خبر متلازمة عباس- معاريف

الساعة 10:51 ص|14 يناير 2013

 

متلازمة عباس- معاريف

بقلم: اوري اليتسور

        (المضمون: في السطر الاخير، بالضبط مثلما توقع مسبقا كل المحللين، جدول أعمال الانتخابات كان كله سياسيا – امنيا، وعليه فان اليمين سينتصر بفارق كبير، برعاية تسيبي لفني وعمير بيرتس وعاموس عوز وشمعون بيرس وغيرهم من الرفاق الطيبين من اليسار - المصدر).

        شيء واحد بات ممكنا قوله لاجمال الحملة الانتخابية، قبل اسبوع من فتح صناديق الاقتراع: لقد افشلت كتلة اليسار نفسها في الصراع الاساس، اي الصراع على جدول الاعمال. فمسبقا كان معروفا وقد كتب عن هذا عشرات المقالات، في أن نتيجة الانتخابات ستتقرر حسب مسألة ماذا سيكون الموضوع المركزي على جدول الاعمال. اذا كان الموضوع الامن والسلام، فان اليمين سينتصر. ولكن اليسار يمكنه أن ينتصر في الانتخابات اذا نجح في أن ينهي جدول أعمال آخر، لا ينشغل في الشقاق القديم عن أبو مازن والمستوطنات وفرص التسوية بل يركز على شؤون المجتمع والاقتصاد. وقد ولد الاحتجاج الاجتماعي الكبير في صيف 2011 واشتعل واتسع الى حجوم كبرى انطلاقا من هذا الفهم. وقد شارك فيه الناس بحماسة هائلة يحركهم وقود الامل الكبير، وذلك لانهم فهموا – بعضهم عن وعي وبعضهم بالحدس – بانه نشأت الفرصة لوقف اندفاع الجمهور نحو اليمين وتحقيق ما لا يقل عن تحول سياسي كامل من خلال هذا الاحتجاج الاجتماعي.

        لقد قادت شيلي يحيموفيتش هذه الاستراتيجية بتعقل وحساسية. من الصعب جدا، يكاد يكون متعذرا، املاء جدول أعمال وطني من موقع المعارضة. فللحكومة الف اداة لانتاج العناوين الرئيسة في الصحف. وهي غير ملزمة بان تشن حربا كي ترفع الى رأس جدول الاعمال قضايا الامن. يكفي اجراء نقاش آخر في الموضوع الايراني، وعقد زيارة رسمية اخرى لدى انجيلا ميركل، والتقاط صورة بسترة الطيارين في اثناء مناورة فرقة في مكان ما هناك أو استغلال واحدة من الفرص التي لا تنتهي من العنف التي يوفرها جيراننا الطيبون للحكومة بلا حساب. ومع ذلك، فقد نجحت يحيموفيتش على نحو لا بأس به ورفعت الى جدول الاعمال عاملي المقاول وفوارق الاجور وثراء أرباب المال وهزال طبقة العاملين.

        لو كان هذا هو الخطاب الاساس في حملة الانتخابات، لكان قسما كبيرا من حملة الليكود غير ذي صلة، وشعار "رئيس وزراء قوي" كان سيعمل كالسهم المرتد على نحر مطلقيه. عند التفكير في الفقراء والشيوخ والامهات اللواتي يعلن اسرهن بمفردهن، فان الضروري هو زعيم حساس ورحيم وليس رئيس وزراء قوي. وبالمناسبة، لم تكن يحيموفيتش أول من فهم هذا. في 1999 هزم ايهود باراك نتنياهو ووصل الى الحكم وهو يمتطي ظهر العجوز في لرواق في المستشفى في نهاريا. لدى باراك كان هذا تهكما لذاته: العجوز في الرواق كان تهمه كما تهمه قشرة الثوم. ومع ذلك هذا نجح. اما لدى يحيموفتش فكان يفترض بهذا ان ينجح على نحو افضل بكثير وذلك لان الاجندة الاجتماعية هي حقيقتها الداخلية.

        ولعل هذا في واقع الامر معاكس، وحقيقتها الداخلية ليست ميزة بل نقيصة. إذ من أفشلها وحطم الاستراتيجية الوحيدة التي أعطت اليسار فرصة للانتصال كان اليسار نفسه. فرفاقها في اليسار لم يكن بوسعهم ان يصبروا او يحتملوا حملة اجتماعية. هم يريدون ابو مازن وابو مازن، في الصباح، في المساء وفي الظهيرة. هذا وحده يعنيهم. ولماذا لم يفعلوا هذا لايهود باراك في 1999؟ لماذا كانوا مستعدين لان يدعوه يقود حملة اجتماعية وينتصر؟ لانهم عرفوا بان لديه هذا مجرد سلم للتسلق عليه الى مكتب رئيس الوزراء، وعندها سينسى العجوز في الرواق ويدمن مرة اخرى على الرائحة المسكرة للابو مازنيين والحدائق الخلفية في البيت الابيض والمسيرة السياسية المتواصلة الى الابد. أما بها، بيحيموفيتش، فلا يثقون. فهم يخافون من أنها حقا قد تكرس جل قوتها ونشاطها للشيوخ والفقراء ومكافحة أرباب المال. في هذا الوضع يقول احساسهم الداخلي انه من الافضل للمرء أن يكون محقا ومدعٍ للحق، ويتخبط في الوحل القديم والخاسر ويتمسك بابو مازن ويدحرج العيون من الانتصار في الانتخابات والشروع في معالجة الشؤون الباعثة على السأم التي أدخلتها يحيموفتش لنفسها في الرأس.

        في السطر الاخير، بالضبط مثلما توقع مسبقا كل المحللين، جدول أعمال الانتخابات كان كله سياسيا – امنيا، وعليه فان اليمين سينتصر بفارق كبير، برعاية تسيبي لفني وعمير بيرتس وعاموس عوز وشمعون بيرس وغيرهم من الرفاق الطيبين من اليسار.