد أن يتغير الجو الذي يسود العلاقات الإسرائيلية التركية، ونتمنى  أن تعود العلاقات الثنائية من جديد بعد الانتخابات الإسرائيلية المقرر اجراؤها يوم غدٍ الثلاثاء.

 وفي ردها على مدى قبول تل أبيب للمطالب والشروط التركية لعودة العلاقات الثنائية، قالت أورون: "نحن مستمرون في محاولة إرسال الرسائل الإيجابية لتركيا، ونحتاج أن نفهم بالضبط تفاصيل الاعتذار الذي تطلبه تركيا".

 وأوضحت: "على الرغم من أني لا أتولى الملف التركي في الخارجية الإسرائيلية إلا أنني أستطيع القول بأن هناك نقاشًا مستمرًا داخل الإدارة الإسرائيلية، وهناك محاولات لمناقشة هذا الأمر مع الجانب التركي وجهات أخرى في المجتمع الدولي، لنفهم بالضبط كيف نتمكن من إزالة هذه العقبة".

 ورأت المتحدثة باسم الخارجية الإسرائيلية أن عودة العلاقات التركية الإسرائيلية "بحاجة إلى تنازلات من كلا الجانبين، وأن يكون هناك تفاهم متبادل لأهمية العلاقات الثنائية من أجل المنطقة".

ودعت أورون إلى ضرورة بذل كافة الجهود من أجل تحقيق انفراجة في العلاقات مع تركيا، قائلة: "على الرغم من عدم توقعي لماهية الحكومة الإسرائيلية القادمة عقب هذه الانتخابات إلا أنني مقتنعة أن أهمية تركيا كدولة أمر معروف داخل كافة الأجهزة الإسرائيلية، وعليه يجب أن يؤخذ هذا الأمر بعين الاعتبار".

وتوترت العلاقات التركية الإسرائيلية جراء الهجوم البحري الإسرائيلي على سفينة مرمرة الزرقاء التي كانت متوجهة لقطاع غزة في مايو/أيار 2010، ومطلب تركيا من إسرائيل الاعتذار عن الحادثة والتعويض عن مقتل نشطاء أتراك كانوا على متن السفينة، وازدادت حدة التوتر بعد أن انتهكت طائرة إسرائيلية أجواء قبرص الشمالية التركية في 14 مايو/أيار الماضي.

أما على صعيد الملف الفلسطيني، فدعت أورون، المسؤولين الفلسطينيين وعلى رأسهم رئيس الدولة الفلسطينية محمود عباس إلى العودة لطاولة المفاوضات، قائلة إن "الملف الفلسطيني له أهمية كبيرة في سياستنا الخارجية، وحكومتنا تبذل الجهد من أجل ازالة كل العقبات التي تواجهها في هذا الملف".

 وتعتبر المتحدثة باسم الخارجية الإسرائيلية أن فشل المفاوضات بين الجانبين الفلسطيني والاسرائيلي يرجع إلى "وقوف الإدارة الأمريكية إلى جانب المطالب الفلسطينية"، وتضيف أنه "بسبب اهتمام الأمريكيين بما هو بجانب الفلسطينيين لا نرى تقدماً، ولذلك أتمنى على الرئيس عباس أن يتفهم مطالب الإسرائيليين وأن يعود لطاولة المفاوضات من جديد".

 وتابعت قائلة إن "رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو عبر عن رأيه قبل أربع سنوات بحل الدولتين للشعبين الفلسطيني والاسرائيلي، ولذلك يجب على الفلسطينيين أن يعززوا هذه الإرادة داخل القيادة والجمهور الإسرائيلي، وأن يزيلوا كافة الشروط المسبقة التي يقدموها" بحسب تعبيرها. 

في المقابل يصر الطرف الفلسطيني على إنهاء الاستيطان لاستئناف المفاوضات، ويرى أن أي مبادرات لا تلزم حكومة الاحتلال بوقف الاستيطان واطلاق سراح المعتقلين الفلسطينيين، وخاصة المعتقلين قبل اتفاق أوسلو، لن توفر أرضية لإطلاق مفاوضات جادة، ويعتبر المفاوضون الفلسطينيون أن تلك ليست شروطا بل هي التزامات على حكومة تل أبيب تنفيذها، وأن الاستيطان فعل غير شرعي وباطل على أي أرض فلسطينية في حدود '1967' بموجب القانون الدولي والإرادة الفلسطينية.

ومن المقرر أن يتوجه الناخبون الإسرائيليون يوم غد الثلاثاء إلى صناديق الاقتراع لاختيار أعضاء الكنيست الـ120، بعد قرارٍ أصدره "الكنيست" في تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، بإجراء انتخاباتٍ مبكرة.

وأظهرت استطلاعات الرأي العام، تفضيل الناخبين الإسرائيليين لـ"بنيامين نتنياهو" رئيس الوزراء الحالي، وزعيم ائتلاف "ليكود بيتنا" اليميني المتطرف، الذي يتحالف مع وزير الخارجية المستقيل على خلفية قضايا فساد "أفيغدور ليبرمان".

يذكر أن من المتوقع محافظة اليمين الإسرائيلي على تقدمه في الكنيست، والذي بدأ منذ انتخابات عام 2009، بعد تقدمه على اليساريين، الذين كانوا يستحوذون على 70 مقعداً في انتخابات 2006.

والكنيست الذي يعني اسمه بالعبرية "المجمع" هو البرلمان الإسرائيلي، المسؤول عن التشريع ومراقبة الحكومة، ويضم 120 عضوًا.

وبحسب نظام السلطة الإسرائيلية البرلماني، تتم الانتخابات العامة للكنيست فقط، حيث ينتخب أعضاء الكنيست رئيسًا للحكومة من بينهم، ويقرون تعيين جميع الوزراء.

وبحسب القانون الإسرائيلي تنعقد انتخابات الكنيست في الخريف بعد مرور أربع سنوات من الانتخابات السابقة، ولكن يمكن للكنيست حل نفسه وإعلان انتخابات مبكرة بقرار يدعمه 61 من أعضائه (أغلبية النصف +1).