خبر مُحادثة حماس- يديعوت

الساعة 09:35 ص|02 يناير 2013

مُحادثة حماس- يديعوت

بقلم: أفرايم هليفي

        مر أكثر من شهر منذ كانت عملية "عمود السحاب" فأصبح الجمهور في اسرائيل يحصر انتباهه في الانتخابات التي أخذت تقترب. ولا يشغل ما يجري في القطاع سوى قليل من الناخبين. فهم يرون ان حماس رفعت رأسها واستقر رأي الحكومة على أن يخرج الجيش الاسرائيلي في عملية خاطفة ليضرب المنظمات التي تعمل في القطاع وأن أهداف العملية أُحرزت كاملة.

        في خلال 1500 طلعة جوية سُحقت قوة حماس المقاتلة وقوة سائر المنظمات، وقُتل أكثر من 100 ارهابي وعلى رأسهم الجعبري، ودخلت مصر الى العملية كي تفضي الى إنهاء القتال وأسهمت الولايات المتحدة بنصيبها لتبارك النهاية الناجحة. وستحين في وقت ما بالطبع جولة قتال اخرى – وألمح رئيس الوزراء الى ذلك في كلامه – لكن من الصحيح الى الآن أنه لا حاجة الى صرف التفكير الى ذلك.

        إن كل ما قيل حق لكنه ليس الحقيقة كلها. فالى جانب الرضى المفهوم عن قدرة جهاز الأمن على اختلاف عناصره على إحداث نجاح استخباري وعملياتي قريب من الكامل كانت نتائج اخرى مهمة لعملية "عمود السحاب".

        شهدنا بدء تغيير مهم في سياسة اسرائيل نحو غزة – وهي ليست سياسة معلنة لكنها سياسة فعلية. فقد تم لأول مرة تحت غطاء سرية مباركة تفاوض مهم مع حماس في مستقبل القطاع وإن لم يكن ذلك بحوار مباشر بل بتوسط طرف ثالث. وقد انشأنا وهْما دبلوماسيا مكّن الطرفين، كل واحد بحسب مبادئه من الحفاظ على مذهبه العقائدي.

        خرج الطرفان رابحين من هذه الطريقة بازاء جمهوريهما، ويبدو من الصحيح الى الآن أنه يمكن التقدم في هذا الطريق في المستقبل ايضا. وقد مكّن اسرائيل من بين ما مكّنها منه من ان تتفضل فورا على حماس بزيادة عرض الشريط البحري الذي يُباح صيد السمك فيه لصيادي القطاع. وبدأت وجوه الصيادين المبتسمة تظهر فوق صفحات الصحف وشاشات وسائل الاعلام العربية والدولية.

        وتابعنا التفضل ونحن نُجيز الآن دخول قافلة جديدة من الحافلات الى القطاع وكميات من مواد البناء بنوعيات لم يكن يُسمح بها قبل ذلك. وسمحنا لخالد مشعل ان يزور القطاع لأول مرة سواء أكان ذلك بصراحة أم لا، وفي نفس الوقت مُنع دخول مسؤولين ايرانيين كبيرين، وزير الخارجية صالحي، ورئيس مجلس الشعب لاريجاني.

        يوميء متحدثون اسرائيليون الى أن استمرار الهدوء وربما ايضا تعويق دخول وسائل قتالية ايرانية جديدة عن طريق الأنفاق، سيفضيان الى تفضلات اخرى. وكلما تم حفظ تسلسل سلوك الطرفين ربما نشهد بدء استراتيجية اسرائيلية جديدة نحو القطاع مقرونة ايضا بسياسة نحو مصر التي يسيطر عليها الاخوان المسلمون وهم الحركة الأخت لحماس. وفي المزاوجة بين القاهرة والقدس يحتاج الطرفان الى وجبات من الايهام الدبلوماسي تُمكّن كيانين ذوي عقيدتين متناقضتين من أن يعيشا معا.

        كلما استطعنا ان نطور أنماط العمل هذه استطعنا ان نصوغ واقعا لا نحتاج فيه الى مجابهة العقيدة المتطرفة التي تنادي بالقضاء على اسرائيل، أما الطرف الثاني فلن يُطلب اليه ان يعرف بدولة يهودية تسيطر على أكثر الارض المقدسة. ولن نضطر ايضا الى مواجهة معضلة المبادرة الى عملية خاصة لاجتثاث حماس من القطاع.

        لم يكن للسلطة الفلسطينية لا يد ولا رجل في "عمود السحاب" ونتائجها. ويبدو أن حركة فتح ستضطر الى مواجهة الطلب المصري الجديد للمصالحة مع حماس. وربما يُسهل علينا سير الامور بيننا وبين حماس ألا نحتاج مرة بعد اخرى الى محاولة تصديع المجتمع الفلسطيني.

        في أيدينا مادة كثيرة للتفكير والفعل ووسائل مختلفة نستطيع استعمالها للدفع قدما بمصالح اسرائيل العملية.