خبر المصالحة الفلسطينية.. تسلسل زمني

الساعة 11:42 ص|11 يناير 2013

وكالات - الاناضول

رغم أن مفردات "المصالحة" و"الانقسام"، ذاع صيتها في الأراضي الفلسطينية عقب الاشتباكات المسلحة بين حركتي فتح وحماس في يونيو/ حزيران 2007، إلا أن جذورها تعود إلى مطلع الثمانينات من القرن الماضي.

وسجلت أول اشتباكات بين حركة فتح، وجماعة الإخوان المسلمين، (الجماعة الأم لحركة حماس الحالية) في بداية عام 1985 في الجامعة الإسلامية بغزة، لكنها كانت محدودة، واستخدمت فيها "العصي".

ويرجع المراقبون تلك الاشتباكات إلى بروز تيار الإخوان "صاحب الفكر الإسلامي"، كقوة جديدة على الساحة، منافسة لتيار منظمة التحرير الفلسطينية ذات التوجه العلماني، واليساري، والذي كان يهيمن على الحياة السياسية الفلسطينية.

 

الانتفاضة الأولى

وعقب اندلاع الانتفاضة الفلسطينية الأولى (نهاية 1987-1994)، وتأسيس حركة حماس من رحم جماعة الإخوان المسلمين، زادت حدة الخلافات بين الجانبين، حيث رفضت حماس العمل ضمن قيادة موحدة للانتفاضة تضم حركة فتح وبقية فصائل المنظمة.

كما أصبحت حماس، تنافس حركة فتح، بقوة على كافة الأصعدة، الميدانية والعسكرية، وحتى في مجال انتخابات مجالس طلبة الجامعات، والنقابات الفلسطينية.

وشهدت فترة الانتفاضة الأولى عدة اشتباكات عنيفة بين أنصار الجانبين، لكنها كانت –غالبا-محدودة وباستخدام الأسلحة البيضاء.

 

حقبة أوسلو

واشتدت الخلافات بين الجانبين عقب تبني حركة فتح للحل السلمي للقضية الفلسطينية، ومشاركة منظمة التحرير التي تترأسها في مؤتمر مدريد للسلام في إسبانيا في نوفمبر/تشرين الثاني 1991، والذي رعاه الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش "الأب".

وعقب توقيع منظمة التحرير لاتفاقية أوسلو للسلام في 13 سبتمبر/أيلول 1993، برزت الخلافات بين الجانبين بشكل أعمق، وأشد، حيث ترفض حركة حماس الاعتراف بشرعية دولة إسرائيل، ولا تقبل التفاوض معها، وتعتنق فكر "الجهاد" لتحرير كل فلسطين.

 

حوار الخرطوم

ولعل أول حوار فعلي، بين الحركتين، هو الذي عقد في العاصمة السودانية الخرطوم، عام 1993، حيث اتفقتا خلاله على "مواصلة الحوار وتشكيل قيادة مشتركة للانتفاضة في الأرض المحتلة".

 

مرحلة ما بعد أوسلو

وعقب تأسيس السلطة الفلسطينية عام 1994، تنفيذاً لاتفاقية أوسلو، رفضت حماس التوقف عن العمل العسكري ضد إسرائيل، وهو الأمر الذي أحدث تصادماً كبيراً مع حركة فتح التي أدارت السلطة الفلسطينية.

وشنت الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة الفلسطينية، خلال الفترة ما بين (1996-2000) حملات اعتقال واسعة ضد قادة ونشطاء حركة حماس، حيث اتهمت فتح حركة حماس، بالعمل على "تقويض السلطة الفلسطينية"، فيما اتهمت حماس، السلطة الفلسطينية، بالعمل كوكيل أمني لصالح (إسرائيل) وهو ما أدى إلى تعميق الفجوة بينهما بشكل خطير.

وشكّل انطلاق الانتفاضة الفلسطينية الثانية نهاية سبتمبر/أيلول 2000م وما شهدته من جرائم ومجازر إسرائيلية بشعة ضد الشعب الفلسطيني دافعاً قوياً للحوار بين الحركتين.

 

حوارات القاهرة

ورغم تسجيل بعض الخلافات والاشتباكات بين الجانبين خلالها، إلا أن الحركتين شرعتا في حوارات رعاها نظام الرئيس المصري السابق محمد حسني مبارك، وانتهت بـ"اتفاق القاهرة بين الفصائل في مارس/آذار 2005 م.

ونص الاتفاق على "تطوير وتفعيل منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني"، بحيث "تضم جميع القوى والفصائل، والحفاظ على المنظمة إطارا وطنيا جامعا ومرجعية سياسية عليا للفلسطينيين، وانتخاب مجلس وطني جديد في الداخل والخارج حيثما أمكن".

وعقب تولي الرئيس الفلسطيني محمود عباس، رئاسة السلطة في يناير 2005، خلفاً للرئيس الراحل ياسر عرفات، فتح حواراً موسعاً مع قادة حركة حماس، وحثهم فيه على المشاركة في الانتخابات التشريعية الفلسطينية، وإعلان هدنة مع إسرائيل.

ووافقت حماس على خوض الانتخابات التشريعية التي جرت مطلع 2006، وحققت فيها مفاجأة بحصد أغلبية المقاعد في المجلس التشريعي.

في المقابل رفضت حركة فتح وبقية الفصائل المشاركة في الحكومة التي شكلتها حركة حماس، برئاسة إسماعيل هنية، بدعوى "عدم الاتفاق على البرنامج السياسي".

وتقول حماس إن حركة فتح، عملت على الإطاحة بحكومتها، بتعمد إحداث قلاقل داخلية، وأن الرئيس عباس سحب الكثير من صلاحياتها، وهو ما تنفيه حركة فتح.

وشهدت تلك الفترة اشتباكات متفرقة بين أنصار الحركتين، لم تنجح الكثير من "الوساطات" الفصائلية في وقفها.

 

وثيقة الأسرى 2006

وحركّت وثيقة أطلقها قيادات أسرى الحركتين في السجون الإسرائيلية في مايو/أيار 2006م المياه الراكدة بين الجانبين، لكنها لم تنجح في رأب الصدع بينهما، حيث تواصلت الاشتباكات.

كما فشلت وساطة قطرية بدأت في أكتوبر/تشرين الأول 2006 في تهدئة الأوضاع.

وتزايدت حدة الاشتباكات عقب خطاب ألقاه الرئيس الفلسطيني محمود عباس في ديسمبر/كانون الأول 2006 دعا خلاله إلى "عقد انتخابات لمجلس تشريعي فلسطيني جديد، كحل للخروج من المأزق الحالي".

 

انقسام 2007 وحوار مكة

وشهدت بداية عام 2007 اشتباكات مسلحة دامية بين كتائب القسام، الجناح المسلح لحركة حماس، والأجهزة الأمنية الفلسطينية، ومقاتلين من حركة فتح.

وعلى إثرها أطلق الملك السعودي عبد الله بن عبد العزيز مبادرة دعا خلالها حركتي فتح وحماس إلى التحاور في مدينة مكة.

ونجحت الجهود السعودية بدفع الحركتين إلى توقيع اتفاق "اتفاق مكة" في فبراير/شباط 2007، وشكلت على إثره حكومة وحدة وطنية ترأسها القيادي في حماس اسماعيل هنية، وشاركت فيها حركة فتح، وشغل فيها القيادي البارز في فتح عزام الأحمد منصب نائب رئيس الحكومة.

لكن اتفاق مكة لم يصمد طويلاً، حيث اندلعت الاشتباكات المسلحة بين الحركتين مجدداً في مايو 2007، وانتهت بسيطرة حركة حماس على قطاع غزة في 14 يونيو/حزيران 2007م.

وشكل هذا الحدث، علامة بارزة في التاريخ الفلسطيني الحديث، حيث انقسمت أراضي الحكم الذاتي الفلسطيني (السلطة الفلسطينية) إلى جزأين، الأول في الضفة الغربية، تديره حركة فتح، والثاني في قطاع غزة، تديره حركة حماس.

وقد فشلت كل الجهود العربية والإسلامية في دفع الحركتين إلى العودة لطاولة الحوار، حيث اتهمت فتح، حركة حماس، بالانقلاب على الشرعية الفلسطينية، فيما اتهمت حماس، حركة فتح، بالانقلاب على نتائج التجربة الديمقراطية التي فازت فيها.

 

حرب الرصاص المصبوب 2008/2009

لكن الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة (28 ديسمبر 2008-21 يناير 2009) والتي تسببت بالعديد من المآسي الإنسانية، والأضرار المادية الهائلة، نجحت في كسر جبل الجليد بين الحركتين حيث قبلتا العودة للحوار من جديد.

 

الورقة المصرية

وأطلق نظام الرئيس المصري السابق محمد حسني مبارك، في سبتمبر/أيلول 2009، مبادرة لتحقيق المصالحة، عرفت لاحقاً باسم "الورقة المصرية".

وقد قبلت حركة فتح الورقة، لكن حركة حماس طلبت إجراء تعديلات عليها، وهو ما أدى لتجميد جهود المصالحة لعدة شهور.

 

حوارات دمشق

وفي نهاية عام 2010 عقد لقاء بين قيادات فتح وحماس في دمشق، لكنها لم تسفر عن نتائج ملموسة.

وكانت الخلافات تتمحور حول عدة قضايا، أبرزها قضية الانتخابات، حيث تطالب فتح بعقد انتخابات جديدة، فيما تطالب حماس بتحقيق المصالحة أولا، وتوفير ضمانات تتيح اجراءها في أجواء سليمة.

كما تختلف الحركتين حول "البرنامج السياسي"، حيث تتبني فتح خيار المفاوضات مع إسرائيل، من أجل اقامة الدولة الفلسطينية، فيما تتمسك حماس بخيار "المقاومة المسلحة"، لكنها تقبل بـ"هدنة طويلة" مع إسرائيل.

 

إعلان الدوحة

ووقّعت الحركتين في فبراير/شباط 2012 اتفاقية مصالحة جديدة في العاصمة القطرية الدوحة عرفت باسم "إعلان الدوحة".

ونص الإعلان أن يترأس الرئيس محمود عباس الحكومة الانتقالية المقبلة والتي ستشكل من كفاءات ومهنيين ومستقلين لتولي المرحلة المقبلة والإعداد للانتخابات التي تم الإعلان عن تأجيلها ليتسنى التحضير اللازم لها.

لكن الاتفاقية لم تجد طريقها للتطبيق فعليا.

كما وقعت الحركتين في العاصمة المصرية القاهرة كان آخرها في 20 مايو/ أيار 2012 نصت على بدء مشاورات تشكيل حكومة التوافق الوطني، والسماح للجنة الانتخابات المركزية بتجديد سجلات الناخبين الفلسطينيين بقطاع غزة.

إلا أن حماس أوقفت في الثاني من يوليو/ تموز (2012) عمل لجنة الانتخابات المركزية بعد السماح لها بالعمل بدعوى استمرار الاعتقالات السياسية وقمع الحريات بالضفة الغربية، ما أدى لتعطل تنفيذ اتفاق المصالحة إلى الوقت الحالي.

ومنذ ذلك الوقت، عاد ملف "المصالحة" إلى "الجمود" مرة أخرى.

 

الاجتياح الإسرائيلي الأخير 2012

وعقب العدوان الإسرائيلي الأخير على قطاع غزة (14-21 نوفمبر/تشرين ثاني 2012) حدث تقارب جديد بين الحركتين، حيث شاركت حركة فتح في مهرجان ذكرى تأسيس حركة حماس في 8 ديسمبر/كانون أول 2012، كما سمحت فتح لحركة حماس بتنظيم مهرجانات احتفالية في الضفة الغربية.

 

وسمحت حركة حماس من جانبها بعودة عدة كوادر من حركة فتح لقطاع غزة، كانوا قد غادروه عقب سيطرة حماس عليه في عام 2007.

 

وسمحت كذلك لحركة فتح بتنظيم مهرجان كبير بداية الشهر الجاري، في ذكرى تأسيسها الـ48.

 

وفي 9 يناير/كانون ثاني الجاري، عقد الرئيس الفلسطيني محمود عباس، مباحثات مع خالد مشعل، رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، في القاهرة، واتفقا على "تنفيذ اتفاق المصالحة الفلسطينية".

 

واتفقا على أن تبدأ اللجان المختصة بالمصالحة الفلسطينية عملها ابتداءً من الأسبوع القادم في العاصمة القاهرة، لبحث ترتيب أوراق المصالحة الوطنية، ووضع الآليات لتنفيذها.

 

كما اتفقا على أن يعقد اجتماع آخر للجنة العليا يحضره كل الأمناء العامين للفصائل الفلسطينية لتفعيل منظمة التحرير الفلسطينية في الأسبوع الأول من شهر شباط/فبراير المقبل في العاصمة نفسها.