تقرير لاجئون من سورية في غزة : خيبة أمل من اهمال مسؤولي السلطة وحماس

الساعة 09:46 ص|09 يناير 2013

الغد - حامد جاد

يشعر اللاجئون الفلسطينيون الذين غادروا سورية اخيرا ولجأوا الى غزة هرباً من نيران القصف التي طاولت منازلهم ومناطق سكناهم في مخيم اليرموك وضواحي دمشق، بخيبة أمل تجاه الجهات الفلسطينية المسؤولة، بدءاً برئاسة السلطة وحكومتي سلام فياض واسماعيل هنية.
لكن الحكومة في غزة كانت الاقل عرضة لانتقاد اللاجئين الفلسطينيين من سورية الى غزة بسبب المساعدة المالية المحدودة التي قدمتها لهم لمرة واحدة فقط ولم تتابع بعدها اوضاعهم المعيشية.


ولم يخف اللاجئون الذين وصلوا الى مصر ومن ثم الى غزة عبر الانفاق الممتدة في جوف الاراضي الحدودية الفاصلة بين جنوب قطاع غزة والاراضي المصرية شعورهم بالندم الشديد لإقدامهم على مغادرة سورية واللجوء الى غزة التي استهجنوا فيها حالة الاهمال وعدم اكتراث المسؤولين بفقرهم المدقع وأوضاعهم المعيشية المذلة التي دفعتهم لقبول الصدقات من بعض المواطنين كي يتمكنوا من اعالة أطفالهم حيث ذهب البعض منهم الى التفكير بالعودة الى سورية رغم ما تحمله رحلة العودة من مخاطر تهدد حياته.  


وقال اللاجئ  " ص م "  (31 عاما) المتحدر من حيفا لـ"الغد": غادرت مخيم اليرموك قبل نحو ثلاثة اشهر بعد ان استشهد ابني ساري "عام ونصف العام" اثر قصف المخيم بالهاون ومن ثم غادرت المخيم برفقة عائلتي وعائلتي والدي وجدي وتوجهت الى ضاحية جرمانه لاقيم بضعة ايام في منزل عديلي فيما توزع بقية افراد عائلتي على منازل تعود الى اقرباء ومعارف في ضواحي دمشق وبعد نحو اسبوع تعرض منزل عديلي في جرمانا للقصف فاضطررت للمغادرة وهنا قررت السفر للخارج فتوجهت الى مصر عبر مطار دمشق حيث انني اعمل في المطار".


واعتبر صبحي الذي طلب عدم الاشارة الى اسمه لاسباب أمنية ان استشهاد ابنه " عام ونصف العام " والعديد من اصدقائه ومعارفه في مخيم اليرموك شكل السبب الاساسي لهجرته خاصة بعد أن اصبحت كافة ضواحي دمشق عرضة للقصف وبات سماع الانفجارات المدوية التي تهز يوميا ضاحية جرمانا والضواحي المجاورة الاخرى بمثابة حدث نعايشه يوميا ما تسببت بحالة من الرعب لزوجته ولطفلته ابنة الاعوام الاربعة وبالتالي لم يكن امامه من خيار سوى الفرار من موت محدق به وبعائلته.


واشار " ص م" الى انه قضى بضعة ايام في القاهرة وهناك تبين له صعوبة الحياة بدون عمل فقرر التوجه برا الى ليبيا وهناك عندما اكتشفت دائرة الجوازات الليبية على حدود السلوم انه يحمل وثيقة سفر رفضوا منحه تأشيرة دخول ما اضطره الى العودة مرة اخرى الى القاهرة ومن ثم قرر اللجوء الى غزة عبر الانفاق.


ويصف صبحي حالة عائلته في سورية بالمأساوية بعد أن تشتت شملهم في مناطق متباعدة هربا من القصف العشوائي الذي تتعرض له كافة المناطق هناك مستدركاً بقوله " رغم البؤس الذي يعيشونه هناك ولكنني الان ادركت انني اعيش اوضاعا اشد بؤسا منهم في ظل الحاجة الماسة لاعالة اسرتي وعجز أهلي هناك عن تحويل اي مبلغ مالي كي اعتاش منه في ظل عدم رعاية الحكومتين في رام الله وغزة لاوضاع النازحين من سورية حيث انني احمل حكومة رام الله بصفتها الممثلة للشعب وللسلطة الفلسطينية المسؤولية عن اعالة الاسر النازحة فحكومة غزة قدمت لي مساعدة مالية لمرة واحدة وقيمتها  600 دولار دفعت نصفها اجرة منزل ولم يتبق من المبلغ سوى 100 دولار ولا ادري كيف سأسير بهذا المبلغ شؤون اسرتي وبعد هذه المساعد لم نر احدا منهم فيما تعهدت اذاعات في الضفة الغربية اجرت معنا أكثر من مقابلة اذاعية بنقل معاناتنا الى الرئيس محمود عباس وحتى الآن لم نشهد أي مبادرة فعلية لمساعدتنا ".


واضاف " لم أكن اتصور انني ساواجه حالة من عدم الاكتراث باوضاعنا من قبل المسؤولين الفلسطينيين الذين تركونا نعيش في اسوأ حالات الهجرة وضنك الحياة دون معين لنا فكنت أتوقع بوصولي الى فلسطين التي كنا نسمع عنها دوما من اجدادنا أن يحتضننا ابناء شعبنا والمسؤولين ولكننا فوجئنا بانشغال الكل عنا وبالتالي قررت العودة الى الشام في اقرب فرصة " مؤكدا انه بمجرد تمكنه من توفير قيمة تذاكر السفر سيعود فورا الى دمشق رغم المخاطر التي تحيط برحلة عودته. 


أما اللاجئ من مخيم اليرموك راسم ويعمل مهندس كهرباء فاستهل حديثه بوصف حالة اليأس التي المت به بعد خمسة اشهر من وصوله الى غزة وعجزه عن الحصول على فرصة عمل بقوله " عرضت خبرتي على المسؤولين عن قطاع الكهرباء في غزة وقدمت لها مقترح مشروع لترشيد استخدام الطاقة ولكن لم يلتفت الي احد ". 


وأوضح ان كل ما حصل عليه من مساعدات منذ لجوئه لم يتجاوز مائة دولار وما يعتمد عليه حاليا يقتصر على استعانة بعض الاهالي بخدماته في اوقات متباعدة حيث يعمل بشكل متقطع عندما يطلبه احدهم لاصلاح عطل كهربائي أو خلل في مولد كهرباء أو شبكة خطوط كهرباء منزلية.
وبين ان ما دفعه للنزوح الى غزة انه كان مطلوبا لاجهزة الأمن السورية مؤكدا أنه بالرغم من ذلك يتطلع للعودة الى دمشق قريباً رغم المخاطر المحيطة بذلك لافتا الى أن حالته وحالة سابقه تعبر عن احوال نحو خمس عشرة اسرة فلسطينية لجأت من سورية الى غزة وتعيش أوضاعا صعبة للغاية وليس هناك من جهة رسمية فلسطينية مسؤولة تتفقد أحوالهم المعيشية.