خبر محللون: صناديق الانتخابات في « إسرائيل » ستترجم صعود اليمين بفوز نتنياهو

الساعة 08:21 ص|16 يناير 2013

رام الله-متابعة

نظم المركز الفلسطيني للدراسات الإسرائيلي "مدار" في رام الله أمس الثلاثاء ندوة بعنوان "الانتخابات الإسرائيلية المقبلة.. السيناريوهات والآفاق "، شارك فيها الباحث د. مهند مصطفى، ومدير دائرة المشهد الإسرائيلي في "مدار" انطوان شلحت، وأدارها الكاتب مهند عبد الحميد، تناولت مجموعة من التساؤلات التي تثيرها الانتخابات البرلمانية الوشيكة في إسرائيل.

واستعرض المشاركان في الندوة أحدث المستجدات في الحراك الانتخابي، وقدما تحليلا معمقا للخارطة الانتخابية، وخلفياتها المجتمعية والايديولوجية، وممكنات تأثيرها على شكل الحكومة الاسرائيلية المقبلة، ومترتبات ذلك على القضية الفلسطينية والمسار السياسي في المنطقة عموما.

وفي تقديم الندوة نوه عبد الحميد إلى الألوان اليمينية الواضحة التي تصبغ المشهد الانتخابي، مشيرا الى عنوان حملة اليمين "رئيس وزراء قوي"، وما يحيل اليه العنوان من رهان اسرائيلي واسع على القوة واستخدامها، وعلى فرض الحقائق على الأرض.

واعتبر د. مهند مصطفى في مداخلته أن ما يحدث على الساحة الإسرائيلية من تحكم لليمين ليس جديدا، فهذا الواقع متواصل منذ ثلاثة عقود تخللها استثناء قصير تمثل بحكم العمل سبع سنوات، منبها إلى ان استخدام مصطلحات يمين ويسار في الحالة الاسرائيلية ليس دقيقا، ومضيفا ان الجديد في صعود اليمين، هو تزايد مدى سيطرته واختلاف نوعيتها، وتجذرها على نحو أكثر عمقا، محيلا ذلك إلى مجموعة من التغيرات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية، والديمغرافية.

وركز مصطفى على البعد الديمغرافي نظرا لأهميته، ولآثار بعيدة المدى، التي ستحدد ملامح العقود الثلاث المقبلة، إذ يستند اليمين في صعوده إلى مجموعة كتل ديمغرافية حيوية وعريضة وخصبة.

وفي تفصيل ذلك، أشار مصطفى إلى كتلة الحريديم التي تحصد في العادة حوالي 15 مقعدا من مقاعد الكنيست، وتشكل 14% من حجم السكان في اسرائيل، لكن المهم في الأمر ان نسبة المواليد العالية في أوساط هذه الكتلة سترفع نسبتهم إلى 20% خلال ثلاثة عقود، وهذا كلّه سيصب في سلّة اليمين، إذا علمنا أن الكتلة الحريدية طرأت عليها تغيرات أيديولوجية عميقه، أخذتها باتجاه الصهينة أكثر وأكثر.

تتمثل الكتلة الثانية الرافدة لليمين بكتلة المستوطنين، ويبلغ عددها 350 ألف مستوطن بما لا يشمل القدس، من المتوقع ارتفاع العدد الى 400 ألف خلال عامين، وما يميز هذه الكتلة ويجعلها بالغة الفعالية أنها كتلة ايديولوجية متطرفة ملتزمة سياسيا ومنظمة جدا، وزاحفة باتجاه المؤسسات الحاكمة والمؤثرة في اسرائيل.

ويختم مصطفى استعراضه للكتل الديمغرافية باليهود الروس، وهي مؤلفة من جمهور علماني، يعيش في صراع هوية دائم مع الشرائح اليهودية المحافظة جميعها، لكن على الرغم من ذلك فهو  في كل ما يتعلق بالموضوع الفلسطيني وقضايا الفلسطينيين في إسرائيل، موجود في المواقع الأكثر تطرفا.

ونبه مصطفى إلى أن المعركة الانتخابية لا تدور فعليا بين معسكري اليمين واليسار، إذ إن الحراك والتنقل بين المعسكرات تاريخيا هو حراك طفيف وغير مؤثر، لكن المعركة هي بين أطياف المعسكر الواحد، التي تتنازع الجمهور نفسه، مستدركا ان كتلة اليمين في المحصلة أكثر تماسكا والتزاما وايديولوجية من كتلة اليسار- الوسط، وهي أيضا أقل تشظيا، إذ تضم عددا محدودا من الأحزاب، على العكس من تلك المحسوبة على اليسار- الوسط والتي تبدد ما لا يقل عن خمسة مقاعد عبر قوائم لا تصل نسبة الحسم.

وأضاء مصطفى على معطى رآه مهما، يتمثل بحزب "البيت اليهودي"، (وارث حزب "المفدال" الوطني الديني المتطرف)، هذا الحزب ينجح هذا الحزب في استقطاب المستوطنين وغيرهم في يمين الخارطة، وتقول المؤشرات بأنه سيحتل المكان الثالث في قائمة الفائزين، كما أنه يقدم رؤية سياسية تجد لها آذانا صاغية في أوساط واسعة في الليكود، تتمثل بضم المناطق "سي" المحتلة إلى اسرائيل، ويكون للفلسطينيين حكم أنفسهم فيما تبقى من كانتونات في صيغة تكون أقل من دولة.

 وذكر مصطفى ان هذه الصيغة التي تعد تخليا عن الدعوة لأرض إسرائيل الكاملة من وجهة نظر اليمين الوطني الديني المتطرف، متنبئا أن تكون المرشد للائتلاف الحكومي المقبل.

بدوره، قدم الباحث أنطوان شلحت في مداخلته مجموعة من المعطيات حول مستجدات المشهد الانتخابي قبل أسبوع من موعد عقدها، ملاحقا المعطيات المتحركة، والسيناريوهات التي قد تترتب عليها، على صعيد الائتلاف المقبل الذي سيحكم إسرائيل. 

وأشار شلحت إلى المعطى المتمثل بأن ربع الناخبين لم يحدد بعد خياره الانتخابي، وعلى الرغم من كبر هذه النسبة، استبعد شلحت حدوث مفاجآت انقلابية، من قبيل ان يصبّ هؤلاء في اتجاه يسار الوسط، فهذا المعسكر لن يتجاوز الـ 45 مقعدا بكل الأحوال، ولن يكون بالتالي مؤهلا لتشكيل حكومة. وفي أفضل الأحوال ستكون فرصته مشروطة بمظلة الاحزاب العربية في اسرائيل، الأمر الذي لم يعد ممكنا منذ اغتيال رابين.

وأسهب شلحت: معسكر اليمين والحريديم لا زال يتمتع بأغلبية واضحة، وخياراته ما زالت واسعة، بما يتيح لنتنياهو تشكيل حكومته الثالثة، الأمر الذي سيعني استمرار الجمود السياسي وسياسة الأمر الواقع على مستوى الاحتلال،  ومواصلة قمع التطلعات السياسية للفلسطينيين في إسرائيل، ومحاولات إرغامهم على قبول صيغة الدولة اليهودية الديمقراطية، إلى جانب امتيازات اقتصادية تشبه "السلام الاقتصادي".

وأضاف شلحت في استقراء لسيناريوهات الائتلاف الحكومي المقبل بأنه سيكون طبعة يمينية من الحكومة الحالية، استنادا لبرنامج "البيت اليهودي" الذي ألف قائمته ثلاثة حاخامين متطرفين، والذي قد يشغل المكان الثالث من حيث عدد المقاعد، وبالتالي سيكون محوريا في المفاوضات الائتلافية، هذا الأمر، وفق شلحت، سيضع إسرائيل في صدام مع المجتمع الدولي وربما مع الولايات المتحدة خاصة بعد مؤشرات لنزوع إدارة أوباما في ولايتها الثانية نحو الانطواء.

ويتمثل السيناريو الثاني الذي استعرضه شلحت في أن يلجأ نتنياهو إلى كسر الخلطة اليمينية لتسويق الحكومة عالميا، ربما بضم قائمة لبيد "يوجد مستقبل" إليها، الأمر الذي لن يمنع السياسة الخارجية من أن تكون يمينية  في كل الأحوال.