خبر فاشية خجولة-هآرتس

الساعة 09:33 ص|10 يناير 2013

 

بقلم: الكسندر يعقوبسون

لو كان حاول احد ما الادعاء بجدية بان النائبة حنين الزعبي لا تؤيد الكفاح المسلح ضد اسرائيل، فلا بد أنها كانت ستشعر بالاهانة العميقة. ومع ذلك، حسن فعلت المحكمة العليا، إذ الغت، كما كان متوقعا، رفض ترشيحها الى الكنيست. ولاولئك الذين خافوا ان يكون هذا الاستبعاد يبشر بانهيار حرية التعبير في البلاد، وكذا لاولئك الذين يخشون حقا من ان يؤدي الخطاب المتطرف للزعبي ورفاقها الى العنف، ينبغي أن يقال: هدئوا من روعكم. فحرية التعبير في اسرائيل والامن الداخلي في الدولة كلاهما على حد سواء – في وضع اكثر بكثير مما يخيل لكم. مستوى العنف بين اليهود والعرب في اسرائيل منخفض على نحو مدهش (بالتأكيد بالنسبة لما كان متوقعا على خلفية نزاع قومي متواصل)، اما مستوى حرية التعبير الاسرائيلية فعالية على نحو مدهش.

الاقلية العربية في اسرائيل تخلق، من خلال متحدثيها وزعمائها، استفزازات لفظية قاسية تجاه الدولة والاغلبية اليهودية، ولكنها تخلق القليل جدا من العنف القومي – اقل بكثير مما يمكن للمرء أن يتوقعه في الظروف القائمة. خطاب معظم زعماء الاقلية الكاثوليكية في ايرلندا الشمالية، في فترة المواجهة هناك، كان أكثر اعتدالا بكثر مما نسمعه من النواب العرب، ولكن الواقع على الارض – من ناحية عنف الاقلية ومن ناحية عنف الاغلبية على حد سواء – كان اكثر سوء وفتاكا بلا قياس من الواقع الاسرائيلي.

عندما تعيش مجموعتان سكانيتان عرقيتان ودينيتان معا على نحو مختلط في ذات البلاد وتكره الواحدة الاخرى حقا – فلا يمكن لاي ردع ان يجدي: الحياة في مثل هذا المكان تصبح جحيما للاغلبية والاقلية على حد سواء. اما في اسرائيل فالعلاقات الحقيقية بين اليهود والعرب، البعيدة بالطبع عن أن تكون مثالية، اكثر تعقيدا بكثير، وبالاجمال افضل بكثير (او ربما اقل سوء اذا فضلنا صياغة الامر على هذا النحو) مما كان يمكن أن نتوقعه ومما يفهم من الخطاب القومي في الطرفين. هذا لا يعني أنه لا توجد حالات خطيرة من العنف او التحريض المباشر الجدير بالصد، ولكن بالاجمال يبدو أن الحرية في قول أقوال قاسية يعمل هنا بقدر أكبر كنوع من البديل عن القيام بافعال قاسية، مما كمقدمة لفعلها. في هذه الظروف، فان المس بالمستوى الحالي من حرية التعبير في اسرائيل سيكون خطأ جسيما وخطيرا.

على مدى عشرات السنين نسمع ان هذه الحرية توشك على الانهيار، والفاشية تقف على الابواب. ولا تنقص اليوم، ولم تنقص في الماضي مؤشرات مقلقة تؤكد هذه المخاوف. لا ينبغي الاستخفاف بالتهديدات على القيم الديمقراطية – يجب الصراع ضدها بكل الوسائل القائمة في مجتمع حر. يوجد هنا تطرف حقيقي، وكذا الفاشية الحقيقية لا تنقص.

ومع ذلك، الحقيقة هي أن اسرائيل اليوم هي، بالاجمال، دولة حرة أكثر بكثير مما كانت في السبعينيات، عندما دخلت الاحاديث عن خطر الفاشية الى الموضة. من يقرأ قرار المحكمة الاوروبية لحقوق الانسان، التي صادقت في 2009 على قرار اسبانيا حظر حزبين باسكيين اتهما بدعم سياسي للارهاب، سيرى على الفور بان التفسير الاسباني والاوروبي مفهوم "دعم الارهاب" لغرض استبعاد الاحزاب هو اكثر تشددا بكثير من المفهوم الاسرائيلي.

يحتمل أن يثبت المستقبل بان الفاشية الاسرائيلية التي تقف على الابواب على مدى عشرات السنين ستتغلب اخيرا على خجلها الغريب فتدخل القاعة. ولكن يحتمل أيضا أن متنبئي الـ "ها هي الفاشية تأتي" ببساطة لا يحسنون فهم المجتمع الاسرائيلي، مثلما لا يحسن القوميون المتطرفون اليمينيون فهم المصلحة القومية.