خبر الجيدات في السعودية الى البرلمان -هآرتس

الساعة 09:16 ص|21 يناير 2013

بقلم: تسفي بارئيل

        (المضمون: يبدو أن الملك السعودي يحاول تهدئة المجالات موضع الخلاف، مثل حقوق المرأة، ظلم الاقلية الشيعية والفقيرة، والتي من شأنها أن تشتعل من جديد مع موته، فتجترف المملكة هو الربيع العربي الذي حاولت التهرب منه بنجاح بصعوبة - المصدر).

        هل هؤلاء الابطال الذين حققوا كل هذه الانجازات العلمية هم استثناءات؟ هل هم مثلنا بشر؟ كيف يمكنني أن أكون مثلهم؟ أبي درج في حينه على أن يجيبني: بمعونة التعليم يمكن لكل انسان ان يحقق طموحاته وأن يخلد اسمه في صفحات التاريخ". د. حياة سليمان سندي أخذت بنصيحة ابيها بجدية مطلقة. بعد أن أنهت دراستها الثانوية في مدينة مكة في السعودية انتقلت الى كينغز كولدج في بريطانيا. وأنهت دراستها بامتياز وواصلت دراسة الدكتوراة في العلوم الطبيعية، والتي حصلت فيها ايضا على علامة فائقة على بحث حديث في مجال اجهزة القياس الالكترومغناطيسية.

        وسار اسمها امامها في العالم كله بفضل اكتشافاتها: في 2009 اختارتها منظمة العلوم "بوبتيك" واحدة من خمس عشرة امرأة ستغير العالم وفي مقابلة مع صحيفة "لها" السعودية (صحيفة نسائية تعود الى صحيفة الحياة الدولية) روت بانها دعيت حتى عدة مرات للانضمام الى باحثي معهد وايزمن في اسرائيل ولكنها رفضت "لانني فهمت الخطر الذي في التطبيع العلمي".

        الى سيرة حياتها المليئة بالجوائز العلمية سيضاف هذا الاسبوع لقب آخر غير مسبوق في المملكة السعودية. فقد اختار الملك عبدالله سندي لتكون واحدة من 30 امرأة ستكن من الان فصاعدا اعضاء في مجلس الشورى السعودي، الهيئة شبه البرلمانية التي عينها الملك والتي كانت كلها من الرجال. شبه البرلمان هو تعبير مدح لمؤسسة بعيدة جدا عن النموذج الغربي، المصري او التونسي للمؤسسة التي يفترض أن تمثل سيادة الشعب.

        هذه المؤسسة تشكلت في 1927 من قبل الملك عبدالعزيز ولا يحق لها تشريع القوانين، تنحية الوزراء او مراقبة أعمال الاسرة المالكة. وتأثيرها الاساسي هو في اقتراح القوانين وفحص التقارير التي ترفعها اليها الوزارات المختلفة، وهذا الى جانب التأثير غير الرسمي الذي يستهدف تغذية الملك ومسشاريه المقربين للمعلومات عما يجري في الاقاليم المختلفة في الدولة والتي تتمثل في المجلس الاستشاري.

        ومع ان الحديث يدور عن مؤسسة رمزية، فان المرسوم الملكي، الذي بموجبه تشكل النساء نحو 20 في المائة من اصل 150 عضوا في المجلس، هو قرار تاريخي شجاع لا ينقطع عن الثورات التي اجتازها قسم من الدول العربية في السنتين الماضيتين. ومراجعة قائمة النساء المعينات (لا توجد انتخابات للمجلس وكل اعضائه يعينهم الملك) تدل على نية اخرى للملك: باستثناء ممثلة واحدة، كل النساء يحملن لقب الدكتوراة، واحدة منهن، د. سلوى الهزاع كانت طبيبة العيون الشخصية للملك فهد. والاخريات هن طبيبات او عالمات، وهكذا فانهن ينضممن الى الاكاديميين الكبار الذين يشكلون اغلبية اعضاء المجلس. وهذه بالتالي ايضا رسالة رسمية واضحة وجلية من جانب الملك، بموجبه فان التعليم العالي والعلمي، ان لم نقل العلماني، هو المسار الذي يفضله.

        هكذا ايضا فهم الرسالة نحو خمسين من رجال الدين الكبار الذين يصلون الى قصر الملك في محاولة لاقناعه بالغاء قراره ضم النساء الى المجلس. المستشار الكبير والمقرب من الملك، خالد الحويجري، الروح الحية خلف سلسلة الاصلاحات التي قررها الملك مؤخرا، شرح لعلماء الدين اولئك، بالكياسة المناسبة، بان قرار الملك غير قابل للتغيير.

        ظاهرا، يبدو أن الحديث يدور عن ثورة. في البيانات السعودية الرسمية حرصوا حتى على الاشارة الى أن عدد النساء في المجلس الاستشاري الجديد اكبر من ذاك القائم الذي يوجد في برلمانات عربية اخرى. في البحرين يوجد أربع نساء فقط في البرلمان، في الكويت ثلاث، في مصر فقط عشرة من اصل 508 مقعدا. وحتى في دولة اتحاد الامارات المتطورة يوجد 7 نساء من اصل 40 مقعدا في البرلمان.

        ولكن الفارق هائل. في كل هذا الدول البرلمان انتخب ولم يعين وهكذا ايضا النساء. وأكثر من ذلك، ففي المرسوم الملكي السعودي توجد عدة فقرات غامضة عن روح الثورة. وهكذا مثلا "حقوق وواجبات اعضاء المجلس يقررها مرسوم ملكي. المرأة العضو في المجلس ملزمة بالحرص على مبادىء الاسلام. ان تعتمر حجابا، ويتقرر مكان خاص لجلوس المرأة وكذا باب دخول وخروج خاص للنساء في مدخل القاعة العامة. اضافة الى ذلك، يضمن لها كل الخدمات دون أن تضطر الى معونة الرجال. وسيكون للنساء مكاتب خاصة تعمل فيها نساء لمساعدتهن". وبالتالي فان الفصل سيكون شبه تام. المرسوم الملكي وإن كان نال الثناء ولكن فضلا عن الرمزية، التي هي هامة بحد ذاتها، مشكوك أن يكون دخول النساء الى المجلس سيغير التمييز العميق ضد النساء.

        ومع ان النساء يشكلن نحو 60 في المائة من عموم الطلاب في الجامعات في السعودية، الا انه توجد مهن محظور عليهن تعلمها، منها الهندسة والفن المعماري. تعليم الصيدلة والقانون فتح امامهن مؤخرا فقط ولكن الانشغال بعمل المحاماة لا يزال ممنوعا.

        المحاضرون الرجال لا يعلمون في صفوف النساء وبعض من المحاضرات التي يوجد فيها نقص في المحاضرات يقدمها رجال عبر الفيديو  او ان النساء يسجلن في الجامعة المفتوحة، حيث لا يوجد اتصال مباشر بين الرجال والنساء. اعضاء المجلس الاستشاري من النساء وان كن يحملن القابا جامعية محترمة، فانهن يمثلن ايضا عائلات هامة في المملكة وفي معظمهن تعلمن في الخارج كجزء من بعثات التعليم التي تمولها الدولة.

        ولكن، في السعودية معدل الامية في اوساط النساء يصل الى 78 في المائة مقابل 15 في المائة في أوساط الرجال. وتعرض السعودية المرأة الطيارة بفخار، ولكن النساء لا يحق لهن السياقة او الخروج من البيت دون رفقة رجل.

        وكان الملك عبدالله وعد بان "ذات يوم النساء سيقدن السيارات ولكن الامر يحتاج الى الصبر. ومع الزمن سيكون هذا ممكنا. اؤمن بان الصبر هو ميزة خير". وان كان الصبر ميزة خير الا انه مشكوك أن يكون الملك السعودي سيتمكن من ان يرى في حياته نساء يقدن السيارات. عبدالله، ابن 88، مريض جدا منذ 2010 اجتاز أربع عمليات جراحية. وفي ظهوره الاخير في التلفزيون قبل نحو عشرة ايام، بدا مشوشا وغير واضح. ويروي دبلوماسيون غربيون بانه لا يؤدي مهامه منذ بضع سنوات وفي الاسابيع الاخيرة بدأت المشاورات العائلية في مسألة الخلافة. امر من هذا لم ينشر بالطبع في وسائل الاعلام السعودية التي تواصل تمني الحياة المديدة والصحة الجيدة للملك. وبالمقابل، في مواقع الانترنت السعودية الخاصة بلغ هذا الاسبوع عن تدهور في حالة الملك الصحية.

        يبدو أن قرار الملك ضم نساء الى المجلس الاستشاري والاصلاحات التي قررها مثل تغيير تركيبة مجلس حكماء الشرع – الهيئة الرسمية المخولة في شؤون الدين وتعيينات جديدة لمنصب حاكم المحافظة الشرقية في المملكة ومنصب حاكم محافظة المدينة هي جزء من نيته ان يخلف وراءه إرثا سياسيا واجتماعيا جديدا.

        يبدو أن الملك يحاول تهدئة المجالات موضع الخلاف، مثل حقوق المرأة، ظلم الاقلية الشيعية والفقيرة، والتي من شأنها أن تشتعل من جديد مع موته، فتجترف المملكة هو الربيع العربي الذي حاولت التهرب منه بنجاح بصعوبة.