خبر ذواقٌ سياسي رفيع- يديعوت

الساعة 09:38 ص|10 يناير 2013

 

بقلم: جلعاد شارون

من له مصلحة في ألا نبلغ السلام أبدا؟ الجواب مفاجيء. إن المتشاغلين بالسلام لن يربحوا في الحقيقة اذا توصلنا الى اتفاق. فالسلام عند عمال صناعة السلام – ناس مركز بيرس وأشباههم – هو عمل. وأصح من ذلك أن نقول إن السعي الى سلام هو عمل. فاذا توصلنا ذات يوم الى اتفاق فماذا سيفعل كل اولئك؟ سيظلون متعطلين مثل المسيحانيين المتدينين حقا ممن عملهم هو الانتظار والاستعداد لمقدم المسيح المخلّص، ويعتاشون من الصدقات التي تتعجل مقدمه. وحينما يأتي المخلص ماذا يفعل كل هؤلاء المحتالين؟ سيبقون متعطلين. وهكذا بالضبط سيحدث للمسيحانيين من النوع الآخر من محتالي (مسيرة) السلام.

كيف تبدو حياة متشاغل بالسلام متخصص؟ انها لقاءات وأحاديث مع متشاغلين بالسلام من الطرف الثاني. فلن تسمعوا أبدا باتفاق الدهيشة، ومحادثات بلاطة بل لن تسمعوا بمحادثات بيتح تكفا. ولن يكون ذلك ايضا في موقع ما من مواقع "يشمل كل شيء" في تركيا. فالحديث هنا عن ذواقين ذوي أذواق متأنقة. والسعي الى السلام يحتاج الى ظروف خاصة كنبات السحلب الذي لا ينمو إلا في ظروف مثالية. سيكون ذلك دائما في مدينة حالمة مع جبال وبحيرة، في جنيف مثلا. وفي طريقهم الى اللقاء يجلسون في الأكثر في مقدمة الطائرة حيث يوجد مكان للأقدام وتُقدم وجبات فاخرة، ويتحول المقعد الى سرير وتغطيهم مضيفة في لطف لأن من المهم ان يصلوا الى المحادثات بانتعاش. وهناك في مدينة جميلة باردة في فندق فخم مع وجبات للذواقين في مطاعم جيدة، وهناك وهم ممتلئون بالأهمية الذاتية يتباحثون في أهمية السلام. وتدفع حكومات اسكندنافية ومنظمات اوروبية شتى عن الاحتفالات ويكون الجميع سعداء.

لكن ماذا سيحدث حينما يحل السلام؟ هل ينتهي الاحتفال؟ هل يضطر كل متعطلي السلام الى البحث عن عمل حقيقي؟ إن التفكير يزعزعنا. لن يحدث هذا أبدا لأنهم لن يدعوا ذلك يحدث لا في نوبتهم اذا كان الامر معلقا بهم.

اذا كنا نريد حقا حياة وادعة طيبة في هذا البلد، فلا يهم ان يسموا ذلك سلاما. فمجرد الهدوء سنين طويلة أمر جيد بقدر كاف بالنسبة إلينا، وإن لم تكن له صفة جليلة أو عنوان مدهش. ولن يولد الهدوء المأمول من تلامس كؤوس الشمبانيا التي يلامس بعضها بعضا في حملة صاخبة في اوروبا الكلاسيكية: اربعة مطاعم فاخرة ومحادثتا سلام وكازينو واحد وكل ذلك في ثلاثة ايام. فالهدوء سيأتي اذا أتى من هنا؛ حينما يفهم الجميع هنا من الطرفين أن الأحلام لن تتحقق كلها وان الجميع سيضطرون الى المهادنة وعندها ربما يأتي الهدوء. وسيأتي الهدوء في هدوء وتواضع وبلا احتفالات وبلا مروج خضراء وبلا استقبالات. وسنعلم أنه أتى حينما لن نسمع بالارهاب ولا بمساجد أُحرقت ايضا.

لا تدعوا المتشاغلين بالسلام يعالجون هذا الشأن، فهو مهم كثيرا وهو يناقض مصلحتهم تماما.