خبر موسم التهديدات- هآرتس

الساعة 09:34 ص|02 يناير 2013

موسم التهديدات- هآرتس

بقلم: عميره هاس

 (المضمون: التهديدات والوعود التي تصدر عن مسؤولي السلطة الفلسطينية الكبار فارغة جوفاء لا يوجد من ورائها فعل حقيقي لتنفيذها - المصدر).

إن موسم التهديدات الفلسطينية في ذروته وإن كان التهديد للآذان الاسرائيلية وعداً لآذان من ضاقوا ذرعا بالاحتلال: تحويل الضعف الى نقطة امتياز في توازن القوى غير المتكافئة. وهو وعد بشيء ما يزعزع ويشوش على الارتياح العنيف الذي تواصل اسرائيل السيطرة على الفلسطينيين به.

صدرت ثلاثة وعود رئيسة عن متحدثين رسميين فلسطينيين في الاسابيع الاخيرة: فقد قال جبريل الرجوب لصحفيين اسرائيليين إن هجمات المستوطنين لن تمر بعد الآن مع عدم رد فلسطيني؛ وكان هناك وعد آخر هو أن يتجه الفلسطينيون الآن بعد تحسين منزلتهم في الامم المتحدة الى محكمة الجنايات الدولية، وكان آخر الامر – الوعد/ التحذير الذي سُمع من محمود عباس على مسامع براك ربيد في الاسبوع الماضي بأنه اذا استمر الجمود بعد الانتخابات فسيُسلم المفاتيح الى بنيامين نتنياهو.

توجد رسالة واحدة واضحة وصادقة وراء كل الوعود وهي ان المسؤولين الفلسطينيين الكبار قلقون حقا وصدقا من عمى المجتمع الاسرائيلي الذي هو على ثقة من ان النظام الثنائي الذي ترسخ قدمه بين النهر والبحر – دولة واحدة لليهود، ومحابس كثيرة للفلسطينيين – سيستمر الى الأبد.

لكن هل يوجد تخطيط وفعل يتجاوزان رسالة القلق والتصريحات؟ هنا يعترينا الشك. اذا كان يوجد احتمال ما للتوجه الى محكمة الجنايات الدولية فهو موجود فقط في موضوع المستوطنات (من تجربة دول افريقية يمكن ان تتحول دعوى قضائية على مجرمي حرب اسرائيليين الى سيف ذي حدّين وان تنتهي الى دعوى قضائية ايضا، أو فقط، على المبادرين لعمليات الانتحار مثلا). وهذا توجه يوجب وضعا يُختار فيه أفضل خبراء القانون الفلسطينيين بحسب مقدرتهم وتمسكهم باعتقادهم لا بحسب علاقاتهم الشخصية بفلان مهم أو قدراتهم على الترويج لأنفسهم، وأن يشتركوا معا ويعملوا معا وبتنسيق مع الجهات المدنية الكثيرة التي حشدت خبرة كبيرة بشأن المستوطنات، أي يُحتاج الى التنسيق وتركيز المعلومات والخبرة والعمل الجماعي بلا منافسة. وهو ما يميز نقصه كثيرا طريقة العمل الفلسطينية ويصعب احرازه في مدة قصيرة.

وماذا عن الوعد بالرد على اعتداءات المستوطنين؟ اذا كان الرجوب الذي حافظ على لغة غامضة قد قصد رد أفراد فقط فانه موجود. واذا كان قصد الى ان يتم توجيه أفراد شرطة السلطة الفلسطينية للدفاع عن أبناء شعبهم بدل احتجازهم والتحقيق معهم، والى رد هجمات المستوطنين، فما الذي ينتظرونه والى متى؟ والى ذلك فان كل حديث عن "رد" يعني معتقلين فلسطينيين آخرين. لكن السلطة الفلسطينية لم تستطع حتى الآن ان ترشد الشباب الذين يردون على الاحتلال صدورا عن آرائهم الخاصة الى كيفية السلوك في غرف التحقيق وفي المحاكم العسكرية. وما تزال السلطة الفلسطينية والمنظمات المختلفة تُسهل على الجهاز القضائي العسكري الاسرائيلي لأنها لا تقاطعه بل انها تسارع الى التوقيع على طلب صفقات قضائية. ولهذا لا يتوقع من غير تغيير أساسي في عمل الاجهزة والعلاقة بالجهاز القضائي العسكري، لا يتوقع رد فلسطيني حقيقي ومنظم على عنف المستوطنين (ما عدا التنديدات).

وفيما يتعلق بالتصريح عن تسليم نتنياهو المفاتيح: يحرص متحدثون فلسطينيون آخرون خصوصا على قول عكس ذلك وهو انه لا يمكن حلٌ مبادر اليه للسلطة الفلسطينية. إن الممكن هو انهيارها وبخاصة بسبب العقوبات الاقتصادية التي فرضتها اسرائيل خلافا للاتفاقات ولموقف العالم، وهذه هي التناقضات الداخلية. إن تصريح عباس وإن لم يكن ينبغي ان نُفسره تفسيرا حرفيا يكشف عن مبلغ تمسكه بالطريقة الدبلوماسية – النخبوية. فهو قادر على ان يتخيل تسليم المفاتيح لا الكفاح الشعبي الذي يحتاج بعكس الكفاح المسلح لأفراد الى تنسيق وتخطيط وتنظيم وايمان بقوة الشعب.