لماذا؟ وما الحل؟

تقرير المسؤولون ما بين جوال مرحباً أو مغلق حالياً!!

الساعة 01:13 م|19 يناير 2013

غزة - خاص

بالأمس القريب كانوا يتقربون من المواطنين ومناقشة همومهم وتقديم المساعدات إليهم، كما كانوا يحرصون على التقرب من الصحفيين ليرافقوهم لتغطية فعالياتهم، وعندما يحتاجونهم للدفاع عن أنفسهم حينما يتعرضون للنقد أو الإشاعة من قبل جهة ما، ولكن.. بعد أن ينتقلوا هؤلاء من صفة المواطن العادي إلى صفة المسؤول وصاحب وظيفة عامة ذات وزنٍ وثقل، كوزير أو وكيل وزارة أو نائب ، من الوظائف العامة من ألفها إلى يائها، أو ناطق إعلامي لمؤسسة ما أو حزب سياسي ما، يجد المواطن والصحفي على حدٍ سواء صعوبة بالغة في الوصول إليه على عكس ما كان الوضع قبل توليه المنصب. إلى درجة أن البعض من هؤلاء المسؤولون يستحيل الوصول إليه.. ويعتمد في سياسته مع الاتصالات التي ترد إلى هاتفه بعدة أوجه، منها عدم الرد على الجوال نهائياً، أو تحويل جواله إلى لا يستقبل مكالمات، أو خارج التغطية، أو مغلق، أو تحويله لإشارة فاكس ...

ولتسليط الضوء على هذه القضية التي باتت تؤرق المواطن والصحفي على حد سواء، استطلع مراسل "فلسطين اليوم" آراء أهل الدين وأهل الاختصاص وأعد التقرير التالي:

ماهر السوسي: الموظف العام ليس أفضل من رسول الله

يقول الدكتور ماهر السوسي المحاضر في قسم الشريعة بالجامعة الإسلامية:" إن صاحب أي وظيفة عامة من ألفها إلى يائها ليس بأفضل من رسول الله صلى الله عليه وسلم، الذي كان يهبُ لنجدة الناس بمجرد سماع صوت استغاثة وكان يسبق الناس لإغاثتهم، وكذلك هم ليسوا بأكرم من الخليفة العادل عمر بن الخطاب الذي حمل الدقيق على ظهره في الليل ليوصله إلى امرأة فقيرة، كانت توهم أطفالها بأنها تطهي لهم طعاماً في الليل حتى يناموا وهي في الحقيقة كانت تطهي الحجارة من شدة فقرها. داعيا أصحاب الوظائف العامة لوضع آلية للرد على مشاكل وهموم الناس وتساؤولات الصحافيين.

وأوضح السوسي، أن لكل إنسان خصوصياته وصاحب المنصب العام والوظيفة العامة له ظروفه الخاصة ومن حقه أن يكون له وقت للنوم وللطعام وغيره وهو ما ينبغي علينا استحضاره. ولكن لا يعني هذا أن ينقطع بشكل تام عن أدائه واجباته واللقاء بمن هم بحاجة إليه – لأنه موجود من أجل خدمتهم. موضحاً أن بعض المسؤولين تصل إلى مكتبهم ولا تستطيع أن تراه.

وأوضح أن الوظيفة العامة في الإسلام: هي مصلحة من مصالح المسلمين وبالتالي من المفروض على القائم على هذه المصلحة التعرف على كل تفصيلاتها من جميع جوانبها، ولا يجوز لصاحب الوظيفة العامة أن ينقطع عن الجمهور دون أن يَرى أو يُرى إلا في الحالات الخاصة له وليست في مكان العمل.

وأكد بأن عدم رد هؤلاء المسؤولين وأصحاب الوظائف العامة على جوالاتهم هي مشكلة حقيقية وليست مقتصرة  على الصحافيين فحسب وإنما مع كل أفراد المجتمع، ويبدو أن هذه الظاهرة هي ثقافة عند الناس وهي بحاجة إلى معالجة بشكل شامل وموسع .. ولكن يجب أن لا يكون الموظف العمومي من هذا الصنف بل هو الأسرع للرد على تساؤولات الناس.

واقترح السوسي أن يجد الموظف العام وسيلة خاصة به يعلم بها الجمهور للرد على تساؤولاتهم سواء من خلال أرقام هواتف خاصة، أو تعيين أوقات معينة تكون واضحة للجمهور أو أي وسيلة أخرى بحيث لا يهمل الموظف العام الرد على الاتصالات الموجهة إليه من قبل المحتاجين لها.

وقال :" إن القضية لا تقتصر على عدم الرد على الجوال، بل انك تصل مكتبه ولا تستطيع أن تراه.

وبينّ الدكتور السوسي أن الحكم الشرعي هو :" إذا كان الموظف العام قادر على التواصل مع الجمهور فلا يجوز له الامتناع عن التواصل لأن الأصل هو التواصل مع الجمهور. كما لا ينبغي للموظف العام أن يقتصر على عمله المكتبي وخاصة الذين يؤدون خدمات عامة للناس.

الأقطش: البعض يتصنع برستيج المسؤول

وفي السياق ذاته، أعرب الخبير الإعلامي الدكتور نشأت الأقطش عن اعتقاده بأن بعض المسؤولين يتصنعون هذا البرستيج، والبعض الآخر يكون مشغولاً بالفعل ولا يستطيع أن يرد على جواله.

وقال:" بشكل عام طالما ارتضى هذا الشخص أن يكون نائباً أو وزيراً فهو ملزم بالرد على تساؤولات المواطنين والصحفيين. لافتاً إلى أن الصحفي كثيراً ما يحتاج رداً أو توضيحاً من مسؤول حول قضية ما ويجد صعوبة في ذلك وربما لا يستطيع الوصول لهذا المسؤول رغم كثر محاولاته.

وأضاف أنه في الدول المحترم، يخصص المسؤول فيها مساعداً له يكون جاهزاً للرد على الاتصالات التي تتعلق بالصحافيين، متسائلاً هل فكر أحد من المسؤولين بتجهيز نفسه سواء برقم خاص بالصحافيين أو مساعداً لهذا الأمر، رافضاً مبدأ عدم الرد على اتصالات الصحافيين بأي حال من الأحول.

وأشار إلى أن الصحفي يوفر للمسؤول مساحة لكي يجب على الانتقادات الموجهة ضده أو للاستيضاح حول أمر ما، واصفاً عدم رد المسؤولين بقلة الحيلة.

وأوضح أن الخبراء توصلوا إلى طريقة يتم من خلالها الإجابة على تساؤلات الصحافيين والمواطنين على حد سواء من خلال إيصال السؤال عبر موقع الكتروني والإجابة على نفس الموقع خلال فترة من الزمن. لكي لا يجبر المسؤول للإجابة على سؤال مكرر أكثر من مرة.

وأكد على ضرورة أن يكون للصحفيين معاملة خاصة من قبل المسؤولين كل في مكانه.

صحافيون: مشكلة حقيقية

من جهته أعرب مدير راديو الرسالة عبر الانترنت الصحافي محمد أبو قمر عن اعتقاده بأن المسؤولين لديهم حب الظهور في وسائل الإعلام الأجنبية سواء العربية أو الدولية أكثر من المحلية لأنهم يعتقدون أنها الأهم والأفضل بالنسبة لهم وذات شعبية، مع العلم أن وسائل الإعلام المحلية أكثر فعالية في نقل المعلومة، وتقف على القضايا بشي من التفصيل. وقال:" لدى بعض المسئولين سواء في القطاع الحكومي أو الخاص، حب الكاميرا أكثر من غيرها من وسائل الإعلام.

وأوضح أننا كثيرا ما نتواصل معهم لنحصل على رأيهم في قضية ما، وعند عجزنا عن الوصول إليهم واضطررنا إلى نشر الموضوع بدون رأيهم أحيانا، يثورون على وسيلة الإعلام التي نشرت القضية، ويتساءلون لماذا لم تأخذوا برأينا؟

ورأى الصحافي أبو قمر أنه من الضروري أن يكون لكل وزارة أو مؤسسة عنوان واحد للتواصل، ويكون متفرغ للتعاون مع الإعلاميين والتواصل معهم. شاكراً البعض من المسؤولين الحريصين على التواصل وعدم رفضهم لأي مكالمة هاتفية.

وفي نفس السياق رأى الصحافي سامر عواد من الضفة الغربية، أنه بالفعل هناك معاناة عند الوصول لأي مسؤول للتعليق على قضية ما، لكنهم عندما يحتاجوننا كصحفيين يبادرون بالاتصال بنا بكل الطرق. وقال:" القضية باختصار المسؤول يتواصل مع الصحفي عندما يكون هو بحاجة لذلك وحسب مصلحته، بينما عندما تتعرض مصلحته مع أي حوار مع الصحفي يقوم بتجاهل الصحفي بعدة أساليب.

ودعا الصحفي عواد المسؤولين لاحترام العمل الصحفي وتسهيل عمل الصحفيين والرد على هواتفهم المحمولة لان في ذلك مصلحة لهم وللمواطن.

وأمام هذه الآراء يكرس المسؤول بتجاهله لاتصالات الصحافيين انتهاك حق الصحفي المكفول قانونياً بحق الحصول على المعلومات، الامر الذي ينعكس سلباً على العمل الصحفي الفلسطيني بشكل عام.