خبر دين الإحصاء- معاريف

الساعة 11:50 ص|09 يناير 2013

بقلم: ماتي دافيد

        (المضمون: فن صياغة الاسئلة في العينات وفي الاستطلاعات يمكن أن يخلق تلاعب في تصميم الرأي العام والمزاج الجماهيري، ولا سيما قبل الانتخابات - المصدر).

        استطلاعات الرأي العام هي المحرك الاكثر تأثيرا – اضافة الى وسائل الاعلام – على تصميم الاراء والامزجة في جمهور المواطنين والمستهلكين في مجالات عديدة في الحياة. كل من يسوق شيئا ما – بدء بالمنتجات وانتهاء بالاراء والافكار – يحتاج الى استطلاعات الرأي العام ويستعين بها. كل استطلاع يعطي تعبيرا عن الحقيقة بشكل محدود الضمان وفي زمن معين محدود. وفي اعداد الاستطلاعات يشارك مهنيون في مجالات الاحصاء، علم الاجتماع، علم النفس والاعلانات. توجد استطلاعات علمية وتسويقية واستجوابات سطحية غير جدية في الشارع، في الهاتف وعلى الانترنت.

        بعض من الاستطلاعات تتميز بغلاف علمي، والبعض الاخر يتميز بالتلاعبات المغرضة من التحيز للنتائج المرغوب فيها. توجد فوارق بين استطلاعات تصدر عن الاكاديميا وبين استطلاعات تطلب وتمول من السياسيين، الصحفيين والمسوقين. وبالتالي، في احيان قريبة نحصل على نتائج متضاربة تماما في زمن مماثل وفي ذات الموضوع.

        عندما يطلب سياسيون (يسوقون اراء وافكار) ومنتجون (يسوقون بضائع) استطلاعات، فان لهم توقعات في تلقي نتائج مرغوب فيها تحقيقا لمصالحهم؛ ولكن حين تكون النتائج سيئة، فانهم ببساطة لا ينشرونها – وهذا من حقهم. اما عمليا، فهذا نوع من التحيز واخفاء للمعلومات.

        الصحف، قنوات التلفزيون ومحطات الاذاعة تجري استطلاعات في موضوعات واقعية وسياسية، تؤثر على المزاج العام للجمهور. ولكل واحدة من وسائل الاعلام توجد سياسة من التأييد أو الانتقاد للزعماء والحكومات، وهي تطلب استطلاعات في توقيت وحجم يروقان لاهدافها – ولا تنشر الا ما يطيب لها.

        الاستطلاعات التي تنفذ من خلال استبيان مفصل او في حديث وجها الى وجه (في مكتب الاحصاء المركزي او في الجامعات ومعاهد البحوث) هي مصداقة ومقدرة. وبالمقابل، فان الاستطلاعات التي تنفذ خطفا من خلال مكالمة هاتفية هي استطلاعات سطحية، غير مصداقة وتشكل عمليا اعلانا تلاعبيا. يدور الحديث عن استطلاعات خمسة حتى عشرة اسئلة هاتفية.

        اعداد العينة وحجم الاستطلاع يقرران بقدر كبير مصداقيته ونتائجه. وتضم معظم الاستطلاعات بشكل عام نحو 500 مشارك، ولكن استطلاعات بحجوم تجارية اكبر تعتبر اكثر مصداقية ودقة.

        مصادر المعطيات والمعلومات التي بناء عليها يعد المستطلعون العينة، تقرر النتائج بقدر كبير. فاختيار نوع العينة يتيح امكانية التلاعب والتحيز.

        بعض من العوامل المهنية تقرر بقدر كبير نتائج الاستطلاعات: فن صياغة الاسئلة، ترتيب عرضها وطرائق الاحصاء. يمكن الوصول الى النتائج المرغوب فيها لمن طلب الاستطلاع اذا ما استخدمت "اسئلة مغلقة" او "اسئلة مفتوحة". مثلا: من برأيك هو الشخص الاكثر ملاءمة، من اصل الاسماء الاربعة التالية، ليكون رئيس الوزراء؟ هذا سؤال مغلق، يمكن طرحه حتى دون الدخول في تفاصيل الاسماء. هذا مثال على التحيز في النتائج في صالح طالب الاستطلاع. ليس كذبا، ولكن ايضا ليس حقيقة؛ كل من لا يظهر في القائمة الاسمية في "السؤال المغلق" يشطب مسبقا. يقال ان المستطلعين هم "الانبياء"، والصحف هي "الرسل"، المسوقون والسياسيون هم "الممولون" والمواطنون هم "العبيد". فهل حقا؟ بقدر كبير من الحقيقة، فان الاستطلاعات هي جزء من ثقافة الاتجار والترفيه لتوجيه الجمهور نحو الاتجاه المرغوب فيه. ولنشر الاستطلاعات في المواضيع السياسية في اوقات الانتخابات، ولا سيما في موعد قريب من التصويت، يوجد تأثير كبير للغاية على نتائج الانتخابات. هذا الواقع يسمح بالتلاعب في توجيه نتائج الانتخابات نحو من في يده السيطرة على وسائل الاعلام والقدرة على تمويل الاعلانات والاستطلاعات. منذ زمن بعيد تدرس مشاريع قوانين، في العالم وفي اسرائيل، لمنع نشر استطلاعات في موعد قريب من الانتخابات.