خبر البواعث الشخصية في مقابلة ديسكن الصحفية- اسرائيل اليوم

الساعة 11:48 ص|06 يناير 2013

 

بقلم: د. غابي أفيتال

يمكن ان نبدأ من النهاية: فلو ان رئيس "الشباك" السابق، يوفال ديسكن، عُين رئيسا للموساد كما توقع ان يحدث لكان واضحا ان المقابلة الصحفية التي لم يسبق لها مثيل في طولها والتي نشرت في نهاية الاسبوع في صحيفة "يديعوت احرونوت" ما كانت لتتم. وليس هذا سؤال "لو" متهربا؛ فقد كان يوفال ديسكن مرشحا متقدما لهذا المنصب حتى آخر لحظة. وعلى ذلك فلو كانت الايام كما كانت لقلقت جدا من حديثه عن رئيس الوزراء وعن وزير الدفاع. إنني قلق لأنه رسخ توجه وبدعة الهجوم على الجهاز الذي كنتَ فيه سنين كثيرة، فان لم تبلغ الى أعلى الهرم انبثقت سدود الصمت في كل اتجاه.

دارت المقابلة الصحفية على ثلاثة أقطاب: الهجوم على ايران ومفاوضة الفلسطينيين وشؤون مدنية كقانون طال والاحتجاج الاجتماعي. ويرتفع فوق كل ذلك غطاء دخان السيجار. سيجار بيبي وليبرمان وخمور باراك.

يقول أحد العناوين البارزة في المقابلة الصحفية ما يلي: "لم نشعر أنا وزملائي بالثقة بقدرة نتنياهو وباراك على قيادة عمل لمواجهة ايران. ولم نثق ببواعث هذين الشخصين. فالمصلحة الشخصية والانتهازية والحالية عندهما تأتي قبل المصلحة القومية". أي عمل يقصد ديسكن؟ أليس يعارض الهجوم على ايران؟. هل يقصد ديسكن ان يقول انه لو وُجد قادة آخرون لاعتمد عليهم ولكان من الممكن آنذاك فقط الهجوم على ايران؟.

وأخطر من ذلك ان ديسكن يشهد بأنه عارض هو ورفاقه، أو رفضوا اذا شئنا دقة أكبر، اعداد الجيش لامكانية هجوم. هل تسمعون؟ إن المستوى التنفيذي يرفض أمر المستوى القائد. انها مسألة عادة، لأن كل شيء يبدأ وينتهي عند قضايا التصور العام. يُجل ديسكن زعماء سابقين مثل رابين وبيرس وشارون واولمرت؛ في سياق فعلهم القيادي بالطبع. فقد جاءوا باوسلو وبالانفصال، ولم يستطع اولمرت ان يُحدث شيئا، تقريبا. وأعلم ان رابين قد كان يدخن في كل مباحثة وكل جلسة، وان اولمرت دخن السيجار، وكف بيرس عن التدخين ولم يشم شارون سيجارة. فهل كانت قراراتهم متزنة؟.

وكم سيجارا دخن تشرتشل؟ أفكانت طريقة ادارته للمعركة عن بريطانيا منقوصة؟ أوكانت الحرب العالمية الثانية ستنتهي الى نهاية مختلفة لو امتنع تشرتشل عن السيجار وشرب الخمر؟ مع فرق صغير هو ان وسائل الاعلام كلها أيدت تشرتشل.

يبدو هذا وكأنني أتعلق بالصغائر لكن لا تخطئوا، فهذا بالضبط ما تثيره قراءة المقابلة الصحفية. والى ان يخرج الثعبان من الكيس: يتحدث ديسكن عن الحريديين، وعن قانون طال، وعن الاحتجاج الاجتماعي، وعن الحاجة الى استغلال كل فرصة للسلام، أي دولتين للشعبين. انه سياسي يُسخن المحركات وهذا أمر مشروع تماما. كنت سأكون سعيدا لو أنه أصغى جيدا لكلام تشرتشل إذ قال: "الويل للزعماء الذين يطمئنون الآن على قمم النصر التي تُدير الرؤوس، اذا ضيعوا عند مائدة المباحثات ما فاز به الجنود في مئة ميدان قتال مروي بالدم".

قبل ان يخيفنا ديسكن ويُحذرنا من انتقاض داخلي هو أخطر كما قال من وجود قنبلة ذرية في ايران، من المناسب ان يسأل نفسه هل كانت البواعث الشخصية ومسألة التصور العام هي الباعثة على معظم ما ورد في اللقاء الصحفي وعلى اتخاذ قراراته هو في الأساس قبل ان ينقشع الدخان الذي يغطي الحقيقة.