خبر لب الاختلاف- يديعوت

الساعة 09:24 ص|27 ديسمبر 2012

لب الاختلاف- يديعوت

بقلم: أ.ب يهوشع

يجدر الآن وقد بدأت جلبة الانتخابات، أن نحاول تحديد لب الاختلاف بين "الحمائم" و"الصقور" في دولة اسرائيل. وأنا أميل الى التمسك بصفتي حمائم وصقور لا يسار ويمين، لأن الجدل في الحل السياسي لا يجري بالضرورة بين يسار ويمين كما يُفهم هذان المصطلحان عقائديا في العالم كله.

ليس لب الاختلاف اليوم هو السلام، بقدر كبير. وفي الشخص المستعد لقبول صيغة جنيف شك في ان يكون الفلسطينيون والعالم العربي الذي يؤيدهم مستعدين للاكتفاء بدولة منزوعة السلاح في حدود 1967 مع مكانة قانونية في القدس، من غير عودة اللاجئين الى اسرائيل نفسها. وليس معسكر الحمائم بأكثريته الغالبة والذي تمثله احزاب اليسار والمركز في الانتخابات القادمة، مؤلفا من ناس ساذجين يهذون بهذيانات باطلة. وليسوا ايضا ناسا على يقين من أنه اذا تم التوقيع على اتفاق السلام وانسحبت اسرائيل من يهودا والسامرة فلن تستمر اعمال العداء. وفي المقابل فان معسكر الحمائم على اختلاف ألوانه وتوابعه يجب ان يناضل عن أمر مبدئي واحد ألا وهو وقف المسار الخطير الذي هو انزلاق بطيء لدولة اسرائيل نحو دولة ثنائية القومية تصبح كارثة للشعبين.

هذا هو لب الاختلاف بين المعسكرين. وبازاء الحقائق القاسية التي هي التوسيع الدائم للمستوطنات تحايلا بكتل الاستيطان، وعدم اخلاء البؤر الاستيطانية والبناء الأهوج في الأساس في المناطق التي لم تكن قط منسوبة الى القدس جغرافيا وتاريخيا، وبازاء مسيرة العمى التاريخي والهذيان السكاني التي يتم فيها الربط في السنين الاخيرة بشكل أساسي بين شعبين يختلف بعضهما عن بعض جدا، يجب أن يقوم في الانتخابات القريبة موقف قاطع لا لبس فيه يقول: قِفوا. لأنه من الممكن جدا ان يكون الفلسطينيون الذين يرفضون بعناد غير مفهوم في ظاهر الأمر التفاوض مع الاسرائيليين، قد يكونون معنيين في الحقيقة بجر اسرائيل الى شرك دولة ثنائية القومية وأنهم يرعون وهماً صابرا لأن تتحول هذه الدولة ثنائية القومية على مر السنين الى دولة فلسطينية من النهر الى البحر.

برغم ان حكومة اسرائيل الحالية خصصت للفلسطينيين دور "البطانة" في الثوب الثنائي القومية الذي أخذ يُنسج في دأب، فعليهم ان يعلموا ان "البطانة" ايضا يمكنها ان تشق الثوب الكامل ذات يوم. وقد رأينا في السنين الأخيرة كيف يهب بين عشية وضحاها سكان كانوا يبدون في ظاهر الأمر في سكون ويمزقون السلطة الحاكمة إربا إربا. ان المتدينين ليس عندهم مبدئيا خوف من دولة ثنائية القومية. فالهوية الدينية اليهودية هي "هوية متنقلة" تُصاغ من تلقاء نفسها ولها تجربة تاريخية للصمود مئات السنين بين ظهراني حضارات مختلفة وعجيبة وبين شعوب ذوي أديان مختلفة. فمن المؤكد أنهم لا تؤثر فيهم أية ثنائية قومية ولا سيما حينما يدافع الجيش الاسرائيلي عنها.

لكن لب الجدل مع القادة العلمانيين لمعسكر اليمين. فقد نسي اولئك الذين يرعون في ظاهر الأمر نظرية جابوتنسكي أنه حينما تحدث استاذهم وكبيرهم في ثلاثينيات القرن الماضي عن ضفتي الاردن، كان في العالم 18 مليون يهودي كان الجزء الأكبر منهم محتاجا احتياجا يائسا الى دولة يهودية، في حين كان عدد العرب الفلسطينيين أقل من مليون. ولهذا كان جابوتنسكي يستطيع ان يتنبأ بدولة ذات أكثرية يهودية غالبة تعيش فيها أقلية عربية ذات حقوق كاملة. لكن اليوم أصبحنا على شفا دولة ثنائية القومية، ويزعم كثيرون من المطلعين الخبراء بما يحدث على الارض أنه لم يعد من الممكن وقف المسار. بيد أنهم حتى لو كانوا صادقين فانه من الممكن الى الآن أن نُليّن الشر المريض الذي ينتظرنا في حل المحابس وترتيبات الجنسية المزدوجة.

لهذا فان لب لباب الجدل بين الصقور والحمائم في الانتخابات القريبة ليس في السلام ولا في العزلة الدولية ولا في فصل الدين عن الدولة. لأنه يمكن الاستمرار في اجراء عروض لا نهاية لها حول هذه الشؤون. ان ما يجب ان يكون طلبا عمليا واضحا هو الوقف الفوري لمشروع الاستيطان في كل مكان. وهذا هو الشرط الأول الرئيس الذي ينبغي عدم التنازل عنه لكل مشاركة ائتلافية ممكنة لمعسكر الحمائم على اختلاف مكوناته في حكومة نتنياهو الثالثة.